الأحد، 28 يونيو 2015

بلوتو الدور الرابع 15- حياتيات

عزيزى على، صديقى الفضائى القريب جدًا رغم كل تلك السنين الضوئية التى تفصلنا

                                    كيف حالك يا صديقى ؟


أردت اليوم يا صديقى أن أشركك معى فى بعض التجارب الحياتية، علّها تفيدك وتكن لك مرشدًا تهتدى به إذا ما أعجزك بعض ما تصادف فى الحياة من مواقف.

 صحيح أننى لا أعرف كيف تسير الحياة على كوكبك، ولا كيف هم مَن تتقاسم معهم الحياة أو ما هى طبائعهم، ولا  أخفيك  سرًا يا صديقى أننا أهل الأرض لسنا متأكدين من وجود كائنات من الأساس على  سطح بلوتو، لكننى أشعر أنه يتحتم علىّ أن أنقل لك بعض مما استخلصته مؤخرَا من الحياة.

وسأترك لك ترجمة وتفسير ما أقوله حسبما تشاء ووفقًا لطريقة إدارتك لعالمك وحياتك الخاصة،  فالنصيحة لم تكن يومًا إلزامية  يا صديقى ولا ينبغى لها، لكننى فقط  أريد ألا تصادفك حيرة حيال أمر ما تواجهه وتشعر أنك وحيد فى مجابهتها، ربما إذا تذكرت حينها أن ثمة مَن كان يسعى لتوجيهك وتجنيبك الحيرة بإسداءك النصيحة، قّلت حدة المشاعر المحيطة بصعوبة ما تواجه، وأعتقد يا صديقى أن هذا هو الدور الحقيقى لأى نصيحة: أن تشعرك أن هناك  مَن يعاصر معك آلامك وحيرتك ، ويفكر معك  بصوت عال، مهديًا إياك فى النهاية عصارة خبرته وتفكيره فى ضوء معطيات ما تعيشه، ليضعك على الطريق الذى أرتأى له أنه الصحيح..بغض النظر عن مدى صحته فعلاً، وبغض النظر عن إلتزامك بالتطبيق، لكن تبقي فى النهاية يا صديقى محاولة النصح الصادقة  نوعًا من المساندة المعنوية الكفيلة بأن تقلل دومًا من حدة ما تواجه.


  •  عليك يا صديقى أن تكن مباشرًا فى التعبير عن ذاتك وعما تريده، ولا تفترض فيمن تتعامل معهم أنه ينبغى عليهم فك شفرات ذاتك، أصبحت حياتنا سريعة الإيقاع يا صديقى، ولم يعد هناك مجالًا للأحاجى والألغاز، ولم تعد لدينا طاقة للتنبوء والاستنتاج، أذكر أننى سمعت يوماً جملة فى حديث عابر، رددت فيه تلك المرأة بحسم شديد : " لا تفترض فيمن تتعامل معهم الذكاء الذى يكفل لهم استخلاص ما يدور فى رأسك..بل عليك أن تكن بالذكاء الذى يكفل لك الوضوح والبساطة فى طلب ما تريده مباشرةً" ..وأَحسبُها على قدر من الصواب يا صديقى فيما قالته..الحياة بها ما يكفى من التعقيد، ولا ينبغى علينا أن نزيدها تعقيدًا، أعرف أنه يعّز على المرء طلب الكثير من الأشياء..وأن تركيبتنا الإنسانية تحتاج أحياناً أن يشعر بك الآخرون دون أن تتحدث، ولكن اتضح يا صديقى أنه ليست هكذا تدار الأمور.


  •  أحِرص على ترك مسافات آمنة بينك وبين كل ما تشتهى وتتمنى حقًا..ضع دائمًا فى ذهنك أن هناك احتمالية للوصول وفى ضوئها ابذل كل مجهود يكفل لك الوصول فعلاً، ولكن وبقدر موازى ضع أيضاً فى حسبانك أن ثمة احتمالية لعدم بلوغ ما تتمنى، تصالحك مع هذه الحقيقة يا صديقى قد يجّنبك سقوط نفسى مروع، فقد اتضح يا صديقى أنه "إذا أردت شيئًا بشدة ..تبقى غلطان"، وبالمناسبة يا على، ينبغى أن تدرك أن عدم بلوغ هدفك لا يشترط أن يرتبط  دائمًا بأسباب منطقية، فلا ترهق نفسك كثيرًا بالتحليل والتفسير لمعرفة لماذا حادت الأمور عن مسارها الطبيعى، صحيح أنه جميل بل وحكيم للغاية أن تحاول تفنيد أسباب كل ما لا يكتمل لاستخلاص دروس مستفادة ، تطبقها مستقبلاً، لكن احذر يا صديقى من مبالغتك وانخراطك فى التحليل..ثمة بعض الأشياء لا يُقّدر لها الحدوث..هكذا ببساطة..فانتشل نفسك سريعًا من متاهة الاندهاش وعدم التصديق.


