الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

بلوتو الدور الرابع 11- تنمية بشرية

عزيزى الفضائى على ..
                        بعد السلام و التحية

أكتب لك خطابى الحادى عشر ،بينما استمع لتلك المقطوعة الرائعة من فيلم  الكيت كات :  "بسكاليا "  ، لن استرسل فى الحكى لك عن الفيلم و لا عن المقطوعة..ولا حتى عن الشيخ حسنى..بإمكانك عمل سيرش عنهم جميعاً بواسطة تلك السيرفرات الموجودة فى رأسك ..اعتقد اننا سوّينا هذه الإشكالية فى خطاب سابق ،وانتهينا إلى حل وسط يقتضى بأنه حينما أحدثك عن شىء فى كوكبنا لا تستطيع فهمه  بإمكانك البحث عنه لتخيل ما أقصد..أو فقط بإمكانك أن تعيرنى بعضاً من انتباهك..وشيئاً من الاستماع الصادق،فتذوب الإشكالية وكأنها لم تكن.


صدّقنى يا على لا يهّم أن تفهم كل ما أقول..المهم أن تتفهم أهمية الاستماع ..وأن تحاول أن تفهم..فقط المحاولة بإمكانها أن تغفر لك ،حتى وإن كانت النتيجة  سلبية..لكن سيظل فى النهاية هناك أمر جميل..وهو أنك حاولت..محاولة مخلصة..لا إدّعاء بالمحاولة تشهره فى وجهى لتخليص ضميرك لا أكثر.



المهم..
طالما قرأت مؤخراً عن أخبار بشأن ارتطامات متوقعة بالأرض من نيزك ما..أو اقتراب شهاب ما من الأرض لدرجة غير مسبوقة، أتخيل فى كل مرة أنك  ستكون جزءً من الحدث..وإنى سأراك تقود مركبتك الفضائية بمهارة تستحق الاندهاش من فرط دقتها..لكن مهما شطح بى الخيال وعبث برأسى لا أستطع أبداً تصور أننى أحتسى النسكافيه معك وأخبرك بعضاً مما يجول فى خاطرى،بينما الكوكب تغمره ألسنة لهب،وتزدحم الطرق بصفوف طويلة من السيارات التى يحاول أصحابها الهرب بعيداَ عن غزو الفضائيين ..فيتسببون فى مزيد من الهلع والعشوائية ،النسكافيه و الاسترسال فى الحكى يحتاجا صورة أكثر كلاسيكية بدلاً من هذه الفوضى.

لذا دعنى أخبرك عن كل هذا الكلام المؤجل ،لأنه على ما يبدو لن يرتطم أبداً أى نيزك بالأرض ..وماهذه الأخبار إلا ترهات صحفية ..صارت من فرط تكراراها لا تحرك بداخلك أى مشاعر نحوها..لا بالتصديق ولا بالتكذيب ولا حتى بالاشمئزاز منها..مجرد أخبار لا تملك مع قرائتها إلا النظر لها نظرة باردة لا تنّم عن أى مشاعر..تماماً كنظرة دينزل واشنطن فى فيلمه الأخير The Equalizer  ..و بالمناسبة هى نظرة مثالية جداً تليق بكثير من الأمور الحياتية حولك.



كنت أفكر مؤخراً يا صديقى فى جدوى كل تلك الأمور المؤلمة التى قد يصادفها المرء فى حياته..ودعنا نترك التجربة من منظور حكمة الله و ابتلاءه لك ..دعنا نستخلص سوياً بعض الأمور المستفادة من كل هذه الأوجاع على صعيد إنسانى بحت..
ستندهش يا على من نفسك حينما تختبر الألم..ستصمد فى وقت تتوقع فيه الانهيار،بينما تنهار فى وقت لا يستدعى تلك الاستجابة..سيكون درساً عليك الانتباه له : أنت لا تعرف حقيقتك كما تظن..بل تعرفها مع الوقت ..تماماً كما تحتاج لفترة من الوقت و بعضاً من المواقف لتظهر لك حقيقة شخص أخر..ينطبق الأمر ذاته مع نفسك صدقنى..و بالمناسبة تقترب أكثر ما يمكن من نفسك فى الأحداث الاستثنائية..و ليس فى المواقف العادية الروتينية المألوفة.



اكتشفت أيضاً يا صديقى أنه لن يكفيك أن تكون شخصاً مسالماً  لا يؤذى غيره حتى تسلم من سخافات الآخرين..لن يدفع ذلك المشاكل بعيداً عنك ..وربما يقودك هذا للجنون ويجعلك ترى العالم حفنة من الأوغاد..ولكن ثق دائماً و أبداً أن نيتك الصافية ستقودك لنهاية كنيتك..العدل موجود يا صديقى..حتى و إن كان مجرد قطرات صغيرة ..لكن يوماً ما سيقتص لنا الله ويمطرنا بعدله..حتى وإن لم نعاصر ذلك اليوم فى حياتنا..مجرد اليقين من داخلك بعدل الله..يجلب لك سكينة عميقة ..ويشعرك بمواساة حقيقية.



الألم والفقد و العثرات الحياتية و الخذلان و المرض ..إلى أخر ذلك من كل التجارب المؤلمة..جزء من الحياة يا صديقى..لذا لن يُجديك نفعاً ترديد ذلك السؤال العبثى : لماذا أنا ؟ ..أعرف يا صديقى أن هذا السؤال يتسلل لخلفية عقلك فى كثير من الأمور التى تواجهها،حتى و إن طردته سريعاً من رأسك و استغفرت خالقك..نظل فى النهاية كائنات ضعيفة تتسلل إليها تلك الأسئلة من ثقب ما  فى نفوسنا الهشة الضعيفة، لذا عليك أن تساعد نفسك فى مواجهة هذا السؤال..ضع فى يقينك أن كل هذه التجارب جزء من اكتمال تجربتك الإنسانية ..عليك أن تعاصر شتى المعانى ومختلفها لتكتمل تجربتك الحياتية  ..هوّن عليك بترديد هذا على نفسك: كل هذه التجارب جزء من اكتمال تجربتك الإنسانية..جزء من خبرة حياتية ستصقلك وتعينك على مواجهة الأيام..صدقنى يا على هذا الكليشيه المستهلك بأن كل تجربة حياتية مزعجة تعيد تشكيلك على هيئة شخص أقوى..حقيقى..حقيقى تماماً..
دعنى أضرب لك مثلاً يقرّب لك ما أقصد: إذا واجهت مشكلة ما..ألا تلجأ لشخص عايش أمر مشابه لاستشارته؟..ألا تشعر أن مَن مر بتجربة مماثلة وحده القادر على فهم ما تمر أنت به؟..هذا ما أقصد يا صديقى بالضبط ..مرورك بتجربة ما حتى و إن كانت موجعة..يضيف لك فى النهاية معنى جديد ..يضيف عمق لتجربتك الإنسانية..يزيد من عمق معرفتك ببواطن الأشياء


وبالمناسبة..إياك أن تلقى بنفسك فى دائرة المقارنات مع غيرك..إياك يا على ..فكما يقول ذلك القول المأثور: 

" comparison is the thief of joy"..المقارنة هى لص السعادة يا صديقى..لذا عليك أن تفر من هذا السؤال المستهلك " لماذا أنا " كلما أطل على راسك..عليك أن تجاهده قدر استطاعتك.



وحتى لأ أطيل عليك يا صديقى بقى لى أن أخبرك أنه عليك ألا تفزع ..لا تفزع ..حاول قدر الإمكان..أعرف أن المسألة ليست بهذه السهولة و لكن حاول ..حاول قدر الإمكان ألا تضخم كارثية ما تمر به أياً كانت كارثيته..حاول ألا تستهلك نفساً أكثر من اللازم..أضعف..أحزن..لا ضير فى ذلك،ولكن فقط تذكر أنه فى نقطة ما عليك أن تجرى عمليات إفاقة لنفسك،وضع فى يقينك أنه حتى وإن كان دعم الأخرين مطلوب ..لكن فى النهاية  تظل أنت بطل قصتك،وحدك القادر على ترتيب فوضى نفسك بشكل حقيقى،أما السبيل لتحقيق ذلك ففقط بإيمانك أننا لن نخرج من هذه الحياة أحياء على أيةَ حال..إذن ..فلتتعثر.. فلتفقد مَن تفقد..وتخسر ما تخسر..ولكن فز بنفسك على الأقل ..بنْفس محبة للحياة قدر الإمكان،وفى حدود ما تتيحه لك الحياة..نفس غير ناقمة و لا قانطة.


اعذر لى نغمة التنمية البشرية  فى خطابى..لكن ربما نحتاج أحياناً تذكير أنفسنا بهذه الأشياء.. التذكير بأننا جميعاً كالشيخ حسنى ..صحيح أننا نقود الدراجة البخارية دون سيطرة حقيقة على خط سيرها..لكن يبقى متاح لنا فى النهاية أن نستمتع بتجربة قيادتها فى كل الأحوال.



دمت بعيداً عن كل ألم و خذلان وفقد يا صديقى..ودمت قوياً إن عاصرت تلك التجارب

من كوكب الأرض

               مع تحياتى ،،



الاثنين، 15 سبتمبر 2014

بلوتو الدور الرابع 10- مين ابن مين ؟

عزيزى على ..صديقى الفضائى
                   

   
هل أخبرتك يوماً يا على أنك أول من يطل فى رأسى حينما أشعر أننى بحاجة إلى الكلام.. أشعر أحياناً بأنانية مفرطة منى إذ أتذكرك و أهرع إليك وقت حاجتى ..و لكن أرجوك لا تتعامل مع الأمر بهذا المنظور الضيق ،،وفكر فيما هو أبعد و أعمق من ذلك، يقولون يا صديقى أن بإمكان المرء نسيان من شاطره الضحك..ولكن من الصعب عليه نسيان من شاطره حزنه..رابط الحزن أقوى و أعمق يا صديقى ..وبطبيعة شخصية مثلى ربما تجد صعوبة فى الحكى  ..فسلاسة حكيى معك ربما تخبرك عن مكانتك فى قلبى .


أما بعد أن شرحت لك ما أعلم يقيناً أنك تعرفه..ولكن وجدت ضرورة للتأكيد عليه حتى يتجدد المعنى داخلك..دعنى أسألك،كيف حالك يا صديقى ؟


أتمنى أن تكون أفضل حالاً منى ..و لا تكون صريع تلك الحالة من التوهان..هل عاهدت يا على حالة عدم اليقين تجاه أى شىء بشكل كامل ؟ أن تقف مع نفسك أمام ما تمنيته طويلاً لتسأل نفسك هل بالفعل هذا ما تتمناه ؟

أيهما أفضل يا صديقى فى رأيك ..أن تنال ما تريده فوراً دون أوقات طويلة من الاستهلاك لنفسك سعياً وراءه، ثم تكتشف عدم مناسبته لك بعد انغماسك فى التجربة ؟ أم أن تستهلك نفسك طويلاً فى التأكد أولاً من مناسبته لك قبل ان تكون ألقيت بنفسك فى دائرة التجربة ؟


لا تتسرع فى الإجابة يا صديقى ..إجابة السؤال تعجيزية على أى حال و لا تبدو بالبساطة المتوقعة ..فإن قررت أن تحسم أمرك سريعاً و تُقبل على التجربة على اعتبار أن الحياة برمتها تجربة،فأنت عرضة للاستهلاك النفسى القاتل إن لم تكن النتيجة فى صالحك،خاصةً إن لم تكن من الأشخاص التى بإمكانها المرور على تجاربها الحياتية بعملية..فيدخلون فى تجربة و يخرجون من أخرى بخفة شديدة أجدها غريبة للغاية،،أما إن كنت تأخذ وقتك الكافى للتأكد من الأمر قبل إقدامك عليه فأنت أيضاً عرضة للاستهلاك النفسى من طول الانتظار لاستيضاح الأمور،و عرضة أيضاً لأن ترى كل شىء  باهتاً  ولا يتسحق أبداً مرارة و عناء الانتظار إذا ظللت تراوغه كثيراً و ظل يعصاك طويلاً..فماذا إذن يا صديقى ؟!


