الاثنين، 10 فبراير 2014

بلوتو الدور الرابع 5 - خطاب قاتم جدا ً


صديقى الفضائى على 


عبر كل تلك التضاريس الجغرافية اللعينة التى تفصلنا..عبر غلاف القشرة الأرضية وخارج نطاق المجال الجوى،وعبر كل تلك الأشياء الكثيرة جداً التى تفصلنا ولا أجيد وصفها أو تسميتها لأننى لم أكن يوماً من هواة الجغرافيا..عبر كل تلك الأشياء المعقدة أرسل لك سلامى ..



كيف أنت يا صديقى وكيف هى  أحوال أصدقائك الفضائيين..وأحوال كل البلوتواية؟..كيف هو الوضع فى كوكبكم.. هل واكبتم ذلك المستوى المبهر الذى وصلنا  له نحن سكان الأرض؟..ذلك المستوى المبهر و الفريد  من اللاعقلانية..و اللا منطق..و التناقضات المنهكة..لا أظن..الريكورد مسجل  باسم سكان كوكبنا يا صديقى ..وعلى وجه التحديد و الخصوص مسجل باسم ناس يحتلون رقعة معينة من ذلك الكوكب.. لا داعى هنا لذكرهم..فلا داع لأن أدع صورة ذهنية سلبية تستقر فى ذهنك عن أهل بلدى..أعتبر السطرين الأخيرين "حتة حشيش ملناش دعوة بيها "على طريقة أحمد زكى أحد نجوم كوكبنا



هيه..ما علينا


ربما أثرثر فى خطابى هذا أكثر من الحد المعتاد فى مقدمات خطاباتى لك..ربما أحاول لا شعوريا ً أن أنتشل نفسى من  تلك الدوامة التى لا أدرى من ألقى فيها بذلك الشىء الذى خلق مجموعة من موجات الصمت ليتسع مداها مبتلعانى بداخلها..ماذا كان ذلك الشىء أساساً؟..متى كانت تلك اللحظة التى أستسلمت فيها للصمت؟..لا أذكر..كل ما أذكره يا على أننى استيقظت من النوم فى  يوم ما و أنا غير قادرة على مجاراة أى شىء وكل شىء..و لو حتى بالكلام..حالة من " التناحة الخام" يا صديقى و أحتلتنى..صدقنى كنت على بُعد خطوات بسيطة من التحدث بلغة الإشارة بعد أن زهدت الكلام !



لذا دعنى اليوم أحدثك قليلاً عن الصمت ..و لكن أرجوك يا صديقى..وعلى نحو تحذيرات بعض البرامج قبل بدء عرضها إذا ما تضمن محتواها ما استلزم التنويه بشأنه..أرجوك  فكر قليلاً قبل أن تتخذ قرار بالقراءة..فخطابى هذا يتضمن قدر لا بأس به من الإبتذال و الكلام المستهلك  حد " الهرى" ..و يتضمن تعبيرات مُحملة بقدر كبير من القتامة..فأرجوك إن كنت فى حالة مزاجية لا تسمح بالقراءة أرجوك مزقه الآن ..و أنس أمرة تماماً..أما إن أصررت على القراءة ففقط تذكر أنى نبهتك..



الصمت..الصمت يا صديقى



أعتقد يكفيك أن تجرى بحثاً صغيراً على الإنترنت..و لا أفترض أنه سيكون عبر جوجل..و لا أعرف أصلاً إن كانت تجربة الإنترنت لديكم أنتم أهل بلوتو باتت إختراع رجعى عتيق أم لا..ربما لديكم سيرفرات دقيقة فى منطقة ما فى دماغ كل فضائى توفر لكم القيام بأمور مماثلة ..هذا بفرض أن للفضائى دماغ أصلا ً!



و لا أقصد هنا الإهانة..أقصد بالفعل الدماغ بوجودها المادى..لا أعرف إن كان تكوينكم يماثل الصورة الكلاسيكية لمعظم الكائنات: رأس..عين..أنف ..إلخ، أم أن لكم تصنيفاً خاصاً بكم على نحو أعجز عن تخيله..لا أعرف..ربما كل ما تتسع له رأسى أنا من خيالات أستمده من مجلة  ماجد..تلك المجلة التى أعتدت قرائتها فى طفولتى و كانت تخصص مساحة لإرسال مساهمات القراء المرسومة عن تخيلاتهم لشكل الفضائيين.

