الأربعاء، 6 فبراير 2013


شىء من الحياة


ربما من الأمس كنت قد بيّت النية للكتابة..كل التفاصيل ملائمة تماماً ..كلها تدفعنى لإستغلال هذا الإلهام لأن أنتج شيئاً ما يوثق لهذه الحالة.


كل التفاصيل تمهد لأن أنزوى بنفسى لكتابة شيئا ً ما..بدءاً من صوت منير..لرواية مستغانمى..لعودة الهواء البارد ليضفى على قلبى شىء من السكينة..


ربما أعادنى منير لتلك النشوة المهزومة فى ظل كل هذا العبث السياسى .. لا تهمنى السياسة قطعاً بقدر ما يقتلنى إنهزام الإنسانية الذى يعلن عن نفسه فى أقبح صوره هذه الأيام..ربما هو أمر مفزع أن تدرك أنك تحيا فى عالم لن ينشغل كثيراً  لعرضك..أو كرامتك ..أو حتى دمك مقابل الحفاظ على النظام من التآكل.


على مدار أيام سقطت فريسة لتلك الفكرة اللعينة التى سلبت منى كل معانى الحياة..و سربت إلى نفسى شعور يمزج بين الإحباط والإحساس الحقيقى بالوجع..معنوياً.


فجأة وبلا أى أسباب تقترن بالمنطق وجدتنى كما لو أنى أسمع منير للمرة الأولى..كما لو أننى مراهقة تتلمس معنى الكلمات من وحى قصة حب تعيشها..لمستنى الكلمات و الموسيقى لحد أزال من رأسى حمى السياسة و الإنتفاض للمآسى الوطنية بشكل مؤقت.


أكتمل المشهد بتلك الرواية التى أبتعتها مؤخراً للجزائرية أحلام مستغانمى..أنتهيت منها بسرعة فاقت قدرتى على التخيل..فى غضون يومين فقط أنهيت صفحاتها التى تتجاوز الثلاثمائة..ربما إن لم تكن الإنفلونزا اللعينة قد تمكنت منى لكنت أنهيت الرواية فى يوم واحد فقط..أو ربما يعود الفضل للأنفلونزا فى أنها أسكنت روحى بعض الشىء بعد أن أضطرتنى لملازمة الفراش فجعلتنى أنقض على الرواية لإنهائها..


فى الواقع لم أنجز قرائتها سريعاُ لإعجابى بها..ثمة ما قرأته مسبقاً و لمس روحى بدرجة أكبر..و لكنه الشعور ببهجة سُلبت منك فى ظروف غامضة، فما أن حان وقت إستعادتها إلا ووجدت نفسك تستعيدها ببعض النهم..هو منطق أشبه بالمسافة التى تفصلك عن بعض الأشياء فتجعلك تشتهيها بدرجة أكبر..ربما لو ما كنت انقطعت عن القراءة منذ فترة لما أسعدتنى كما سعدت بها على مدار اليومين المنقضيين.


.ينطبق نفس المنطق على البشر بالمناسبة..و إن كنت عاجزة عن الوصول للحد الذى يجعل من المسافة تجديد لعلاقتك بالأشخاص أو أن تخطىء فى تقديرك للمسافة فينقلب الأمر لجفاء..ربما أنا هنا متأثرة بعض الشىء بما حكته مستغانمى فى روايتها عما أسمته "فن المسافة" !


منير..و مستغانمى..بداية جيدة جداً..ألم أقل أن كل شىء كان مثاليا ً جداً للكتابة..ألتزم الفراش..أمسك رواية تفصلنى نسبياً عن واقع سخيف..أعاود الإحساس بإجتياح الموسيقى و الكلمات إلى روحى..ويعيدنى الطقس البارد إلى هذا الاطمئنان المحاط بهالة من الشجن..فأنا كائن ينتمى لهذا الفصل..شيئاً ما فى الشتاء يعزينى فى بلادة العالم وقسوة المسافات التى تفرضها الحياة..ونس ما يجعل من البرد وليفاً لروحى..أفتح باب الشقة لأجد تلك الرغبة الطفولية فى أن أجلس على درجات السلم تستفزنى ..أتذكر الأنفلونزا فأحجم عن مثل هذا التفكير..أتجه لـــ " اللاب توب"..أتربص بالكتابة كما تتربص بى كل هذه التفاصيل من منير لمستغانى للبرد والتى تستفز فى روحى شيئاً ما..شىء من الحياة.