تحولت فجاة الحياة فى نظرى يا على لمجموعة من الأسئلة الممتدة على مر الصبر..أنظر فى الأفق فلا أجد نهاية مريحة ولا حالة بإمكانك أن تجزم أن بلوغك إياها سيعطى لروحك هدنة لالتقاط الأنفاس من هذا الإرهاق الحياتى المزعج ..أتغاضى عن ذلك و أحياها يوماً بيوم فيحيط بى الخوف و شبح الأسئلة من كل جانب ..فتكتشف فجأة أنك مازلت صغير و ضئيل جداً أمام الحياة..وهو شعور قاتل يا صديقى لو تعلم ..ذلك الشعور بأن تقف غير مستوعب مكانك وسط دائرة مفرغة  ترتبط فيها البدايات و النهايات و تتداخل،تقف ولسان حالك يردد بسذاجة مطلقة: " يعنى مين ابن مين دلوقتى " ؟!


هل تعرف ذلك المشهد العبقرى لجوليا روبرتس فى فيلم EAT..PRAY..LOVE ..حينما استرسلت فى البكاء مخاطبة الله ..تبكى و تطلب من الله أن يُلّقنها ما يجب أن تفعله ،وسوف تفعله على الفور..لا أجد مشهد أكثر منه قدرة على التعبير عنى حالياً يا على ..أريد فقط أن أعرف ما يتوجب علىّ فعله،وأنا سأفعله ..فلم أعد أمتلك الإجابات و لا القدرة على إتخاذ القرار المناسب حيال أى شىء مهما بلغت تفاهته..هل تعرف إرتخاء العضلات يا صديقى ..يبدو أنها  حالة لا تنحصر  فى الطب فقط..ربما تداهمك أيضاً حالة مماثلة على الصعيد الحياتى..إرتخاء تام فى فصوص مخك  يحول دون استيعابك للأشياء من حولك..عصيان تام من كافة عضلات جسمك التى تأبى أن تستجيب لك للتحرك حتى فى حدود متر ..حالة من اللا تفكير ..من اللا حركة  تجعلك غير قادر على  التفاعل مع كافة معطيات الحياة حولك!


أما ما يُثير دهشتى يا صديقى فهو سير الأمور بمنطق معاكس،،ففى الوقت الذى تظن  فيه أنك قد كبرت ومن المفترض أن تكون قدرتك على إتخاذ القرارات أسهل ..تجد أن مرحلة إتخاذ قرار هى الأصعب على الإطلاق..و أن كل قرار يؤثر بشكل أو بأخر على شكل حياتك القادمة ..فتكتشف أنك كبير صورياً يا صديقى ..صوريا ً فقط .


ربما كتبت زميلة لى عن أمر مماثل على صفحتها على الفيس بوك قريباً..وصاغت الحالة ببساطة شديدة  ،حينما قالت أنها حرمت نفسها طويلاً من الاستمتاع بأنواع طعام عديدة لمجرد ذلك الهاجس بداخلها أنها تعرف نفسها جيداً..وتعرف أنها لن تحب هذه الأطعمة..ثم استرسلت حكيها مسدِدة لنفسها سبة  بمنتهى التصالح مع النفس لتؤكد أنها لا تعرف شيئاً..و أننا جميعاُ لا نعرف  شيئاً.


الخلاصة يا صديقى ..أن هذا ما استخلصته من الأوقات القصيرة الماضية : أنت صغير جداً مهما كبرت ..ربما كان حميد الشاعرى و عمرو دياب ذوا بُعد نظر حينما تغنا بذلك..

الحقيقة يا صديقى إن احنا صغيرين أوى يا على ..وثناء جميل قالتها من زمان:" احنا صغيرين أوى يا سيد"!


هيييه..ما علينا
من كوكب الأرض ..مع تحياتى ،،

السبت، 23 أغسطس 2014

اكتفاء ذاتى

يُقال أن المرء  يكتشف نفسه شخصياً بمرور الوقت..


تتقدم بك السنوات فتصبح أكثر قرباً من ذاتك،أكثر قدرة على التمييز بين ما تشتهيه و ما تشتهى أن يكون بينك و بينه مسافات بحجم هذا الكون ..


صحيح قد تعجز كثيراً عن أن تكون فعلياً كما ترسم فى مخيلتك تماماً..لكن على الأقل تكتسب تلك القدرة على التمييز مع الوقت ..تكون محظوظ جداً إذا كان لك نفساً طويلاً  للسير ضد المألوف؛ لتنتشل نفسك من الإطار المرسوم لك ..ذلك الإطار الذى شببت و لنفسك فيه مكان دون تدخل صريح منك،،تكون محظوظ جداً إذا كان لك نفساً طويلاً  للسير ضد المألوف؛لتضع نفسك فى ذلك الإطار الجميل الذى يداعب خيالك بعد أن أعلنت نفسك عن نفسها..بعد أن أكتشفت لنفسك صوت ..و لوجودك صيغة ..صحيح أيضاً أنها قد لا تكون هى الصيغة المعتادة حولك.. غالباً لا تكون هى الصيغة المعتادة حولك..و لذلك فجميعنا يعانى..جميعنا مرهق ..جميعنا جزء من ذلك الصراع بين صيغة يتمناها ..و صيغة يعتادها محيطه الإجتماعى .


ربما قد يكون الرابط بين تلك الديباجة و بين  ما سأقوله الآن ساذج للغاية ..و لكن ..ثمة رابط بينهما ..ربما  الرابط هو بعض الاكتشافات  التى أدهشتنى أنا شخصياً من نفسى ..


" عايزة أجيب ماكينة خياطة..اه والله  " 


تخيل معى ..ماكينة خياطة صغيرة تُغنينى عن تلك المشاوير ثقيلة الوقع على قلبى لإجراء تعديلات على ملابسى عند عم عبده الترزى ..لا عداء شخصى بينى و بين عم عبده ..بل على العكس أجده شخص طيب ..و لكن مؤخراً  صار تركيزه منقوصاً لدرجة تكلفنى وقت و فلوس أيضاً..أترك لديه بعض قطع الملابس ..اشرح له تفصيلاً ما أريد إدخاله عليها من تعديلات..يطلب منى المرور بعد وقت معين..أمر عليه بعد ما حدده لى من وقت لأضمن أن يكون قد أنتهى ...أمر عليه فلا أجده قد بدأ فى حياكة ملابسى من الأساس..يعتذر و يبدأ فيها على عجل..أتذمر و أخفى تذمرى عنه..آخذ ملابسى و أعود إلى منزلى فلا أجده قد نفّذ المطلوب..أتمتم  بضحر " أومال خدت الفلوس ليه يا عم ...عبده ! " 


ستنتهى مشاويرى البائسة لعم عبده..سأوفر تلك المَبالغ التى يتقضاها و التى أظنها مُبالغ فيها بعض الشىء..سأفرح..أعلم أنى سأفرح بتلك الإنتصارات الساذجة الصغيرة كأن أعيد تضييق بلوزة ..أو تقصير بنطلون..ربما سأندمج مع ماكينتى و أبدأ فى التفصيل ..و لم لا..ربما سأحيك لى و لصديقاتى فساتين مزركشة مبهجة ..


يتسلل إلى مخيلتى مشهد " ذات/ نيللى كريم " وهى تجلس على ماكينتها باندماج شديد بينما أمام التليفزيون يجتمع أفراد أسرتها فى ليلة عائلية دافئة ..أتذكر زوجها "عبد المجيد / باسم سمرة" ،وهو يصيح فيها  متهماً إياها بإنفاق أموالها على ما لا طائل من وراءه بعد شرائها للماكينة ..


ابتسم ..أظن أننى الآن فهمت ذات..فهمت ذلك الشعور الأنثوى البحث الذى يتملك نفوسنا نحن الإناث عند الشعور بأننا قادرات و أننا لا نحتاج لغيرنا ..لا يعوزنا شىء من غيرنا..لا من عم عبده و لا من الحوجة لعبد المجيد .. ذلك الشعور الرائع بالقدرة ..مهما كانت تلك القدرة تتعلق بشىء ساذج.. تافه ..حتى و إن كان ذلك فى صورة ماكينة خياطة تحقق لنا الإكتفاء الذاتى و تغنينا عن الإحتياج..


 المسألة بالنسبة لى قطعاً أكبر من عم عبده و مشاويره البائسة.. المسألة ربما نفسية جداً..إحساسك بأنك قادر على السيطرة على  أمور حياتك التى تحتاج للتعديلات..تماماً تماماً كذلك الإحساس الجنونى أيضاً بتنفيسى عن غضبى و إحباطى بإعداد وجبة ما..حلوى على الأغلب ..تنفلت منى الأمور ..فأحضر مستلزمات الطبخ ..أحكم سيطرتى على وصفتى ..أجيدها و أتمكن منها..ينتهى اليوم بإنتصار أحمق صغير ..كيك شيكولاتة أو تشيز كيك غالباً..أبتسم لشكل الكيك المنمق..أخبر نفسى أن كل شىء على ما يرام.. .و أننى كما أعدت تشكيل المكونات و نقلتها من صورة لأخرى ..ربما سأعيد السيطرة على الأمور و أنقلها من صورة لأخرى..أتمتم لذاتى: ..اهدئى..مازلتِ قادرة على السيطرة .


الخميس، 21 أغسطس 2014

بلوتو الدور الرابع 9- فضفضة

عزيزى على ..صديقى الفضائى الحانى جداً..المنصت جداً لكل مشاكلى ..و أفكارى..و تهاويمى و خزعبلاتى و حتى لحديثى العادى جداً الخالى من أى ما يُثير إهتمامه،،وهو بالمناسبة نوع قد ندر من الحنو..فأنا أؤمن يا صديقى أن المنصت الجيد له قلب يسع براح الكون


المهم
كيف حالك يا صديقى ؟


لا أخفى عليك يا على، أننى أكتب لك اليوم لاستخراج بعض مما يُثقل صدرى،وأعلم أنى سأجد لديك المُسّكن لكل أوجاعى..لا بطرحك الحلول علىّ و إنما فقط بمشاركتى فيما أقول..مشاركتى بالإنصات الصادق و الدعم المخلص .


أنا مرهقة جداً يا صديقى ..وأشعر بطاقة سلبية عظمى تسيطر على كل حواسى وتقيد روحى..أواجه مبدئياً مشاكل فى النوم تؤثر سلباً على انتظام يومى و الاستفادة منه بصورة كبيرة ..تمثل فترة المساء بما تشمله من محاولات يائسة للخلود إلى النوم  عبئاً رهيباً علىّ ..أظل أصارع ساعات المساء إلى أن أجد ساعات النهار قد داهمتنى ..أقع فى شىء من عدم الإتزان أمام فكرة أنه ينبغى أن أنهى يوم قد انقضى ببضع ساعات من النوم..فى حين أن يوم جديد قد هلّ و ينتظر منى أن أبدأه !

ينعكس علىّ أضطراب نومى بشىء من العصبية و " الخلق الضيق " ..وعدم الرغبة فى فعل أى شىء.


أوشكت أجازتى على الإنتهاء دون أن أتمكن من فعل شىء جذرى يستحق الذكر..وهو إحساس يشعرنى بالعجز يا على ..
أشعر بشىء من العجز أمام سلسلة من  الأحلام التى أتمنى إنجازها ..فى حين أن كل حلم تقابله سلسلة أطول و مرهقة جداً من الأشياء التى يتعين عليك إنجازها أولاً لتبلغ حلمك..لا تتحقق الأشياء بسلاسة أبداً يا صيقى..لا تتحقق إلا بعد أن تأخذ منك أولاً شغفك للحياة وتكون قد تركتك باهتاً،فلا تفرح كما تصورت حينما تأتيك ..لأنها تأتى بعد أن يكون سعيك و لهاثك خلفها قد أرهقك..أرهقك جداً.


أنا محبطة يا على ..يبدو أنى محبطة



تعجزنى حقيقة أنى حتى غير قادرة على الإختلاء بنفسى بعيد عن كل المألوف من أماكن و أشخاص تضطر للتواجد معهم فى حين أن ألفتك الكاملة لا تكن معهم..هل تعرف تلك العلاقات الإضطرارية التى تجبرك عليها الظروف؟..مقابل أنك أيضاَ غير قادر على التواجد مع مَن يألفهم القلب و تسكن إليهم الروح لأن الظروف أيضاً أجبرتك و أجبرتهم على ذلك .


