الأربعاء، 12 يونيو 2013

منظور آخر


مشهد1: ( فى المنزل صباحا ً )


أيام متوالية من النوم المتقطع بعد ساعات طويلة أقضيها فى محاولة للنوم  يظهر تأثيرها المتراكم فجأة ، إستيقاظ مبكر تقتضيه ظروف العمل ، عظام متيبسة و بوادر صداع، مزاج متعكر إلى حد ما .


إفطار سريع أتناوله فى المطبخ دون إستطعام ما يدخل حلقى ..أتناول فقط ذلك الساندويتش الصغير خوفا ً من الهبوط الذى يداهمنى فى الصيف دائماً ، خاصة مع ذلك اليوم الطويل المُسجى الذى على ّ مواجهته.


دقيقة و يغلى الماء..أنتظر فى المطبخ و أنا أحملق فى اللا شىء..أسكب النسكافيه فى المج و من فوقه الماء و بعض اللبن ، أبدأ فى التقليب ،ثم أنتظر ثوانى فى محاولة لإستجماع ذهنى ..هل وضعت السكر ؟  


ألتقط المج بعد أن أسكب بعضا ً منه سهوا ً ، ثم أتجه من جديد لفراشى.. أصبحت عادة أن أرتشف  مج النسكافيه الصباحى و أنا متكئة على فراشى و الأنوار مُطفأة..و بالمناسبة يزعجنى جدا ً إذا بادرنى أحدهم بإضاءة الأنوار قبل أن أستعد لذلك..بالطبع يتطلب الأمر إستعداد..كثيراً ما أتخيل أن تلك الدقائق التى تنقضى فى تناول إفطارى هى إمتداد لساعات نومى القليلة..أشعر فيها أننى مازلت نائمة و بالقطع يزعجنى أن أنام فى الضوء..فقط عند تلك اللحظة التى أنتهى فيها من إحتساء النسكافية أصبح فيها مستعدة لمواجهة النور..و مواجهة اليوم ، و ليس للنسكافيه شأن فى ذلك..يمكن إعتباره أمر نفسى .

مشهد 2: ( فى المواصلات )


تعكر المزاج ما زال يفرض نفسه لا على ملامح وجهى..و إنما على منظورى لكل الأشياء طوال الطريق..أشعر مع ذلك السائق الذى يسير عكسيا ً بينما يتعارك بوقاحة مع سائق الميكروباص الذى يسير هو الآخر عكسياً بينما يهاجم كلاً منهمإ الآخر لجرم السير عكسيا ً، و مع ذلك الميكرباص الذى يقف خلفه شارعا ً بأكمله إلى أن ينتهى من تبادل السجائر مع سائق الميكروباص المجاور أن العالم ملىء بالأوغاد.. حتى مجموعة الفتيات تلك اللاتى  تجلسن خلفى وتتبادلن مجموعة من القصص المراهقة ينقلن لى الإحساس بالإبتذال ..


أؤنب ضميرى طوال الطريق أننى لم أستقل تاكسى اليوم..حالة مثل تلك تتطلب عدم الإختلاط بالبشر لأقصى درجة ممكنة..أو ربما تتطلب الوجود وسط ناس لأننى لست فى أقصى درجات وعيى التى يتطلبها ركوب تاكسى فى مثل هذه المرحلة..لست قادرة على التحديد.


يشفع لى فقط وضوحى مع نفسى..ليس السائق الأول و لا الثانى و لا مجموعة الفتيات هم المشكلة..هى أشياء من فرط تكرارها تصل لمرحلة الإعتياد عليها..المشكلة فى تعكر مزاجى..فى منظورى أنا للأشياء و أنا فى تلك الحالة .