  •  ربما تقابل يا صديقى فى حياتك بعض الأشخاص "المبتزين عاطفيًا" .. هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون دائمًا اللعب على وتر خلق إحساس بالذنب لديك..للسؤال عنهم..أو لتلبية بعض احتياجاتهم، يشعرونك دائمًا وأبداً بالتقصير فى حقهم، فلا تستجب لهذا الشعور، العلاقات الإنسانية السوية يا صديقى لا ينبغى لها أن تشعرك بالإرهاق، ولا ينبغى لك من الأساس  فى أى علاقة إنسانية أياً كان شكلها أن تكن أنت دائمًا الطرف المسئول عن ترتيب وتنظيم حياة الأطراف المقابلة، هذا استنزاف لطاقتك يا صديقى، فأرجوك لا تشعر بالذنب حيال أى شخص يعتبر وجودك الدائم ومساعدتك الدائمة من المسلمات، دون أن يوازن الأمر من جهته بتفهم لطبيعتك الإنسانية التى قد لا تجعلك قادر على القيام بالدور المطلوب منك دائمًا، واعلم يا صديقى أنه من حقك أن تدفع بعيداً كل شخص يسلبك سلامك واتزانك النفسى..ربما ستكتسب ذلك المفهوم مع تقدمك سنًا، فتكتشف أنه من حقك تشكيل محيطك الاجتماعى وفقاً لمتطلبات سلامتك النفسية، وأنك لست مضطراً للانخراط فى لعبة الاجتماعيات السخيفة مع هؤلاء المرهِقين.


  •  أعتمد على نفسك يا صديقى قدر الإمكان، مهما كنت محاطًا بأشخاص دافئة يمكنها تقديم الدعم، فربما تحول الظروف أحيانًا دون قدرتك وقدرتهم على التواجد الدائم معاً لتجد منهم الدعم والمدد، كما أن الحياة يا صديقى مع تقدمك سنًا واختلاف الطرق ستفرض عليك فى مواقع عدة أن تقوم بدور البطل الأوحد الذى ينبغى عليه حسم كثير من الأمور بمفرده، فعليك أن " تمرّن نفسك" على إنجاز تفاصيل حياتك بنفسك،  لتصبح ذلك البطل بالفعل، ولكن إذا شعرت أنك غير قادر على التصرف فأرجوك يا صديقى " الأ تكابر" وأطلب المساعدة ممن تثق فيهم ببساطة.


  •  أما أخر ما أود أن أنقله لك، أحذر يا صديقى أن تحولك ضغوط الحياة لموظف، حافظ دائماً على بوابة جانبية تطل منها على ما يسعدك ويشعرك بأنك حى بالفعل ، بل وجاهد دائمًا لتحول ما يُمتعك حقاً من رفاهية لأولوية، جِد دائمًا وقتًا لنفسك ..يخصك وحدك..صحيح أن هذه الأوقات قد تتراجع كثيرًا مقابل بعض الالتزامات،أو قد تختفى أحياناً، لكن المهم فى النهاية أن تؤمن بالمفهوم: ألا تنسى نفسك..وألا تستلم لدائرة  ضغوط الحياة المفزعة.

ربما قد يفيدك يا صديقى ما يحويه خطابى فى رحلتك الحياتية، وربما قد تقرأه وأنت تسخر  منى فى داخلك، تمامًا كطريقتنا فى التعامل مع شتى نصائح الكبار، ولكن هل تعلم يا صديقى أنه قد ثبت أن معظم ما تستهن به فى حياتك من نصائح ، تمر بك السنون .." وتلف تلف" ثم تتأكد من صحته بعد أن تكن التجربة قد أنهكتك ؟!


   دمت بعيدًا عن إنهاكات تجارب الحياة يا صديقى..وحكيمًا فى التعامل مع يُسدى لك من نصائح..ومبصرًا لتطبيق ما يتناسب منها مع ذاتك وعالمك.

                                            من كوكب الأرض

                                                            مع تحياتى،،