تتداخل فى رأسى الأشياء و المفاهيم بشكل مفزع مؤخراً..تجد يا صديقى نفسك فى مرحلة ما تصارع لكيلا يجرك مجتمعك بما استقر فيه من أعراف بالية لمكان لا يشبهك على الإطلاق ..تجاهد حتى تشبه نفسك..حتى تجد ذاتك الحقيقية غير الممسوخة بسخافات مجتمعك البائس ضيق الفكر ..ولو تعلم ففى انسلاخك عما يألفه المجتمع صعوبة بالغة يا صديقى .

أنا مرهقة يا على ..مؤكد أنى مرهقة



يربكنى يا صديقى أيضاً أمر ما ..ولكن لا مجال لقصه عليك فى مجرد خطاب..ربما هو أمر لا أفهمه بالشكل الكامل حتى هذه اللحظة ،و بالتالى كل محاولات الشرح ستكون بائسة للغاية و ربما تنقل ارتباكى إليك دون طائل.


أنا تائهة يا على ..أشعر أنى تائهة .


لكن لا عليك ..لا تقلق علىّ و لا تشغل بالك كثيراً..فقط أحتاج منك بعض الدعوات الصادقة..أدع لى بالهدى يا صديقى ..ألا يقولون أن الهدى هو أن تهتدى للحيرة ..فقط أدع لى :)


من كوكب الأرض
                       مع تحياتى ،،


الأحد، 20 يوليو 2014

بلوتو الدور الرابع 8- عتاب

عزيزى على..صديقى الفضائى الدافىء كدفىء .E.T

     أرجوك أن تغفر لى يا صديقى إنقطاعى لمدة طويلة عن الكتابة إليك..و لكنك كنت دائماً قريب ،حتى و إن لم يكن قرباً مادياً..لكنك كنت هنا و قريب جداً يا صديقى..و أنت تعلم ذلك


   بداية كتلك قطعاً بداية كاذبة للغاية ،لا بشأن كونك قريباً رغم بعدك فهو أمر صادق تماماً..و إنما كاذبة لأننى أبدو فيها كمن يزعم أن شيئاً لم يحدث و أن كل شىء على ما يرام..وهو غير حقيقى يا صديقى..و أنت تعلم ذلك


لذا دعنا ننتهى من ذلك الالتباس و،أفسح لى مجالاً للتحدث  بصراحة منزهة عن أى محاولات مضللة تُعيق ما نبتغيه من  الوصول لفهم مشترك..


حدث ما كنا نخشاه  يا على،حدث و سقطنا - رغم حرصنا الشديد ألا نفعل - فى ذلك الفخ القاتل للعديد من العلاقات الإنسانية : أن يتحول  عمق علاقتك باحدهم و تفهمه الكبير إلى سبب فى إهمالك له تحت دعوى أن بمجرد الشرح له سيتفهم.. بمجرد مراضاته سيرضى،،و كأنك تحول تفهّمه الكبير لذنب يستوجب العقاب عليه..لكن صدقنى يا صديقى إلا الإهمال ..قد تغفر للأخرين إنشغالهم عنك..لكن لا يمكن أن تغفر إهمالهم لك..و إن استطعت أن توجد لنفسك مبرراً لتجاوز الإهمال فى حقك مرة..فلا يمكن أن تتجاوزه مراراَ ،و إلا أنتقصت من إحترامك لنفسك.


كلانا يا على تورط فى ذلك الغباء الإنسانى المفرط،رغم أننا ظننا أننا أبعد ما يكون عن ذلك..ظننا أن فى علاقتنا من القوة ما يُجّنبنا من الوقوع فى فخ المشكلات الكلاسيكية المتكررة فى شتى أنواع العلاقات،و أعتقد أن هذه كانت غلطتنا الأولى،اعتمادنا يا صديقى على تفهمنا وتشابه أرواحنا لم يكن وحده كافياً ..كان التفاهم أساس قوى ،ولكن أى أساس يوجد لتبنى عليه،وهذا ما أغفلناه،أغفلنا أن نغّذى علاقتنا ذات الأساس القوى بما يكفل لها أن تظل قوية،،أغفلنا أعمال الصيانة فأصابت الأعطال علاقتنا.


و لا يا صديقى..لم تكن المسافات بيننا سبباً فى هذه التوترات..و لكن كان السبب فى نوع أخر من المسافات باعد بيننا،فالمسافات  لا تُقاس بالكيلومترات،و إنما بالتفاصيل التى تتسرب من حكاياتنا و نُسقطها عمداً لأن الوقت لم يعد يتسع لقصِها،فبقدر ما تقل التفاصيل التى نتشاركها بقدر ما تتسع المسافات بيننا.. الصمت يا صديقى هو المسافة الحقيقية التى يجب أن نخشى الوصول لها  فى أى علاقة إنسانية.


هل تعلم يا صديقى متى عرفت أننى غاضبة منك حقاً ؟ حينما بدأت أختصر تفاصيل يومى شيئاً فشىء و لا أقصصها عليك حد الوصول لأننى لم أعد أحكى شيئاً..لم أحك لك عن تلك الكتب التى أشتريتها مؤخراً،و لا عن مشاجرتى الحمقاء مع صديقتى بسبب إختلافنا على موعد لقاءنا..لم أقصص عليك عن ذلك الإنجاز الصغير الذى حققته فى عملى وغمرنى بسعادة بالغة لم أتشاركها معك..و لا عن تلك النشوة التى غلّفت روحى حينما عدت من العمل لمنزلى سيراً على الأقدام فى ذلك الطقس البديع الذى يخلق بداخلى إحساس يضاهى إحساس طفلة مبتهجة بفستانها المزركش فى أول أيام العيد.


أما أنت فصمتك أبلغنى أنك أيضاً منكمش ،كل ذلك الصخب المعهود منك..كل تلك القصص التى لم أكن أفهمها كلها و لكنها كانت قطعاً تسعدنى لمشاركتك إياى فيها..كل حماسك فى الحكى ..كل تلك الأشياء الجميلة التى يصعب علىّ أن أعددها ..أختفت ..توارت خلف صمت مخيف ..كما لو أننا غرباء..كما لو أننا نخشى أن نتحدث إلى بعضنا من جديد..آثرنا الصمت..طال الصمت..و هنا كان ثانى أكبر أخطائنا يا على ..أعلم يا صديقى أنه فى شتى أنواع العلاقات من الضرورى ترك مساحة للطرف الآخر،ولكن الخطأ فى تقدير هذه المساحة قد يحول الأمر برمته لمساحات عديدة لا تحوى أى شىء مشترك..لذا ففى مرحلة ما..عند نقطة ما لا بد لهذا الصمت أن ينتهى..لابد أن يتدخل أحد لفعل أى شىء..لكسر ذلك الحاجز السخيف..للعراك حتى !


ربما لذلك أكتب لك الآن ..لا  لأعاتبك فقط يا على..صدقنى ليس عتاباً بقدر ما هى خطوة أتمنى ان تنقل لك تقديرى لما بيننا .. أكتب  لك الآن لأنها النقطة التى يتوجب على أحد فيها أن يبادر بأى شىء ،و لا أجد أدنى حرج فى أن  أبدأ لك بالإعتذار..و أظن أن محاولة تشخيص سبب شرخ ما طال أى علاقة يعنى أن هذه العلاقة ما زالت تعنى الكثير..و أن بداية التشخيص خطوة لمحاولة إعادة وضع الأمور فى نصابها الصحيح..لذا ساعدنى أنت بدورك..ساعدنى فقط فى أن نتجاوز تلك الحالة السخيفة بيننا..


و أرجوك لا تنزعج كثيراً مما نمر به.. و لا تنزعج أيضاً إن أخبرتك أن هذا التوتر فى علاقتنا أمر صحى،فيُقال يا صديقى أن مع كل توتر فى كل علاقة إنسانية يضع أطرافها قاعدة جديدة للتعامل بينهم،المهم دائماً و أبداً أن تكون هذه الأطراف على استعداد دائم لمساعدة بعضهم البعض..على استعداد دائم لبذل الجهد فى سبيل إنجاح هذه العلاقة..على استعداد للغفران و لتغافل ما يمكن تغافله..على استعداد للتشخيص معاً،حتى يمكن إيجاد العلاج معاً..على استعداد للصبر أثناء رحلة العلاج تلك حتى يعود كل شىء كما كان..وصدقنى إذا وُجد كل ما أسلفت فى أى علاقة فهى لا تعود لسالف عهدها قبل حدوث تلك التوترات فحسب،و إنما تعود فى شكل أخر أعمق ..و أكثر قوة..و أطول عمراً


أما بعد أن أعتذرت ..و أما بعد أن تقبلت أنت إعتذارى بما أعهده فيك من تفهم عميق يجعل للعتاب بيننا لذته الخاصة ،،دعنى أُخبرك أن كل التفاصيل تفتقدك يا صديقى  :)
من كوكب الأرض
                     مع تحياتى ،،

الجمعة، 13 يونيو 2014

لأنك تستحقين :)

عزيزتى أى مرأة تجد من نفسها شيئاً ما فى السطور القليلة القادمة : أحبك جداً ! 


بالقطع لا أعرفك معرفة شخصية..لكننى أعلم أننا نلتقى كل يوم،ربما أصطدم بك و أنا أسير فى الشارع،ربما أجلس إلى جانبك فى مواصلة عامة ..ربما  تحدثنا حديث خاطف فى أى مناسبة ..سرنا معاً فى نفس الشارع..آلاف الاحتمالات لكيفية تلاقينا من قبل ،و لأن كلتانا رأسها مشغول بالكثير ربما لا ننتبه لبعضنا البعض،لكن المؤكد أننى أعرف ما تمرين به تماما ً كما تعرفين ما أجابهه.


عزيزتى أى مرأة  تمر بكل تلك الضغوط المعنوية من مجتمع لا يُقدرك كما ينبغى..بدءاً بما استقر فى الأذهان عن كونك كائن ناقص تابع ضعيف لا تحوى رأسه إلا توافه الأمور..وصولاً لكل تلك القيود المُحجّمة لأن تعيشى على النحو البسيط الذى ترسمينه فى مخيلتك  فتضطرك- أى القيود- لمراجعة ما تريدين فعله ألاف المرات قبل الإقدام عليه ..فمرة تراجعين العادات..ومرة تتوقفين أمام نظرة المجتمع..ومرة تقعين فريسة لذلك الصراع بين المفروض و المألوف " و اللى يصح و اللى ما يصحش" لمحاولة إضفاء شىء من المنطق على كل ذلك العبث الذى يعترض طريقك،ومرة تجدين نفسك تبررين و تدافعين عما تريدينه ..ومرات تُرهقين..فقط تُرهقين من كل تلك الممرات الطويلة التى عليك سلكها بغية الوصول لما تريدى و تشتهى؛لتدركى وقتها أنك لست سيدة قرارك ..و أن ثمة العديد من الإجراءات و طلبات الحصول على موافقات عليك الإنتهاء منها أولاً.


لفة تضاهى تماماً لفة أى مواطن يريد إنهاء بعض الإجراءات المتعلقة بأى ورقة فى مصلحة حكومية .
أعرف و تعرفين جيداً تلك المعاناة بالإصطدام بعدد من الموظفين الروتينين/ أعرف و تعرفين جيدا ً تلك المعاناة بالإصطدام بكل تلك العادات و التقاليد البالية.. أعرف و تعرفين جيداً بهجة النصر إذا ما تمكنتِ من إحراز نصر صغير حاربتى فيه ضد المألوف/ أعرف و تعرفين جيداً بهجة الإنتهاء من ورقة تافهة فى مصلحة حكومية بائسة فى مبنى جدرانه صفراء متهالكة تثير الشفقة .