يتطور الأمر قليلا ً مع تلك الأغنية الشعبية التى يسمعها السائق و يفرض على الجميع الإستماع إليها عبرتشغيلها بدرجة صوت توحى لك بأنه أصم ، أو شرير ينوى إيذاء جميع الركاب " و العكننة عليهم ع الصبح " ، أو ربما هش المشاعر يحتاج دعما ً و مشاركة معنوية ، يتبادر إلى ذهنى ستاتس صديقتى التى كتبتها يوما ً على الفيس بوك : " ليه كل سواقين الميكروباصات مجروحين عاطفياً ؟! " – يتطور الأمر بأن تنقلب تلك المأساة الموسيقية لنوبة ضحك عارمة أصارعها لكيلا أنفجر أمام الجميع فأبدو كالبلهاء..و ربما أبدو على قدر أكبر من البلاهة و أنا أجاهد الضحكة  فأبدو كاللمبى حينما حاول كتم دخان السجائر حتى لا يتسلل من رأسه ..لا أذكر اسم الفيلم بالمناسبة.


تتسلل بهجة من نوع ما إلى قلبى..لا بفعل الأغانى الشعبية و إنما بتخيل مؤدوها وقت التسجيل ..تزداد البهجة و أنا أحملق فى السائق " اللى واخد الأغنية على قلبه "  ..ابتسم و أتابع النظر فى الطريق .


مشهد 3 : ( فى العمل )

أبادر زملاء العمل بالضحك المبالغ فيه ، بالتطرق لأحاديث مختلفة ، بالإستسلام للعمل بشراهة ، أتصور أن ذلك يحمينى من الإستفسار عن حالى ، أنا حقا ً بحال جيدة  ...إلا قليلا ً ..أو كثيرا ً ..أو قد لا أكون بحال جيدة.. ربما أنا مشوشة  و بعيدة عن الصفاء الذهنى ..إذن فالضحك المبالغ فيه وكثرة الأحاديث لا بأس بها..هى حل مقبول بدلا  ً من عناء الشرح.. أحسبنى نجحت فى "الغلوشة" ..إلى أن يسألنى أحدهم : " مرهقة ؟  شكلك تعبان " ..يفاجئنى السؤال و يدور فى ذهنى " و بالنسبة لكل التمثيل دة منفعش " ..أبتسم و أكتفى بقول " ما بنامش كويس " .

مشهد 4 : ( العودة للمنزل )



أعود بعد يوم مُسجى حقا ً ..حالة أشبه بالهزيان تنتابنى من قلة النوم و الإجهاد..الجديد نوبات من فقدان التوازن للحظات ثم أعود بعدها لطبيعتى .. جائعة و لا أقوى على تجهيز طعام لنفسى..أستقر على أن آخذ قسط سريع من الراحة و بعدها أتناول الطعام ..أجدنى أقم بتشغيل اللاب التوب.. أتصفح حسابى على الفيس بوك و أنا فى شبه غيبوبة ..لا أقوى حتى معها الضغط على زر الــ " لايك".



تعود حالة فقدان التوازن اللحظى من جديد..أرى أسماء أصدقائى تتداخل .. أرى ذلك الصديق الثورى ينشرمشاركات عن قائمة الأغانى الأجنبية الأفضل خلال الأسبوع ، و تلك الصديقة التى يغلب على ما تنشره ما يهم ربات البيوت قد باتت تتحدث  بفلسفة عميقة ، أدقق النظر فإذا بذلك البروفايل الوقور جدا ً يطل صاحبه و هو يضع بروفايل بيكتشر له أيام المراهقة ..معالجة ببرنامج عقيم بحيث تظهر بعض القلوب حول صورته ..


 أغلق شاشة اللاب توب ..

أستند بظهرى إلى الحائط أغمض عيناى لدقائق طويلة..غيبوبة تسمع معها كل الأصوات حولك بدقة..

أعيد فتح عيناى و شاشة اللاب توب..أعيد النظر فى صفحتى الرئيسية على الفيس بوك..فأجد صديقى الثورى يواصل ثوريته ..و صديقتى تطل على ّ بنصائح حول أفضل طرق تلميع الأسطح الخشبية ، أما الوقور فلا أجده قد نشر على صفحته شيئا ً منذ مدة ..كان أخر ما كتبه منذ أسبوع " لا يوجد ما يستحق التعليق  ."
أشعر بإرتياح إلى حد ما..ربما كان ما رأيته منذ قليل مجرد إرهاق أضفى على الأشياء  منظور آخر .


 مشهد 5 : ( على الفراش إستعدادا ً للنوم )



   إستيقاظ تـــــــــــــــــــام !