أيا ً كان..عموماً لا أعرف شكلك يا على و لكنى أعرف أنك كائن دافىء..تماماً كدفىء " E.T " ذلك الفضائى الطيب الذى أبكانى فى طفولتى حينما مات فى  ذلك الفيلم الذى لابد أنك و أصدقاؤك تجمعتوا لتشاهدوننا فيه على أننا نحن الفضائيين..تماما ً كفيلم نيكول كيدمان The others ، حينما أكتشفنا فى أخر الفيلم أنها و أبنائها موتى وأشباح بينما من ظنناهم أشباح هم الأحياء..فيلم يناسب جنون كوكبنا يا صديقى..و عموما ً يمكنك البحث عنه أيضاً لمزيد من التفاصيل.



وبالعودة للصمت، فأيا ً كانت الطريقة التى ستجرى بها بحثك..فسوف تجد يا صديقى ذلك الكم الكبير من الأوصاف التى تؤكد جميعها على أن الصمت صراخ..الصراخ الأعلى لأى شخص فاق الألم قدرته عل الإحتمال.



ربما يكون فى تلك الأوصاف شىء من الصدق..الصمت فى غالبه ألم..و لكنى لا أجده صراخ..الصمت أبلغ مراتب " القرف" يا صديقى..قرف تصير معه قدرتك على الصراخ شىء مستهلك للغاية..و أعذرنى إن أكثرت من استخدامى للفظة "قرف" ..و لكنى لا أجد ما هو أكثر دقة منها للتعبير عن تلك الحالة..حالة القرف!



الصمت زهد..


زهد من فرط " القرف " يا على..زهد لأن كل تلك التفاصيل المحببة باتت بلا طعم..لأن كل تلك الأبواب التى آثرت تركها " مواربة" بعد أن صرت غير قادر على معرفة أى القرارين بين الفتح و الغلق هو الأصوب أصبحت تشكل عبء..فتحولت حياتك فجأة لمجموعة من الأبواب المواربة التى لا تدخلك لأى مكان ولا تخرجك منه ،بل تجعلك هكذا..معلقاً في منطقة البين بين، بين الخوف مما وراء الدخول..والجبن أمام الخروج و السير مبتعداً.



قرف لأن ذلك الشىء الموجود فى أعمق نقطة فى قلبك ينهكك..وقرف لأن ذلك الشىء الطافى على سطح قلبك لا يشبهك..و لا يشبه ما تضمره ف الأعماق..قرف لأن التناقض و الشيزوفرينيا التى تعيش بها بين ما تضمر و تعلن كفيلة بأنها " تخليك تهنج "..و لأنها موجعة و منهكة حقا ً.



قرف لأن ذلك الخط الرمادى لا يفصح لك أبداً عن الحقيقة..فلا يخبرك بأن تتمسك بالشىء لأنه ربما يكون فيه فرصة عمرك..و لا ينصحك بأن تهرول مبتعداً لأن نفس الشىء ربما يكون صفعة العمر،يتركك هكذا ..فى ذلك التيه..بلا كتالوج..لأنه رمادى..محايد..ماكر.



قرف بيور و خام و جامبو لأنك أصبحت مرتضى تماماً ذلك الوضع المزرى لدرجة أنك حتى لا تكافح لتغييره.." اتصاحبت على القرف يعنى ".



الصمت يا على ثورة داخلك كانت تنوى يوما ً أن تعبر عن نفسها..و لكن القرف حولك أخبرك بصدق أن تتراجع مردداً عليك   " أقعد بلا نيلة " !


الصمت قصة لم تكتمل بعد أن تاهت تفاصيلها فى زحام الحياة..أو زحام القصة نفسها بتفاصيل كثيرة..غيرك!



والصمت مُسبب يا صديقى..دائما ً  و أبداً مُسبب..و إياك أن تصدق  أى شخص يخبرك بأنه لا يعرف سبباً لصمته،بمن فيهم أنا كما أخبرتك فى بداية الخطاب..أعرِف يا على لماذا استسلمت لتلك الحالة من السكوت..كلنا نعرف لماذا نصمت و لا سوانا أدرى منا بنفوسنا..نعرف تماماً أننا نكذب حينما نختار تلك الأجوبة الساذجة من عينة زهقان و ملان و سوبر مان..صدقنى يا على يدفعك الملل لفعل أى شىء سوى الصمت..و لا شىء سوى الخذلان يدفعك للصمت..فالخذلان..لا  يشفيهعتاب و لا  يزيل أثره من روحككلام..فقط الصمت عَرَضه و لا أعرف إن كان هو علاجه.. الصمت خذلان..تلخيصا ً و إجمالاً و صدقا ً..فالصمت خذلان !



اسفة يا على..أعلم قدر ما سربته لك من طاقة سلبية.
واسفة إن كنت سأضطر أنهى خطابى بذلك الإقتطاع المفاجىء الذى ينهيه على نحو مبتور !

من كوكب الأرض..مع تحياتى ،،