ولكن عزيزتى هل تشاركينى إحساسى بأننا فى معركة تدعو للضحك الساخر فى وصلة لا تنتهى إلا بانقطاع الأنفاس من حمى الضحك ..بربك أى حرب تلك التى يحارب جنودها من أجل ارتداء ملبس معين دون مراجعة الطريق الذى سيمرون فيه بهذا الملبس ومدى ملائمة الطريق للملبس؟  ..أى حرب تلك التى تندلع لعدم تمكن جنودها من الذهاب لمشوار معين لأن عليهم أولاُ  إجراء مراجعة فكرية لقائمة طويلة تضم  مدى ملائمة موعد و مكان المشوار و هل سيأتى أحد لاصطحابهم لأن الطريق بعيد بعض الشىء؟ أى حرب يضطر فيها الجندى لأن يحارب ضد تصنيفات بالية يلصقها به مجتمعه،دون حتى تحرى تلك التصنيفات من جانب من يرددوها و إخضاعها لشى من العقل، فيظلوا يرددوها كالببغاوات على طريقة هذا ما وجدنا عليه أباؤنا  و أجدادنا ؟

 

..وبربك ذكرّينى هل اندلعت حرب لأن جنودها لم يلقوا دعما ً معنويا ً يتناسب مع قسوة ما يواجهون ؟

إذن دعينا نضحك يا عزيزتى سويا ً على سذاجة الحرب المفجعة التى نخوضها يوميا ً مع أبسط خيارات حياتنا !


ربما تكمن هنا الأزمة ..نحن يا عزيزتى جنود وجدت نفسها فى حرب سببتها سذاجة مجتمعنا وعدم حكمته ،وليس أمامنا سوى الإنتصار لأنفسنا ..نحارب يوميا ً من أجل أن يُتاح لنا الإختيار الحر فى أشياء بسيطة جداً ..حرب مستنزِفة و مستهلِكة لنفوسنا للغاية..لأنها مستمرة دائما ً و أبدا ً..لأنها مؤثرة على شكل حياتك بأكمله..وعلى تشكيل شخصيتك.. و إلا فماذا يبقى لكِ من نفسك إذا ما تركتِ كل تلك الترهات المجتمعية تقرر لك كل تفاصيل حياتك؟


 ما أردت أن أخبرك به عزيزتى أى مرأة وجدت من نفسها شيئا ً فى هذه السطور..هو أننى أحبك جداً وعليك أنتِ أيضاً أن تحبى نفسك كثيراً و لا تنسيها فى حربك مع الحياة..قوة كتلك الكامنة فيك ِ  وسط شراسة ما نعيشه و نواجهه يوميا ً مع طبيعتنا الهشة فى الأساس لا تستحق إلا الإحتفاء بها ..و إحتفاء يليق ببطولة ما تفعلين يوميا ً لن يكون إلا بأن تحبى نفسك..أما السبيل لحب نفسك فهو نسبى يختلف فيما بيننا حسب ما نقصّر فيه مع أنفسنا ..لكننى أعلم جيدا ً أن حبك لنفسك يعنى ألا تنسيها ..فقط لا تنسيها وسط دائرة الحياة المفرغة تلك ..و تذكرى دائما ً و أبدا ً أنك بطلة نفسك..و أنك تستحقين الأفضل   :)


الأحد، 1 يونيو 2014

بلوتو الدور الرابع 7- إنسانيات

عزيزى على ..صديقى الفضائى الذى تبعدنى عنه مجرات ..و تفصلنى عنه كواكب
كيف حالك يا صديقى؟



ربما أكون قد لخصت محتوى خطابى يا صديقى فى جملة التحية السابقة قبل أن أبدأه: "تبعدنا مجرات و تفصلنا كواكب"..لعنة المسافات يا صديقى..و ما أدراك ما لعنة المسافات !



أتعرف يا على أنها ربما الفكرة الأكثر قسوة فى تجربة " أن تكبر " ..أن تعتاد الغياب ..أن تسّلم بكل تلك المسافات بينك و بين كل هؤلاء الذين يطمئن قلبك لمجرد فكرة وجودهم قريبا ً منك دون أى تعقيدات جغرافية.


الفكرة الأكثر قسوة فى تجربة " أن تكبر " يا على هى أن تحاول التأقلم مع أفكار ترفضها فى أعماقك ..وأن يتعين عليك فى الوقت نفسه رغم رفضك و مقاومتك للفكرة أن تنضج و تتمكن من التعامل معها رغم قسوتها لتتمكن من الاستمرار و المواصلة..أن تستيقظ كل يوم لتخوض مفاوضات سلام مع روحك و أنت تقنعها بأنه يمكن الاستمرار وسط كل تلك الغيابات،لينتهى الأمر بهدنة سرعان ما تتبدد مع صراع روحك المتجدد..و هكذا .


لكن يبقى السؤال المحير يا صديقى..هل المغزى أن تستمر فقط أم أن تستشعر الحياة؟ أليس التأقلم نوع من القهر اللطيف..ألا تنطوى فكرة التأقلم مع وضع ترفضه فى أعماقك على شىء من قلة الحيلة و الخضوع ؟..أليس التأقلم نوع من تهذيب خدعة تعيشها فتحاول لا شعوريا ً إقناع نفسك بالقدرة على ترويضها و التعامل معها ؟.


أعرف يا على أن الإنسان لا يملك السيطرة على كافة الظروف التى تعترضه ..و أن القدرة على التأقلم ليست بهذا القدر الذى يعكسه كلامى من الاستسلام و الخنوع..بل أن القدرة على التأقلم ربما هى القوة..و كل القوة ،إذا تمكنت من مجابهة فزعك الإنسانى و لم تتحول لذلك " العيل اللى عمّال يعيط على حاجة ضاعت منه " !



و من هنا دعنى ألتقط خيطا ً أخر للحوار.. ما الضير يا صديقى من بعض الضعف ..ما المشكلة فى أن تترك بعض المجال لذلك" الطفل اللى عمال يعيط" بأن يسمج لإنسانيته أن تتجلى ..  لماذا أرسوا فينا أنه ينبغى عليك ألا تظهر ضعفك و خوفك و ألا تستخرج مشاعرك من أعماقك لتتمكن أنت أولا ً من فهمها بدلا ً من أن تتحول مشاعرك المكتومة تلك لأنات لا يمكن فهمها و لا علاجها ..لماذا دائما ً ثمة حواجز بين ما تشعر به حقا ً و ما تظهر به ع الملأ لمجتمعك..و لا يسرى ذلك  بالمناسبة على العاطفة فحسب يا صديقى بين رجل و امرأة..و إنما أقصده بمعناه الأعم و الأشمل للعاطفة..لكل العواطف الإنسانية ..لكل الإنسانيات..ما المشكلة يا صديقى فى بعض التعبير عما تمر به إن كان على حد علمى أن ذلك يعد فى علم النفس أسلوب فعّال .. أن تتحدث عن أوجاعك و مخاوفك و أحزانك  و أفراحك حتى بصوت عال .



تؤرقنى يا صديقى فكرة تعاطينا مع مشاعرنا و أجدها مغلوطة و مشوهة إلى حد كبير ..تعاطينا مع مشاعرنا يا على  نكسوه دائما ً و أبداَ بشىء من الإنتقاص لقوتنا ..مع إن الكتمان لا ينتقص إلا من إنسانيتنا .. يحولنا مسوخ..و يحرمنا من استكشاف وجه أخر للحياة و لأنفسنا.


ألا لعنة الله على المسافات يا صديقى ..و على حماقة تعاطينا مع عواطفنا ؟

هيه..ما علينا
من كوكب الأرض..مع تحياتى ،،

الجمعة، 2 مايو 2014

مختصر الكلام فى التلطيش مع الأيام

 متحاولش تختبر معزتك و لا غلاوتك عند حد بإتباعك " مبدأ القمص "، اللى هو هبعد و اتضايق و اتقمص وهما ياخدوا بالهم ..متحاولش..عشان ساعتها هتتقمص فعلاً، ودة بالمناسبة مش معناه انك مش غالى ولا عزيز عند حد..بس الدنيا للأسف بقت واخدة الناس أوى..و الناس بقت دماغها أتخن من أنها تفهم بالتلميحات ومبقاش عندها وقت تقعد تستنتج مالك..اختصر على نفسك و عليهم الوقت و المسافات بأنك تكون واضح و مباشر و عبّر مين قدك..اه فى حاجات صعب ع الواحد انه يقولها مباشرة..بس صدقنى فكرة القمص وانك تاخد جنب دى بتحولك مع الوقت لكائن مبتذل..حاول تتجاوزها عشان انت مش محور الكون..اقبل الحقيقة دى.


-  التجربة أثبتت إن  نظرية: " قمة العقل إنك متوّصلش للى قدامك زعلك منه عشان متتحولش لكائن مبتذل " ،نظرية بالية تماماً..من حقك توّصل للى قدامك ضيقك من تفصيلة ما فى علاقتكوا،المسألة بس إختيار الوقت و الظروف المناسبة للكلام، و بتطلب برضه تكبير دماغ يعنى عدى اللى تقدر تعديه،بس من حقك ما تسكتش ع الحاجات اللى فعلاً مضايقاك..السكوت مش عقل،دة باب لتراكم هفوات بتتحول مع الوقت لمشكلات حقيقية صعب علاجها..ثانيا بالسكوت حلّينا ايه احنا كدة بقى؟..لا هو هيتفادى اللى زعّلك عشان هو أصلا ً معرفش انه بيزعّلك..و لا انت هتبّطل تزعل..وهتتحول بس مع الوقت لكائن حزين زى الفنان مصطفى كامل..أما لو انت مستنى اللى زعلك يعرف لوحده ايه زعلك..فانت فعلاً هتتحول للفنان الحزين مصطفى كامل..للأسف.



- متركزش على قد ما تقدر..التركيز ضار جداً بالصحة.



- متخليش الدنيا و الظروف يحولوك لموظف بيجى من الشغل ينام عشان يصحى تانى يوم يروح الشغل..الشغل عامل مساعد عشان تعيش بشكل أفضل..فمتنساش تعيش.



- انتقالك من طور التمنى لطور التحقيق الفعلى  لأى حاجة عايزها مش هيتحقق إلا بأنك تاخد خطوة..اتحرك فى إتجاه الحاجة دى، و زى ما بيتقال فى موروث الأمثال الشعبية " كتر الدق يفك اللحام" .. و اللى بيرادفه مقولة " الإجتهاد لا بد أن يؤتى ثماره فى أى شىء حتى و لو فى اللعب "،فكل الخطوات اللى بتاخدها دى لازم هتوصلك فى النهاية لحاجة أكيد..لازم،بس أنت اتحرك. 



- الخوف أكبر لعنة بتضيع منك الوقت ..و الفرص ( الله يخربيت الخوف المؤذى و يهدى اللى بيخافوا / فى درجة من الخوف مش مؤذية على فكرة و بتكون مُحّركة للواحد ).



- سوء تقديرك لنفسك و للى تقدر تعمله هو فعلا ً عدوك الأول .



فى ناس كتير محبطة أوى..دورهم فى حياتك تقليل حماسك مش أكتر ومن غير سبب مفهوم هما ليه بيعملوا كدة ،و فى ناس بتقفلها فى وشك و بتظهر لك صعوبة أى حاجة و تبروزهالك ..حاول تحدد كويس هما مين فى حياتك عشان متحطهمش فى بالك( تكرارية المواقف كفيلة بفرزهم ).



- ياريت ياريت ياريت..تبّطل تدلدق بالكلام ..المثل بتاع دارى على شمعتك تقيد صحيح مليون فى المية..و شخصياً خدت وقت طويل جداً على ما بدأت استوعب القصة دى ..لو أنت من الناس اللى ماشية تدلدق بالكلام ايماناً بأن الله خير حافظاً..ففعلاً الله خير حافظاً بس من باب الأخذ بالأسباب امسك لسانك ..مش كل الناس بتتمنالك الخير..للأسف يعنى .



