الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

فى مثل هذا اليوم

لسبب خفى، شيئًا ما يربطنى نفسيًا بمطالعة ذكريات " الفيس بوك" التى يُذكرّك فيها الموقع بما كتبته فى مثل هذا اليوم منذ سنوات مضت، انتظر أن تنتصف الساعة لتدق الثانية عشرة صباحًا، أنبش فى الذكريات، وحينها فقط أشعر أننى " خلّصت الواجب" فيمكننى أن أنام، أما قبل مطالعتها فثمة شىء ناقص فى يومى.


أجاد مارك زوكيربيرج، حينما استحدث تطبيق On This Day، ذلك التطبيق المناسب تمامًا لضحايا النوستالجيا، إذ يُمكّنك من الامساك بلحظة مضت، يعيد الزمن إليك بالتكنولوجيا، ويعيد إحياء مشاعر بداخلك ارتبطت بتلك اللحظات بالتكنولوجيا، حتى تلك الذكريات ثقيلة الوقع على القلب التى يُعيدك لها، يظل لها سحرها الخاص، ربما هو سحر  تذكيرك بأنك بطل لاجتيازك أوقات صعبة بينما مازلت صامدًا.


أطالع التطبيق وابتسم فى داخلى، تسيطر على رأسى فكرة : " أنا كبرت.. كلنا كبرنا"،  لا طريقة الكلام هى نفسها، ولا الموضوعات أو الاهتمامات هى ذاتها، وربما فى بعض الحالات ولا هم نفس الأشخاص حتى، لا لأنهم تغيروا، بل لأن بعضهم أنهى مرحلة وجوده فى حياتنا ومضى فى طريق مغاير بعدما اختلفت بنا السبل.
 


تنظر لما كتبته من سنة أو سنوات على حسابك الشخصى، لتدرك أن التغيير يحدث حتى وإن لم تدرك أو تشعر به، ربما عبّر ذلك القول المأثور عن تلك الفكرة: "Isn't it funny how day by day nothing changes, but when you look back everything is different".. إذن فلنزعم كيفما شئنا أن لا شىء يتغير، لكن فى حقيقة الأمر فكل شىء فينا وحولنا يتغير، أو كما يُقال، فالتغيير هو الشىء الوحيد الثابت.


انظُر لما نشرته فى سنوات سابقة، ولما نشرته مؤخرًا، وأُدرك المعنى الحقيقى لجوهر التغيير الذى تتكفل الأيام بنحته فى شخصيتك، وربما هو التغيير الأجمل أثرًا فى نفسى، وذلك حينما تدرك كيف ازددت صلابة فى مواجهة الأيام، أنظر فى منشوراتى القديمة من تلك السنوات البعيدة فأجد الحزن يسيطر عليها، ولا اتذكر لما كنت بكل هذه الدراما، لا سبب جوهري أذكره.. لا مشكلة حقيقية، ربما هى طبيعة مرحلة عمرية،  ثم أنظر لمنشورات قريبة فأجدنى أضحك هنا.. وأغنى هناك، رغم أننى عاصرت أوقاتًا عصيبة للغاية تزامنت مع تلك المنشورات، فأدرك  أن  صمود المرء واختلاف استجابته على  بعض المعطيات الحياتية الدرامية من حوله هو أيضًا طبيعة مرحلة عمرية، وهو أحد أحب تغييرات هذه المرحلة إلى قلبى. 


وبقدر ما تؤكد ذكريات الفيس بوك ديناميكية الحياة وتغيراتها، بقدر ما تجعلنى أقف طويلاً أمام أولئك الثابتين بوجودهم على مر السنين.. أولئك الذين يكبرون معك سنًا وفكرًا، أولئك الذين لم تنعكس التغييرات على مكانتهم فى قلوبنا أو مكانتنا فى قلوبهم، هؤلاء الذين تقبلوا تغيراتنا وقبلوا بها، فقبلناهم وآلفناهم فى كل نسخة منهم، أتوقف أمامهم وأبتهل فى داخلى ألا يتحولوا فى يوم ما لذكرى، وأردد ما غناه آدم يومًا : " بكير نتذكر.. باقى عمر أكتر".