السبت، 20 أبريل 2013

مباهج الظلام


بدأ اليوم بإنقطاع التيار على " الريق" ..بداية كتلك كانت كفيلة بأن تحدث  " قفلة " فى يومى كله بعد أن أنهت مبكرا ً كل الخطط التى كنت أنوى تنفيذها ..صحيح لم تكن هناك خطط دقيقة محددة و لكن كانت النية موجودة و هذا يكفينى ، و لكن على غير المتوقع و بما أثار دهشتى من نفسى شخصيا ً تعاملت مع الموقف  بمنطق  " رٌب ضارة نافعة " .. قطع التيار كان بداية جيدة جداً لليوم من عدة نواحى :
                          
أولها ان الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائى هذّبت نفسى إلى حد كبير ..لم أعد اتأفف فى الواقع لتوقف عملى فى منتصفه ..بات رد فعلى اكثر هدوءا ً بدرجة ملحوظة (ثبات إنفعالى )..و صرت أكثر حنكة فى "تسييف" ما اكتب على اللاب توب عملا ً    بالكوميك الشهير :متنساش تدوس " كنترول +إس " عشان متتسوحش ( تنمية مهارات شخصية).



و للحق ساعدنى إنقطاع التيار أيضا ً على أن أصبح طويلة النفس و بعيدة النظر بدرجة أكبر ،لم أعد أتبع منطق جلد الذات كلما شعرت بالتقصير فى أى شأن حياتى ، تعلمت من إنقطاع الكهرباء أن التخبط و عدم الإتزان دليل على أنك تسير فى الإتجاه السليم..و أن الخطوات الأولى لا يشترط أن تؤخذ أولا ً.. الحكومة مثلاً طبقت قرار الترشيد فى حين أنها مازالت تدرسه  (دعك من الترتيب المنطقى للخطوات المهم أن تأخذ خطوة ) ، كما أننى أكتسبت ميولا ً تفاؤلية جعلتنى أصدق كل تلك الأفكار التى تبدو جنونية  (ما زلت أنتظر اس ام اس من الحكومة لإبلاغى بمواعيد قطع التيار ) .



ربما تتطلب الحياة شيئا ً من عدم المنطق لتبدو منطقية ..لا بأس بنزعة جنون إن كانت ستجعلك أكثر تقبلاً لكل هذا الجنون حولك !


و بشكل أكثر جدية..ساعدنى إنقطاع الكهرباء على أن أزيل غبار الركود الحياتى و لو بشكل نسبى و لكنه بلا شك أكسبنى شىء من السعادة ، فى تلك الأوقات التى تتجمد فيها الحياة بفعل إنقطاع التيار ..بعيداً عن صخب الإنترنت و ضجيج التليفزيون و مهاترات الإذاعة التى يتسلل لى صوتها من المطبخ ستكتشف أنشطة أخرى أكثر هدوءا ً و أعمق أثرا  ً فى نفسك..تماما ً مثل ما قررته بأن أفتح باب الشقة و أجلس على السلم  ممسكة بكتاب لأستمتع بقرائته على ذلك النور الربانى المنبعث من تلك الشبابيك الممتدة على جدران البيت.


أنهيت عددا ً من المقالات الساخرة المجمعة فى ذلك الكتاب ..و بين مقال و أخر- و بفعل تلك الجلسة الارضية البسيطة التى ملأت روحى سعادة حمقاء-  كان ذهنى ينفصل بعيداً وصولاً لكل تلك الأمورالبسيطة حد السذاجة التى أتمنى جدا ً أن أقوم بها و لم تتسن لى فرصة لتطبيقها إلى الآن  ..


 قد يكون مثلا ً  من الساذج جداً أن يكون واحداً من أعظم أحلامى أن أجلس على رصيف فى شارع حيوى  بينما أستمتع بمشاهدة خلق الله من منظور جديد.. قد يكون أكثر سذاجة أن يصاحبنى " مج النسكافيه " جلستى تلك على الرصيف ..و يا حبذا لو كان ذلك ليلا ً..فى الواقع لم أحدد بعد إن كنت سأستمع لموسيقى وقتها أم لا ..ربما سأحتاج وقتها إلى أن يطغى الصوت الطبيعى على الموقف..بين كلاكسات سيارات و مقتطفات من أحاديث المارة و أصوات الأقدام أثناء إحتكاكها بالأرض..أو ربما سأدمج بين الأمرين : الصوت الطبيعى للمكان ثم صوت الموسيقى ليطغى على كل تلك الأصوات و يفصلنى تماما   ً عن حدود المكان.


أمتد الأمر قليلاً   لأن أشطح بأفكارى فى تلك الأحلام التى ستلقى  قطعا ً مقاومة ما ممن حولى ..كذلك الحلم "الغريب" بأن أقتنى كلبا ً ضخما ً..وصف هذا الحلم  بالغريب هنا دقيق تماما ً ..فهو أمر أكتشفته بالصدفة فى نفسى بعد أن وجدتنى أحملق كثيرا ً فى تلك الكلاب الضخمة التى تستخدم فى تأمين وزارة الدفاع كلما مررت من هناك بعد إنتهاء عملى


 أشطح أكثر بخيالى و أنا أتصور ماذا سيكون رد فعل العسكرى إذا ذهبت لأسأله " من فضلك ممكن أتصور مع الكلب " ؟ بالقطع لن أطلب أمراً مماثلاً من العسكرى..اتوقع ان رد فعله سيجعلنى اتراجع عن الفكرة برمتها.