-  النقطة الأهم على الإطلاق..أرجوك آمن و صدّق و اتأكد أنك بطل نفسك فى النهاية..و انك اللى باقيلك..و انت أكتر واحد ممكن يقف فى ضهرك..اه والله و القصة دى مش معناها ان العالم كلهم أوغاد..الكلام دة برضه ينطبق وانت فى ف حياتك ناس جدعة جداً و أصحاب حقيقية تتسند عليهم..لكن الفكرة فى الفكرة نفسها: انشف كدة و اعتمد على نفسك،ظروف الحياة بتختلف..وممكن جداً فى لحظة تلاقى الظروف  خلت الجدعان اللى فى حياتك مش متاحين دايماً..فى اللحظة دى مش بيسندك غير ان يكون عندك القوة و القدرة أنك تقف معاك..وعشان دة يحصل اتعود تعمل حاجتك بنفسك..اعتمد على نفسك..عشان لا تقع و لا تتخذل.



   -الهروب من أى وضع غير مريح بالنسبة لك مش حل ..مجرد مسكن،،هتغلوش هتغلوش و هوب هتقع جامد لنفس السبب اللى انت عمال تجرى منه، وحيث إنه حاجات كتير مش فى ايدك تتصرف معاها تماماً و بالتالى أساساً مش هتقدر تواجهها..فالكلام هنا شىء مريح جداً..خّرج اللى جواك مع الناس اللى بتثق فيها..لو مقدروش يساعدوك على الأقل الدعم المعنوى بيكون كفيل بأنه يهديك..الطبطبة حلوة.

  


- جزء كبير جداً من الإرهاق فى العلاقات الإنسانية عموماً راجع لأن القصة مبتبقاش موزونة اخذ و عطاء بنفس الدرجة..بعيدأ بقى عن انه زى ما بيتقال العلاقات غالباً بتمشى بالفضل مش بالعدل،لكن الواحد اكتشف برضه ان نص مجهوده و تعبه بيروح فى الارض لسبب واحد : مش مختار الطريقة أصلاً اللى بتحبها الأطراف التانية و بتبسطهم..وبالتالى المجهود الفولاذى اللى انت بتعمله مبتاخدش منه غير انه بيحبطك وبيرهقك و بس..بالظبط بالظبط زى اللى واجع قلبه فى الغنا لحد مبيسمعش و متخيل أنه كدة هيبسطه..ركز أوى فى ان اللى بتعمله يكون ليه معنى للى قدامك..ودة على فكرة جوهر للعلاقات القوية ..عشان فى الغالب اللى بيبسط اللى قدامك جداً ممكن جداً يكون مابيبسطكش أصلاً..فأنك توصل بقى للدرجة دى.. أنك تتنازل عن أنانيتك فى سبيل الاخرين دة شى ءعظيم جداً و بيقول أنك بتقّدر العلاقة دى..و الأعظم أما يتقابل 

 دة بتقدير مضاد فى الاتجاه حتى و إن مكانش مساوى لمجهودك ف القوة .



- ارتباطاً برضه بالعلاقات الإنسانية ..فهى دائماً و ابداً و على إختلاف أنواعها عايزة تعب ..محتاجة مجهود للحفظ عليها..و غبائنا عظيم أوى فى الحتة دى بصراحة.



- اتعلم تقول لأ..انت مش مضطر تعمل كل حاجة تتطلب منك..خصوصاً ان استذواقك مع الاخرين دة غالباً مش بيلقى التقدير المطلوب فى الاخر ..اختار ع الاقل الناس اللى "تستحق" تستذوق معاهم.



السبت، 12 أبريل 2014

ثورة الربيع النفسى

إن كنت على مستوى شخصى بحت -لا يمت بصلة مباشرة للسياسة- قد تعلمت شىء من سنوات ما بعد الثورة ..فهو درس خلاصته : كفاكِ سذاجة .


كفاك سذاجة التصديق المطلق لأى شخص..أو الإنبهار بأى شخص..فبقدر انبهارك تكن خيبتك فى النهاية..فكلنا بشر و كلنا خطائون،ولكنك حينما تدرك أن الأمر يتعدى كونه مجرد خطأ و أن ثمة حسابات و مصالح أخرى تتداخل فى القصة..تكتشف قدر سذاجتك للإنصياع وراء تلك الشعارات البراقة و الأمانى الزائفة و الطموحات الواسعة..فبلا مزيد من الاسترسال فى الكلام المرتبط نوعاً ما بالسياسة..بقى لى أن تستقر هذه القاعدة فى ذهنى..كفاكِ سذاجة.



ومن ربيع عربى لربيع نفسى أهلكتنى السنوات القليلة الماضية..


بين بلد يكافح أهلها نحو الحياة ..و نفس تتوق صاحبتها لأن تشعر بالحياة.. و بين الكفاحين كانت تتعاظم الأوجاع و تختلط بين أوجاع وطنية تلقى بظلالها على أوجاعك الشخصية و تتحد معها ..فتكن المحصلة..إنعدام شهية تام للحياة..وتتحول الفكرة من حياة بكل ما تحمله حروف الكلمة من حيوية لاستمرار بكل ما تحمله الكلمة من معنى يدلل على اللا روح..اللا إحساس..فقط إستمرار بلا معنى .


ربما استيقظت هذا الصباح و بداخلى تلك الرغبة المستبدة لأن أكتب..استقررت على أن أكتب عنى فى السنوات الثلاث التالية للثورة..و ما ألّم بى من تغيرات جسام ..بعضها يرتبط بالثورة و ما فرضته   من تغيرات جعلت أسوأ ما فى قاع المجتمع يطفو على السطح و يجبرك على العيش معه بصورته الفجة تلك..و بعضها يرتبط بتغيرات تفرضها عليك طبيعة المرحلة العمرية التى تمر بها و تجعلك كالأبله فاتحاً فاه طوال الوقت لأنه غير قادر على استيعاب كثرة و درامية التغييرات من حوله ..و ارتحت كثيراً فى الواقع حينما وجدت تفسيراً علمياً لقسوة تلك المرحلة : أزمة ربع العمر ..فى الفترة بين سنوات عمرك ال 25 و الــ 35.


مرت علىَ بعض الدقائق و أنا أفكر فى شىء من الفزع  فى كم القتامة المفرط فيما أكتبه مؤخراً..أنتابتنى دهشة أكبر من فكرة أننى فى الواقع أسترسل فى الضحك بحد لا يعكس حالتى النفسية أبداً..و لا يعكس قدر القتامة تلك فى كتاباتى..وتهت فى فكرة أيهما أنا !


..اهتديت لتفسير هدأنى قليلاً..وهو أننى فى الكتابة ربما أفرغ عصارة تفكيرى..و أنا أفكر كثيراً..أفرط فى التفكير فى شتى أمور الحياة و معانيها ..لا بأس بذلك ..لا مشكلة سوى فى أن تكتشف أنك تحولت دون أن تدرى لشخص يحيا  بشكل نظرى  فقط مع الأفكار المجردة بلا إقتراب حقيقى من التطبيق، لأنك تريد  أن يكون كل شىء كما يقول الكتاب..أن تستغرق فى التفكير ثم التفكير ثم التفكير لتجد أنك فى النهاية تقيّم الأمور فكرياً بدرجة أكبر من الإنغماس فى التجربة ..وهى بعبارة أخرى لعنة الخوف من الفعل لكيلا يكون على المستوى المطلوب الذى ترتضيه ..وهى لعنة..لعنة عظمى !


دارت كل تلك الأفكار فى رأسى و أنا تستبدنى الرغبة ف الكتابة ..فوجدت أن لا شيء أجدى حالياً من الكتابة عن ثورة ربيع نفسى..فى محاولة منى لمزيد من الفهم.


مثلت السنوات القليلة الماضية ثورة ربيع لنفسى توازت مع الثورة السياسية ..فى الحالتين تعرف أن بإمكان الأمور أن تكون أفضل و أنه ينبغى عليك التحرك فى مواجهة خوفك أولاً ثم ما أستقر فى الأذهان طويلاً..أن تحطم كل تلك الأساطير التى آلفتها الأذهان دون تَفكُر ف مدى مناسبتها من الأساس..صارت من المسلمات التى نسلمها لبعضنا البعض دون أن يقف أمامها أحد لوهلة متأملاً إياها..ضع تحت ذلك البند كل تلك الأعراف البالية التى تحصرك فى قوالب معينة ..ضع كل تلك الثوابت التى تكتشف بعد زمن من الإلتزام بها أن من يشرعها لك لا يطبقها على نفسه..ضع فى ذلك تناقضات مجتمع منهكة..إلخ


مثلت السنوات القليلة الماضية ثورة ربيع لنفسى توازت مع الثورة السياسية..فى الحالتين كانت العفوية محركة للأمور دون خطة واضحة ..وبلا خطة ربما تحرز بعض التقدم ،لكنك فى مرحلة ما..عند نقطة ما ستتوه..ستتوقف تماماً جاهلاً بالخطوة التالية التى يتوجب عليك أخذها..و فى حالة إدراكك أن وقوفك فى المنتصف قد يمحى كل ما أحرزته سابقاً..ربما تتسرع..ربما تأخذ عدة خطوات غير محسوبة لمجرد حفاظك فقط على فكرة المضى قدماً...لمجرد الخوف من شبح التراجع لوضع سابق.


مثلت السنوات القليلة الماضية ثورة ربيع لنفسى توازت مع الثورة السياسية..فكلتا الثورتين كشفت عن واقع موجع للغاية ..لا يتناسب مع الأفكار الحالمة فى رأسك..و أن البقاء ليس بالضرورة للأقوى..و لا للأذكى ..و لا للأكثر إجتهاداً ..و إنما البقاء للأقدر على إقتناص الفرص..للأدهى ..وبعفويتك لن تبقى إلا فى ذلك الحيز الذى تظل تصارع فيه نفسك لا أكثر.



مثلت السنوات القليلة الماضية ثورة ربيع لنفسى توازت مع الثورة السياسية..فبرغم كل الخروج عن النص..برغم كل الإحباط الذى يخيم على الأجواء..مازال هناك إحتمال قائم بأن إعادة التنظيم و استخلاص الدروس المستفادة ربما ..ربما يرجعك ثائراً من البداية ..وبداية بعد نهاية موجعة..و إن طال وقتها لالتقاط الأنفاس و الاستيعاب و تجاوز كل الألم..ستكون بلا شك.. ربيعاً حقيقياً


الأربعاء، 26 مارس 2014

غرفة صغيرة على البحر

هناك فى عالمى الموازى سأستيقظ صباحاً على فراش يطل على نافذة يعبث الهواء المتسلل إليها بستائرها الخفيفة ..


ستوقظنى أشعة الشمس غير الحارقة..اللطيفة.. و هى تملأ الغرفة بذلك النور الربانى المعلن عن صباح جديد.
سأحتسى كوباً من النسكافيه و أنا أحملق فى البحر الممتد أمام نافذتى..

لا أظن أننى سأستمع وقتها لأى نوع من أنواع الموسيقى..ربما سأوجل ذلك لوقت لا حق فى منتصف اليوم..سأقضى الصباح فى لا شىء سوى الأنس بكوب النسكافيه..و النظر للبحر..و الاستمتاع بنسائم الهواء..وبصوت الستائر و الهواء يلاطفها..و بروحى و هى خفيفة بفعل النسكافيه والبحر و الهواء و الستائر.



فى عالمى الموازى ستكون غرفتى بسيطة للغاية ..ستكون جدرانها ملونة و تفاصيلها مبهجة على رغم بساطتها..و ربما أنا من سألون جدرانها برسومات ساذجة ذات معنى ..و ربما سأعلق عليها بعض الصور و الأوراق التى تحمل ذكرى ما



ربما سيكفينى فى غرفتى  اللاب توب المتصل بالإنترنت..و بعض الكتب ..سأكتب و أقرأ واستمع للموسيقى عبر اللاب توب ..وحينما ترهقنى عينى من أضواء شاشته المزعجة ستؤنسنى الكتب .
سيؤنسنى اللاب توب أيضاً بمحادثات دافئة مع من يمتلكون من القلب مساحة..وجودهم الفعلى فى عالمى الموازى غير أكيد حتى هذه اللحظة..غير محسوم حتى فى خيالى ..ظروف الحياة الصعبة باتت تعبث حتى بخيالى !


المهم..


ستقام على الشاطىء ليلاً حفلات عديدة..موسيقى تغذى الروح و تبدد وحشتها..موسيقى على البحر فى الهواء ليلاً..فى مكان مفتوح حدوده السماء.. مثالى للغاية.



منتصف اليوم ؟
فاتنى الحديث عنه..
بالقطع سأقضيه فى التنقل سيراً عبر كل تلك الأماكن المحيطة بغرفتى المطلة على البحر ..أظن سيكون هناك أسواق عديدة و ناس كثيرون..سأتجول وسطهم..أتنقل بين الوجوه..أندس فى الزحام..أذوب فى الأصوات المتداخلة ..ستلهينى مشاهد عديدة هناك على ما أعتقد..سأتجول أيضاً على الشاطىء..حافية القدمين ..على رماله الساخنة



فى عالمى الموازى هناك  سأهرب من كل شىء ..كل شىء ..من كل القصص..إلا قصة واحد ة سأحملها معى فى كل لحظة..قصة واحدة هى العامل المشترك بين عالم الواقع و عالمى الموازى..أو ربما هى القصة التى سأهرب بسببها من عالم الواقع و لن أستطيع  الهرب منها حتى فى عالمى الموازى.

السبت، 22 مارس 2014

قصاقيص

وننوه أولاً إلى أن القصاقيص عبارة عن حاجات اتكتبت على فترات متباعدة..اتسيفت "بتعطيش الفاء" على اللاب توب..اتنست..اتفتحت بعد كتير..فعشان متروحش زى اللى راحوا..هنّزلها..بأفكارها غير المتكاملة..الناقصة حتة..المقصوصة :)



المقصوصة الأولى :

لأن الوقوف فى منتصف الطريق أقسى من عدم سلكه من البداية..لأن التفريط فيما أمتلكته يوماً أصعب من ألا تملك شيء أساساً..لأن منطقة البين بين أصعب من عدم إنتماءك لأى مكان على الإطلاق..دعنا نكن أى شىء غير ذلك الشىء الكائن وغير الكائن..الموجود وجود ملتبس..الحائر بين إحتمال نعم و آلاف الإحتمالات بلا..دعنا ننجو بأنفسنا من التأرجح بين التصديق من أعمق نقطة فى قلوبنا و مقاومة التصديق بفعل حسابات المنطق و العقل..دعنا نوصل الفراغ بين كلمة قيلت و كلمات أخترنا التراجع عن التفوه بها..دعنا ننتهى من ذلك التيه..ونكن جملة مفيدة....فإما  أن نكون أو لا نكون..لأنه كما يقولون نصف الشىء لا شىء ..لاشىء 



المقصوصة الثانية:


يتسلل لى صوت محى من ذلك " التاب" المفتوح على جهاز اللاب التوب ..يشدو بجملة " قد إيه حلوة الحياة " ،،بينما " التاب" الآخر أطالع فيه مقال ملبد بالأوجاع الوطنية..والعك السياسى ..و الهزيان بأعلى درجاته..بين حلاوة الحياة التى يتغنى بها محى و الحياة الملتبسة التى يعكسها المقال كنت أنا العامل المشترك بين" التابين"..اسمع لهذا بينما أقرأ ذاك..والأمر تعدى كونه مفارقة تجعلك تسخر من اللحظة فقط..الأمر أصبح أعمق من ذلك بكثير..الأمر يتعلق بأسلوب حياة نعيشه حالياً..الوجع محيط بنا..و إختيار الاستمتاع بالحياة رغم الوجع قرار متروك لك..بحياة يجب أن تعيشها بكل ما تحمله الكلمة من معنى وسط كل ذلك الوجع..و العك ..و الهزيان..ألا تستلم ..ألا تستهلك نفسك..ألا تختار الموت اكلينيكياً..و لا أن تحيا صورياً!




 المقصوصة الثالثة:

نظر له وقد أكتسى وجهه بجدية توحى بأنه على وشك  التفوه بكلام  مهم و قال له : العبرة بالخواتيم لا نختلف..و لكن ضع فى يقينك دائما ً أن البدايات توحى بالنهايات..تماسك لتتجاوز الأيام الأولى بأقل خسائر نفسية ممكنة..إن عبرتها بسلام ستهون مصاعب الأيام التالية ..تماماً كمدمن فى رحلة استشفاء يصارع إنسحاب المخدر من جسمه.. أما كيف السبيل لتجاوزها فهى مسألة نسببية حسبما ينجح فى إلهاء كل فرد..و لكن دائما ً " لا تبق وحيدا ً " قاعدة لا تخيب فى هذه الحالات..الإنخراط مع الأخرين يا ولدى حتى رغم إبتذالهم يؤمّن لك قدر من التماسك فى مواجهة هشاشتك.


                                                                            يُتبع..

الخميس، 6 مارس 2014

بلوتو الدور الرابع 6- الرحلة التى أنستنا الحياة

صديقى الفضائى على 

                         بعد التحية و السلام ،،


بالدخول لصلب الموضوع مباشرة لأن ذلك أحوج ما نحتاج إليه فى حياتنا التى تحولت لمجموعة مقدمات لا تصل بنا أبداً لنتائج ،طلت علينا منذ فترة يا صديقى بعض الأخبار عن رحلات للمريخ،لا أذكر تحديدا ً الجهة التى أعلنت عنها و إن كنت أظنها أمريكية،وعلى ما أتذكر أيضاً أن الكائن الأرضى مننا إذا أراد الاشتراك فى هذه الرحلة السياحية فعليه أن يكتب إقراراً ما معناه أنه يتحمل عواقب الرحلة..يُقر بأنه يعى تماماً أنه قد لا يعود مرة أخرى للأرض..هكذا كانت شروط الجهة المنظِمة.



لا أكتب لك لتستغل نفوذك و علاقاتك الواسعة بأصدقائك فى كوكب المريخ لتتقصى لى عن الأمر..لست متحمسة للفكرة أساساً..فمنذ سنة زرت مع أصدقائى دريم بارك وهى مدينة ملاهى فى كوكبنا..و بعد يوم من اللعب و التنطيط جلسنا أنا و أصدقائى نردد على أنفسنا سؤال : " احنا بنعمل فى نفسنا كدة ليه ؟" ..اكتشفنا وقتها أننا أصبحنا أكثر ميلاً لما يمكن أن نسميه خروجات استشفاء الروح..تلك الخروجات التى تلتحم فيها روحك بالطبيعة..نعم يا صديقى تلك الخروجات الأقرب للــ " تناحة " ..بأن تجلس فى صمت تام تستمتع بالشمس ..أو " تتنح " تماماً أمام البحر..أو تجلس بسعادة حمقاء على " ملاية كاروهات " ممتدة على بساط أخضر و " ترغى  رغى يدفّى القلب " .


لذا فدعك من فكرة رحلة المريخ..أعلم أنها لن تبهجنى  ..ولذلك تحديدا ً أكتب لك يا على ،،لن يُخلصنا اختيار مغادرة كوكبنا برمته من التخلص مما يؤلمنا..هى مغامرة..أو انتحار ..هى خطوة غير محسوبة عموماً، لكن الأمل فى حد ذاته بأن مغادرة الكوكب  هى السبيل للحياة أصبحت أراها فكرة مستهلكة تسلبنا أيامنا على هذا الكوكب ..نعم كوكبنا لا يُطاق يا صديقى..ولكن ما الذى نفعله فى الواقع ..ما نفعله هو الزج بأنفسنا فى ركن ضيق للغاية ..فإما مغادرة الكوكب أو لا شىء.." فلا نطول الرحلة..و لا نعرف نعيش لغاية ما تحسم الرحلة أمرها مننا "!


قمة العقل يا صديقى أن نحارب..و نجاهد ..و نقاوم  لنستمتع بحياتنا ..لا أن نستمر فقط..نستمتع بها حتى و إن كان كل  المتاح من الحياة أمامنا هو فقط ذلك الركن الضيق !




هيه..المهم ..دعنى أعترف لك بسر أحمق صغير..
وقت أن جلست لأكتب لك ذلك الخطاب ..ربما كنت أنوى أن أحدثك فى أمر أخر تماماً..أمر يشغلنى بشدة مؤخراً..و باتت هذه طريقتى لمواجهته..تغيير الموضوع تماماً كلما اقتربت من مناقشته !
"ودى لعنة يا صديقى" .. لعنة  أن "تحوم " حول ما تريد .. فلا تصل أبداً و لا تنسى أبداً ..ألم أخبرك يا صديقى فى بداية الخطاب أننا أحوج ما يكون لمزيد من الوضوح و المباشرة فى حياتنا !

لكننى سأحدثك عن هذه اللعنة فى خطاب قريب إن شاء الله.."الموضوع  بس عايز  قعدة حلوة و مج نسكافيه لزوم الشرح و التعبير".. و إلى أن يحدث ذلك فلك منى كل الود و الإحترام.


من كوكب الأرض
                       مع تحياتى ،،

الأربعاء، 19 فبراير 2014

ثرثرة موجعة وطنياً

تمهيد لابد منه :


على طريقة خزعبلات الطفولة الساذجة،بأن تظن أن الأبطال موجودون داخل جهاز التليفزيون، و لا يفصلك عن أن تلمسهم  وتشعر بوجودهم المادى سوى الشاشة،أوعلى طريقة الخرافات التى غرسها فينا أولياء أمورنا لتهذيبنا كأن ينال منا " أبو رجل مسلوخة" إذا خرجنا عن سياق الأدب ،أو أن تعذبنا "أمنا الغولة" إذا تمادينا فى تصرفاتنا المغلوطة..

 بنفس سذاجة منطق أن نرمى أسنانا المخلوعة فى الشمس مع ترديد تلك الأغنية الحمقاء" يا شمس يا شموسة" حتى لا يكون نصيبنا أسنان بديلة أصابها الإعوجاج إن لم نفعل..


 بالتوازى مع كل تلك الحماقات ،قد تكتشف مع الوقت خرافات أخرى..خرافات فُرضت عليك و أنت شخص كبير ..ناضج..لا مجرد طفل صغير تنجح مثل هذه الخرافات فى أن تُخّلص أولياء أمره من زنه و وجع دماغه..فتكتشف أنك ظللت كالأبله مؤمن بها ..إلى أن يشاء الله و يكشف عن بصيرتك ما يحجبها عن الرؤية السليمة للأمور..مع فارق أنك لن تتذكرها و تضحك كخرافة التليفزيون أو أبو رجل مسلوخة و أمنا الغولة أو السنة المخلوعة.


البداية..كلام نواعم 


كفتاه فى النصف الثانى من العشرينات،أتصور أنه من المفترض أن يناسبها فى ذلك السن أى شىء أخر غير ما أجابهه أنا و جيلى بشكل عام..كأن أتمكن  مثلاً من الاستمتاع بالإندساس  فى تلك الجلسات النسوية كالتجمعات العائلية و أنعم بدفء تلك المحادثات الفارغة التى لا تفضى لأى شىء سوى قتل الوقت..تلك المحادثات المستهلكة عن طرق جديدة لعمل أكلة معينة..أو أسلوب مبهر توصلت له طنط فلانة للحفاظ على سلامة الفاكهة لوقت أطول بأن تضعها فى ذلك النوع من المعلبات الذى تمكنت من شراءه بثمن بخس بعدما لم يتمكن البائع من الضحك عليها ( وهو ضحك عليها ونص و تلت أرباع عشان ابن سوق بالبلدى)..لكن ذلك التجمع الأخير جعلنى أشفق على جيلى ..كنت غير قادرة على مجاراة أحاديثهن ..كنت أكبر منهن سناً و أثقل منهن هماً..فاستوقفتنى كلمة الخلاط التى أنتشلتها من وسط جملة طويلة لم  أتبينها بدقة لأننى كنت أقتل الوقت بينهن على طريقتى..لا بالإستماع لهن و إنما بمشاهدتهن !