القراءة الآن لن تجدى وسط تحرش الأفكار برأسى..تركت الكتاب ..عاودت الدخول للشقة..يقف أخوتى هناك وكلاهما فى حالة ملل من إنقطاع الكهرباء..بدءا فى تمريرات سريعة للكرة بينهما..وقفت فى المنتصف بينهما تماما ً عاودت الأحلام التحرش برأسى ..ماذا عن ذلك الحلم بأن أتواجد فى المدرجات فى نهائى أوروبى ..قطعا ً ليس لحب الكرة ..فعلاقتى بها ليست أحسن حالا ً من علاقتى باللغة الصينية ..و لكن الأجواء..أنا فى حاجة لتجربة تلك الحماسة المفرطة ..


توقفت عن التفكير مرة ثانية بعد أن ارتطمت الكرة برأسى ..كانت محاولة من أخوتى ليستمتعوا بفرصة للضحك" على َ قطعاً " و أنا أشاركهم اللعب ..يجدوننى مادة مسلية جدا ً لإطلاق الإفيهات و أنا أحاول أن ألعب الكرة ..و أجده أمر شاقا  ً للغاية أن أتحكم فى الكرة بحيث أوجهها تماماً إلى حيث أريد..فى الواقع هى واحدة من أكثر الأمور التى تضحكنا جميعا ً..هم يضحكون لحماستى و تركيزى فى أن أحتفظ بالكرة و لو " لثانيتين على بعض" و أنا أضحك لضحكهم  و لتصور ما قد أبدو عليه من بلاهة تامة فى هذه الأثناء..


ربما سأضيف لقائمة أحلامى الساذجة تأجير ملعب أحظى فيه مع صديقاتى ببعض من هذه الأوقات التى تصيبك بنشوة قصوى..فعلناها مرة على شاطىء اسكندرية و لكنها كانت تجربة صعيرة حتما ًتحتاج لإعادة مع بعض التعديلات.

انتهى اليوم بأن عاود التيار الكهربائى السريان فى شتى أرجاء المنزل..بدأ بإنقطاعه و انتهى بمجيئه  على عكس المتوقع و بخلاف ما خططت..عاود كل منا مواصلة روتينه اليومى ..بينما ذهبت انا خلسة لغرفتى لمحاولة التدريب على السير بالكرة .
 

الخميس، 4 أبريل 2013

حساسية صدر

 هرعت وقتها لتستنشق من ذلك البخاخ الذى ينجدها من نوبات الحساسية التى تؤذى صدرها خاصة فى فترات تقلب الطقس..

كان تركيزى معها لافتا ً للإنتباه لدرجة أصابتنى بشىء من الإحراج حينما وقعت عيناها على ّ و أنا أحملق فيها و اتأملها..ارتبكت قليلاً ثم ابتعدت بنظرى عنها ..و عن عالم الواقع

انفصلت بذهنى بعيد اً و انا أفكر فى تلك الفتاة..فى نفسى..و فى المشترك بيننا ..أنا أيضاً أشتكى من نوبات حساسية مفرطة تهاجمنى بعنف مؤخرا ً..كانت هناك بوادر فى اوقات سابقة  لكننى كنت أتمكن من مهاجمتها ما أن تبدأ فى التسلل إلى ّ..حساسية روح  تؤذى صدرى أيضا ً لكن لا يوجد لها بخاخ للسيطرة عليها.. كنت أنجح بدقة فى إتباع التعليمات التى أرسمها لنفسى بنفسى لأسيطر عليها..لكننى الآن فريسة سهلة لتلك النوبات .


تتسلل النوبات إلىّ لا فى فترات تقلب الطقس و إنما فى فترات تقلب المزاج..كانت الحالة المضادة للبلادة..فى التبلد عدم إنتفاض لأمور تستحق الإنتفاض، ولكن كان الأمر مختلف هذه المرة..كانت أوقات من الإنتفاض المتواصل على مالا يستحق..تلك الأوقات التى تتعاظم فيها توافه الأمور التى طالما كنت تنجح فى تجاهلها تماما ً ..لكنها الآن تتضخم لدرجة تجعل منها  - و للأسف- محور حياتك..هل تعرف تلك الأوقات التى تصبح فيها ضيق الأفق لدرجة قد تجعلك تبدو "أبله "..تلك الأوقات التى قد تقودك للإنخراط فى نوبه بكاء طفولية لمجرد أنك تجد على الغداء نوع طعام لا تفضله..قد يكون هذا هو التشخيص الأنسب  للحالة ..هى أيضا ً و حرفيا ً حساسية صدر !