- خلاط ماركة أخرى :


كان الخلاط فى جملة طنط (س) من ماركة مولينكس..بينما ما استقر فى ذهنى و فصلنى لفترة لا بأس بها عنهن..هو خلاط الفكر الذى نعيشه نحن الشباب فى فترة يقال أنها الحياة بإنطلاقها و عنفوانها..بينما ما نعيشه فعلياً..خلاط يضربنا نحن..ويضرب أفكارنا و معتقداتنا و ما نؤمن به مع كل المتضادات و المتناقضات لما  نعتنقه، لينتج فى النهاية خليط غير محدد الهوية..خليط جزء من مكوناته يدعوك للثبات و التمسك بفضيلة ما تعتنق من مبادىء..وجزء يقسم عليك بأن تكفر بقيمك التى لا مجال لها إلا فى تلك المساحة الضيقة فى الصحراء الغربية بعقلك..وجزء أخر يوسوس لك بأن الحمقى أمثالك لن ينالوا من مبادئهم إلا كسب مناقشات نظرية بينما عمليا ً و على أرض الواقع "الفهلوة تكسب"..

فى حين أن جزء من مكونات هذا الخليط العجيب يُذّكرك بأن الخير سينتصر فى النهاية و ما نحن إلا فى مشهد الذروة الذى تتشابك فيه الأحداث وتصل لقمة التعقيد ثم تبدأ بعدها كل التفاصيل فى السير نحو المكان الطبيعى لها بعد فض الإشتباك..مقابل جزء أخر يصرخ فيك بأن إنتصار الخير لا وجود له إلا فى الميلودراما الساذجة و يكرر عليك أن العدل موجود..و لكن فى السماء  و فى الأخرة..لا على الأرض و لا فى الدنيا.

خلاط يجعلك تتوقف أمام فكرة إنه لا بد و أن  تحب بلدك و إلا فأنت فاسد الطبع و كريه و منبوذ من كل هؤلاء " الوطنيين" حولك..و لكنك فعليا ً غير قادر على حبها..لأن لا علاقة حب سوية إلا ووجب أن تكون موزونة من الطرفين أخذاَ و عطاءً..بينما ما نأخذه من بلدنا..نأخذه على " قفانا " لا أكثر.


إذن ففى كل الأحوال و جميع الأوضاع يجب أن تحب بلدك و إلا فأنت جاحد..ناكر الجميل.
منطقى..يجب أن أحب بلدى..و لكن يتطلب منا الأمر أولاً أن نضع تعريف لما تعنيه تلك اللفظة المكونة من أربعة حروف : " بلدى" التى يجب أن أحبها و إلا فأنا ناكرة للجميل..


ثم أن..أى جميل  أساساً؟


جميل الأطعمة المرشوشة بمبيدات مسرطنة..أم جميل الشرب من مياه مخلوطة بمياه صرف..جميل التعليم الفاسد..أم جميل الإهانة فى الشارع بفعل تحرش قولاً أو فعلاً من معتوه عديم الأخلاق و الدين أعطته الدولة فرصة أن يؤذينى فى الشارع دون رادع ور بما أيضاً كانت سبباً فى أن تصل به لهذه الحالة..أن يخطف لذة من الشارع عرف أنه لن يمتلكها يوما ً..


أم جميل الإهانة من كائنات موجودة فى الشارع أضطر للتعامل معهم لأن فيهم سائق ميكروباص أحتاجه ليوصلنى لعملى و أضطر للإذعان لتسعيرته للأجرة التى يقرها حسب مزاجه و إلا عّرضت نفسى للسباب من أقذر قواميس الألفاظ إذا فكرت و أعترضت..وبالقطع لا أضع نفسى أبداً فى هذا الموقف..لا أجعل الإشتباك مع أى سائق ميكروباص تحديداً من ضمن خياراتى ،وهو أمر يجعلك تشعر بالقهر فى حد ذاته..ولكننى دائماً أتذكر صورة تلك الفتاة التى أختلفت مع سائق ذات مرة لأنه سلك طريق أخر مضللاً إياها رغم أنها سألته قبل استقلال الميكروباص ليكسب أجرة إضافية بغض النظر عما ستخسره هى من وقت ..ولك أن تتخيل فتاة كبيرة فى الشارع تتلقى وابل من أقذع الشتائم دون أن يحرك أحد ساكناً !


أما أبسط السيناريوهات إذا فكرت فى الإعتراض على رفعه للأجرة فأنه سيردد علىّ تلك الجملة الكلاسيكية  بأن أنزل من الميكروباص مطرودة..أو ربما عاقب جميع الركاب بتلك العبارة الشهيرة " شوفولكوا عربية تانية..مش طالع..أبو دى فردة "!


كائنات مضطرة للتعامل معهم لأن فيهم سائق تاكسى أظل طوال الطريق معه أرسم سيناريوهات للطريقة التى سيخطفنى بها،أو أتغاضى عن نظراته الفجة فى المرآة..أو أستجمع كل قوتى للتصدى لاستغلاله لى فى المطالبة بأجرة أعلى مما يستحق أو لخبثه فى سلك طرق أطول و" الحسّابة بتحسب" أو لإنعدام أمانته بتلاعبه فى العداد..لأنه أيضاً يعرف أن لا حسيب سيتصدى له و أن الفهلوة و" تقليب الفلوس من الخلق " بأى طريقة هى وسيلته لأن يعود لأسرته مساءً بالعشاء.

أم جميل تسول وظيفة من الدولة إذا كنت ممن واسطتهم فى الحياة ربنا لا فلان الفلانى بيك..و لا علان العلانى باشا..أم جميل تسول إنهاء أى ورق من أى جهة حكومية تدفع فيها " رشا " على طريقة أحمد حلمى تيسيراً لإنهاء إجراءاتك بمبلغ يفوق رسوم إنهاء ورقك عدة أضعاف..ناهيك عن سخافة التعامل مع الموظفين الذين يظنون- إلا من رحم ربى ممن مازال لديهم ضمير حى- أن ذلك الكرسى الصغير الذى يجلسون عليه يخّولهم للتحكم فى البشر..لتكتشف أن أى  كرسى  فى هذا البلد يعطيك و لو سلطة توزيع لبان على الناس قادر على أن يحولك لإمبراطور فى حدود مملكة تبنيها أنت بذلك الكرسى البائس الذى وجدت أنه يجعلك تهيمن على الخلق..و للعجب تجدهم ينصاعون لجبروتك!


أم جميل المتاجرة بمرضك بيع وشراء حتى و إن كنت تمتلك المال و لا تنتظر من الدولة تأمينها الصحى الفاشل ،حتى و إن كنت تمتلك ثمن الكشف فى أكبر عيادات فى البلد..فبعد الفزيتة الخرافية التى تتجاوز المئتان و الثلثمائة جنيه فأنت فى شو للمتاجرة بأوجاعك: "مستعجل ..أدفع مستعجل ..مستعجل أوى أدفع للشخص المسئول  عن الحجز و تنظيم المواعيد فوق الكشف المستعجل اللى دفعته فوق تمن الكشف أساساً..استحمل عجرفة و تكبر الدكتور عليك  و ضيقه من أسئلتك عشان أنت واخد من وقته الثمين كتير.. " و كأنك ضيف ثقيل فاجأته بالزيارة فى وقت غير مناسب!


قائمة الجمايل فى البلد طويلة و بالقطع تشمل ما هو أقسى من ذلك ،لكنى فقط أعدد ما عايشته سواء بشكل شخصى أو فى محيطى الإجتماعى ،و بالقطع فحظى بها أفضل من كثيرين..و إن كان وضعى بها أفضل من غيرى فلا أظن أن للدولة أى جميل فى وضعى..لذا لا أذكر من الجمايل إلا ما عايشته بالفعل ..لكن الجمايل كثيرة و قائمتها طويلة و لا تنتهى.



إذن فهذا هو الخلاط بالنسبة لى ..كل ما سبق هو مفهومى للخلاط ..لا الخلاط من ماركة مولينكس الذى تقصده طنط "س".



إغتراب

انفصلت ذهنياً تماماً عن تلك الجلسة النسوية ،و أنا أشعر بغصة ما..إغتراب نفسى ما..صار فى داخلى فجأة غضب و حنق شديدين نحو الجيل الأكبر..لا أدّعى أننا كشباب أكثر منهم وطنية..ولكن ثمة فارق جوهرى خلق لدى ذلك الشعور بالإغتراب عن هذا الجيل،وهو أنهم قد يقبلوا بأى حلول قريبة تضمن لهم مواصلة السير دون التحقق من سلامة الطريق ..يستسهلون الأمور دون نظرة لما هو أبعد..يرضون بأى مُسكّن حتى و إن كان مفعوله سريع الزوال، بينما نحن كشباب لا نقبل أى طرح و السلام..لا من باب العند كما يتصور البعض  و إنما  من باب الخجل من دماء شابة سالت تحتم علينا ألا نقبل إلا بما سالت من أجله هذه الدماء..ألا ننظر فقط للحظة التى نعيشها و إنما ننظر لمستقبل نتمنى أن نعيشه على النحو الذى يرتضيه مفهوم الآدمية ..بات الإغتراب النفسى يملأ روحى كلما هوجمنا كجيل يتهموه بأنه لا يعجبه العجب ..رغم أن العجب كله فى أننا ندفع ثمن أخطاء و ضعف و خضوع أجيال سبقتنا..أتذكر جملة الإمام الغزالى فى كل مرة يُهاجم فيها جيلى: "هات البديل إذا أردت أن تغير وضعا خاطئا ً" ..و لكن ماذا إذا لم يستمع أحد أساساً لبدائلنا مع التظاهر فقط بالإستماع؟!


 

النكسة 


استقرت عينى و هى تتجول فى تلك الوجوه التى تثرثر على وجه جدتى الدافىء..قلّ شىء من إحساسى بالإغتراب و سكنت روحى إلى حد ما حينما لمست  عينى تفاصيل وجهها..تذكرتها فى إحدى جلساتنا معا ً وهى فى قمة تأثرها و إشفاقها على جيلى مؤكدة أن أيام نكسة 67 على رغم مرارتها إلا أنها كانت أهون مما نعيشه الآن..قالت لى وقتها ( أيامها يا بنتى كنا كلنا فى صف واحد و عارفين مين ضدنا..دلوقتى لا أحنا واحد و لا عارفين مين بالظبط اللى ضدنا) ثم أردفت (أيامكوا صعبة..ربنا يعينكوا عليها ).
 

سفر 

كنت انفصل بذهنى عنهن لأوقات طويلة ،ثم أعود لأشارك بأى كلمات إثبات حضور من باب المجاملات الإجتماعية،إلى أن بادرتنى إحدهن قائلة :" شكلك مرهقة..محتاجة تسافرى " .


محتاجة أسافر..بالقطع أحتاج للسفر..و لكن ربما لبلد أخرى..لا للسياحة..و إنما بحثا ً عن وطن أخر..ربما هو أكثر ما يعّز على ّ الإعتراف به..لأننى فقط شديدة الإرتباط بالذكريات..بالناس..بالأماكن..شىء ما لعين فى داخلى يربطنى بهذا البلد..ليست هى كبلد فى حد ذاتها..ربما أهلى..ربما أصدقائى..ربما ستفوتنى تفاصيل يحتاجوننى فيها إلى جوارهم معنويا ً..

ربما هو تفكير عاطفى بحت..و لكن تتكرر على ذهنى ألاف المرات قصص لأشخاص أعرفهم منهم من مات  عزيز عليه أو  تزوج قريب له..ولا استطاع أن يواسى فى هذا أو يهنىء ذاك بفعل الغربة..كيف لى أن أنسلخ من كل شىء بحثا ً عن وطن أخر..و أنا أعلم أن لعنة وطنى ستطاردنى أينما كنت..كيف أصلا ً أن يكون لى وطنين؟..سأظل غريبة فى أى مكان أذهب إليه مهما طالت بى السنوات هناك..لن يُغير ذلك حقيقة أن أصلى من هنا..و لن ينسينى ذلك  أننى موجوعة من هنا أيضا ً.


أذكر ذلك المقال لأحمد خالد توفيق حينما سرد قصة صديقه الطبيب الذى لم يحتمل سوء الأوضاع فى المستشفيات المصرية لعدم آدميتها..فآثر السفر بعد أن تأثرت نفسيته كثيرا ً مما عايشه هنا..لكن سفره لم يحل شيئاً فى النهاية فى سوء الأوضاع بالمستشفيات..ظل الوضع على ما هو عليه حتى فى داخل نفسه..ذلك الوجع..آثر الهروب فأخذ وجعه معه و رحل.
 


هنا تماما ً توقفت..وجدتنى أسلم نفسى مرة أخرى للخلاط و أضغط زر التشغيل بأقصى قوة..فتوقفت..استأذنت..تركت ورائى تلك الجلسة و هربت أنا الأخرى ..لا بالسفر الفعلى ..و إنما بالسفر فى ذلك العالم المٌسكن للأوجاع وقتياً..للنوم!


النهاية..جابر مأمون نصار

فى اللحظات بين إنصرافى عنهم و توجهى لغرفتى ..أيقنت أن أكبر حماقة ستكتشف أنك ببلاهتك ظللت لفترة لا بأس بها من عمرك ترددها على طريقة سذاجات الطفولة ..هى أن أحلى بلد بلدى..و أم الدنيا و هبة النيل ..إلى أخر ذلك من الصياغات المستهلكة التى حاول أولياء أمورنا "الكبار أوى" غرسها فينا ليتخلصوا من وجع دماغنا..جعلونا نعيش على أمجاد الماضى من عينة بناة الأهرامات و أقدم الحضارات و فيها حاجة حلوة.. لأنه فعلياً لا أمجاد فى الحاضر قادرة على أن تبقيك صامدا ً فى هذا البلد..ولا مجال للفشخرة فى التاريخ الحديث بأى شىء..و لأن ليس بالإمكان أبدع مما كان ..لذا كان الحل أن نعيد و نزيد و نلت و نعجن فيما مضى ..تماماً كمن يعلن إفلاسه فيظل يردد على الناس إنه " ابن بيه و جده باشا " لأنه لا يمتلك فى هذه اللحظة فعليا ً ما يدعو الناس لإحترامه فيستجدى إحترامهم بذكر محاسن العائلة الكريمة.."مع إن أبوه وجده ماتوا خلاص ".



 و للحق..فربما عدم إنتفاضنا ضد تلك السذاجات رغم عدم إيماننا بها من داخل أعمق نقطة فى قلبنا..لا لحماقة منا ولا لأننا ببغاوات تردد ما تسمع دون فهم..و لكن و على طريقة "جابر مأمون نصار" الذى أدى دوره يحيى الفخرانى فى " للعدالة وجوه كثيرة" كان لا بد له من عائلة يزعم الإنتماء لها ليطمئن قلبه بعدما وجد نفسه فى الدنيا بلا أب أو أم أو عائلة ينتسب إليها..كان يعلم أنه يضحك على نفسه  ويكذب عليها و لكنها كانت كذبة كفيلة بأن تحقق له استقرار نفسى من نوع ما..نتقمص  نحن دوره  الآن ..نضحك على أنفسنا لأنه لابد أن يكون لنا  ف النهاية وطن..لأن أقسى شىء قد يواجهه المرء هو اللا إنتماء لأى مكان..ربما نحتاج للرجوع لنهاية المسلسل مرة أخرى..و لكن أذكر أن جابر مأمون نصار أضطر فى النهاية ليتحرر من كذبته ! 


الاثنين، 10 فبراير 2014

بلوتو الدور الرابع 5 - خطاب قاتم جدا ً


صديقى الفضائى على 


عبر كل تلك التضاريس الجغرافية اللعينة التى تفصلنا..عبر غلاف القشرة الأرضية وخارج نطاق المجال الجوى،وعبر كل تلك الأشياء الكثيرة جداً التى تفصلنا ولا أجيد وصفها أو تسميتها لأننى لم أكن يوماً من هواة الجغرافيا..عبر كل تلك الأشياء المعقدة أرسل لك سلامى ..



كيف أنت يا صديقى وكيف هى  أحوال أصدقائك الفضائيين..وأحوال كل البلوتواية؟..كيف هو الوضع فى كوكبكم.. هل واكبتم ذلك المستوى المبهر الذى وصلنا  له نحن سكان الأرض؟..ذلك المستوى المبهر و الفريد  من اللاعقلانية..و اللا منطق..و التناقضات المنهكة..لا أظن..الريكورد مسجل  باسم سكان كوكبنا يا صديقى ..وعلى وجه التحديد و الخصوص مسجل باسم ناس يحتلون رقعة معينة من ذلك الكوكب.. لا داعى هنا لذكرهم..فلا داع لأن أدع صورة ذهنية سلبية تستقر فى ذهنك عن أهل بلدى..أعتبر السطرين الأخيرين "حتة حشيش ملناش دعوة بيها "على طريقة أحمد زكى أحد نجوم كوكبنا



هيه..ما علينا


ربما أثرثر فى خطابى هذا أكثر من الحد المعتاد فى مقدمات خطاباتى لك..ربما أحاول لا شعوريا ً أن أنتشل نفسى من  تلك الدوامة التى لا أدرى من ألقى فيها بذلك الشىء الذى خلق مجموعة من موجات الصمت ليتسع مداها مبتلعانى بداخلها..ماذا كان ذلك الشىء أساساً؟..متى كانت تلك اللحظة التى أستسلمت فيها للصمت؟..لا أذكر..كل ما أذكره يا على أننى استيقظت من النوم فى  يوم ما و أنا غير قادرة على مجاراة أى شىء وكل شىء..و لو حتى بالكلام..حالة من " التناحة الخام" يا صديقى و أحتلتنى..صدقنى كنت على بُعد خطوات بسيطة من التحدث بلغة الإشارة بعد أن زهدت الكلام !



لذا دعنى اليوم أحدثك قليلاً عن الصمت ..و لكن أرجوك يا صديقى..وعلى نحو تحذيرات بعض البرامج قبل بدء عرضها إذا ما تضمن محتواها ما استلزم التنويه بشأنه..أرجوك  فكر قليلاً قبل أن تتخذ قرار بالقراءة..فخطابى هذا يتضمن قدر لا بأس به من الإبتذال و الكلام المستهلك  حد " الهرى" ..و يتضمن تعبيرات مُحملة بقدر كبير من القتامة..فأرجوك إن كنت فى حالة مزاجية لا تسمح بالقراءة أرجوك مزقه الآن ..و أنس أمرة تماماً..أما إن أصررت على القراءة ففقط تذكر أنى نبهتك..



الصمت..الصمت يا صديقى



أعتقد يكفيك أن تجرى بحثاً صغيراً على الإنترنت..و لا أفترض أنه سيكون عبر جوجل..و لا أعرف أصلاً إن كانت تجربة الإنترنت لديكم أنتم أهل بلوتو باتت إختراع رجعى عتيق أم لا..ربما لديكم سيرفرات دقيقة فى منطقة ما فى دماغ كل فضائى توفر لكم القيام بأمور مماثلة ..هذا بفرض أن للفضائى دماغ أصلا ً!



و لا أقصد هنا الإهانة..أقصد بالفعل الدماغ بوجودها المادى..لا أعرف إن كان تكوينكم يماثل الصورة الكلاسيكية لمعظم الكائنات: رأس..عين..أنف ..إلخ، أم أن لكم تصنيفاً خاصاً بكم على نحو أعجز عن تخيله..لا أعرف..ربما كل ما تتسع له رأسى أنا من خيالات أستمده من مجلة  ماجد..تلك المجلة التى أعتدت قرائتها فى طفولتى و كانت تخصص مساحة لإرسال مساهمات القراء المرسومة عن تخيلاتهم لشكل الفضائيين.

أيا ً كان..عموماً لا أعرف شكلك يا على و لكنى أعرف أنك كائن دافىء..تماماً كدفىء " E.T " ذلك الفضائى الطيب الذى أبكانى فى طفولتى حينما مات فى  ذلك الفيلم الذى لابد أنك و أصدقاؤك تجمعتوا لتشاهدوننا فيه على أننا نحن الفضائيين..تماما ً كفيلم نيكول كيدمان The others ، حينما أكتشفنا فى أخر الفيلم أنها و أبنائها موتى وأشباح بينما من ظنناهم أشباح هم الأحياء..فيلم يناسب جنون كوكبنا يا صديقى..و عموما ً يمكنك البحث عنه أيضاً لمزيد من التفاصيل.



وبالعودة للصمت، فأيا ً كانت الطريقة التى ستجرى بها بحثك..فسوف تجد يا صديقى ذلك الكم الكبير من الأوصاف التى تؤكد جميعها على أن الصمت صراخ..الصراخ الأعلى لأى شخص فاق الألم قدرته عل الإحتمال.



ربما يكون فى تلك الأوصاف شىء من الصدق..الصمت فى غالبه ألم..و لكنى لا أجده صراخ..الصمت أبلغ مراتب " القرف" يا صديقى..قرف تصير معه قدرتك على الصراخ شىء مستهلك للغاية..و أعذرنى إن أكثرت من استخدامى للفظة "قرف" ..و لكنى لا أجد ما هو أكثر دقة منها للتعبير عن تلك الحالة..حالة القرف!



الصمت زهد..


زهد من فرط " القرف " يا على..زهد لأن كل تلك التفاصيل المحببة باتت بلا طعم..لأن كل تلك الأبواب التى آثرت تركها " مواربة" بعد أن صرت غير قادر على معرفة أى القرارين بين الفتح و الغلق هو الأصوب أصبحت تشكل عبء..فتحولت حياتك فجأة لمجموعة من الأبواب المواربة التى لا تدخلك لأى مكان ولا تخرجك منه ،بل تجعلك هكذا..معلقاً في منطقة البين بين، بين الخوف مما وراء الدخول..والجبن أمام الخروج و السير مبتعداً.



قرف لأن ذلك الشىء الموجود فى أعمق نقطة فى قلبك ينهكك..وقرف لأن ذلك الشىء الطافى على سطح قلبك لا يشبهك..و لا يشبه ما تضمره ف الأعماق..قرف لأن التناقض و الشيزوفرينيا التى تعيش بها بين ما تضمر و تعلن كفيلة بأنها " تخليك تهنج "..و لأنها موجعة و منهكة حقا ً.



قرف لأن ذلك الخط الرمادى لا يفصح لك أبداً عن الحقيقة..فلا يخبرك بأن تتمسك بالشىء لأنه ربما يكون فيه فرصة عمرك..و لا ينصحك بأن تهرول مبتعداً لأن نفس الشىء ربما يكون صفعة العمر،يتركك هكذا ..فى ذلك التيه..بلا كتالوج..لأنه رمادى..محايد..ماكر.



قرف بيور و خام و جامبو لأنك أصبحت مرتضى تماماً ذلك الوضع المزرى لدرجة أنك حتى لا تكافح لتغييره.." اتصاحبت على القرف يعنى ".



الصمت يا على ثورة داخلك كانت تنوى يوما ً أن تعبر عن نفسها..و لكن القرف حولك أخبرك بصدق أن تتراجع مردداً عليك   " أقعد بلا نيلة " !


الصمت قصة لم تكتمل بعد أن تاهت تفاصيلها فى زحام الحياة..أو زحام القصة نفسها بتفاصيل كثيرة..غيرك!



والصمت مُسبب يا صديقى..دائما ً  و أبداً مُسبب..و إياك أن تصدق  أى شخص يخبرك بأنه لا يعرف سبباً لصمته،بمن فيهم أنا كما أخبرتك فى بداية الخطاب..أعرِف يا على لماذا استسلمت لتلك الحالة من السكوت..كلنا نعرف لماذا نصمت و لا سوانا أدرى منا بنفوسنا..نعرف تماماً أننا نكذب حينما نختار تلك الأجوبة الساذجة من عينة زهقان و ملان و سوبر مان..صدقنى يا على يدفعك الملل لفعل أى شىء سوى الصمت..و لا شىء سوى الخذلان يدفعك للصمت..فالخذلان..لا  يشفيهعتاب و لا  يزيل أثره من روحككلام..فقط الصمت عَرَضه و لا أعرف إن كان هو علاجه.. الصمت خذلان..تلخيصا ً و إجمالاً و صدقا ً..فالصمت خذلان !



اسفة يا على..أعلم قدر ما سربته لك من طاقة سلبية.
واسفة إن كنت سأضطر أنهى خطابى بذلك الإقتطاع المفاجىء الذى ينهيه على نحو مبتور !

من كوكب الأرض..مع تحياتى ،،