الأحد، 23 يونيو 2013

إيام فى الإشارة

أعود اليوم بتدوينتى تلك للهدف الأساسى الذى ُأبتكرت لأجله المدونات : توثيق الحياة الشخصية .


ربما يعانى الخيال عندى  قصورا ً ما يحول دون كتابة جيدة  .. أو ربما.. ربما أعانى حالة إحباط وطنى مهما جاهدت نفسى و أصطنعت تجاهلها يسيطر على ّ فى النهاية شعور بالقلق أو عدم الإرتياح أو ربما الخوف .. أيام لا تسير بسلاسة ..ثمة ما يعيق إنسيابية الأحداث  و كأن كل الأيام تقف فى إشارة مرور أكثر سخافة من إشارة روكسى ..أبواق سيارات مزعجة..زحام يجعلك تضيق بكل من حولك..تماما ً تماماً ينطبق الوضع على الأيام..فقط  إستبدل الأبواق بأفكارك المزعجة و لا تندهش إذا لم تعرف سببا ً واضحا ً لزحام حياتك ..ألم أقل أن الأمر يتشابه لحد كبير مع الزحام المرورى ..لكن المبشر فى النهاية أنه سواء تم التوصل لسبب الزحام من عدمه.." بتمشى ف الأخر"!



أحداث متشابكة و متداخلة ..تجعلك تشعر بالضآلة أمامها ..تعجر فى معظم الأحيان عن التفسير وفك طلاسمها ..أو ربما ترتضى عدم الفهم لأنه يكون أقل وجعا ً من الفهم..أيام تستفزك فيها و تقلقك وقد تبكيك هما ً أو سخرية ً كل تلك الدوائر المتشابكة من الهزيان ..هزيان على كل المستويات..هى حالة أشبه بفترة إنتقالية شخصية تتشابك فى فترة إنتقالية وطنية ..و المحصلة  أيام ثقيلة على القلب !



و لأن كل الطرق تؤدى إلى روما ..أعود لنفس النقطة..لنفس الحالة..يهرب منى الخيال..أحاول أيضا ً أن أهرب..أقرأ..أقرأ كثيرا ً ..أستمع لكل تلك الأغانى ..أستسلم للعمل بشراهة ..لا أتخيل يوما ً مثلا ً أننى سأواصل ثمانى ساعات  من العمل المنهك للدرجة التى تجعل زملائى يجبروننى على مغادرة مكان العمل بعد أن بدا الإجهاد على ملامح وجهى..وقتها و لحظيا ً أستغربت مقاومتى لفكرة ترك المكان و تمسكى بمواصلة العمل ..لا أتذكر شىء سوى أننى فجأة وجدت الجميع يأمرنى بالمغادرة قبل أن أسقط من حمى العمل ..هنا تماماً وافقتهم بإستسلام تام..فى اللحظة التى وجدتنى فيها أجادل لأواصل..توقفت ..لملمت أغراضى و رحلت.. كان ينبغى وقتها أن أرحل ..أن أكف عن الهروب ..أن أختلى بنفسى فى محاولة لمعرفة من أى شىء أهرب..


أحاول من جديد أن أندمج فى حياتى بطبيعية ..أجاهد للإندماج..فأجدنى أهرب من  جديد..أهرب بالقراءة و الأغانى و الإستسلام للعمل..  يلتصق فى مخيلتى مشهد مايسترو التايتنك حينما أصر على مواصلة العزف وقت غرق السفينة ..تتجسد صورته أمامى فى كل مرة من مرات الهرب ..إما أن ما يفعله كان قمة القوة ..أو قمة الضعف .. تنتهى كل محاولات الإلهاء بعد نجاح نسبى ..و لكنها تنتهى..ينتهى مفعول الموسيقى و القراءة و العمل و لا يبقى إلا الإنهاك منه، ينتهى الأمر بأن تجد نفسك وسط تلك الدائرة المفرغة مرة اخرى..تلك الدائرة التتى تمتزج فيها الآمك الشخصية بآلام الوطن .



أواصل الهرب ..صرت عبقرية فى ذلك ..يضيق صدرى ..أستشعرها خيانة لحظية أن أغمض عيناى متظاهرة بعدم الرؤية..أتجه للكتابة ..أستشعره عدم نبل من نوع ما أن  أكتب عن أى شىء أخر..أهربى هروب نسبى ..يبدو ذلك حلا ً مقبولاً ..أهربى للكتابة و أكتبى عما تهربين منه..يبدو حلا ً مثاليا ً للغاية..أجد فى النهاية أننى لم أهرب..يا الله ..أنا أسيرة تماما ً و لم أهرب كما كنت أتصور..هو منطق أشبه بأن تقرر ألا تفكر فى أمر ما..تعاهد نفسك كل لحظة ألا تفكر فيه..تردد على نفسك : لن أفكر ..لن أفكر ..لن أفكر ..فتكتشف فى النهاية أن كل ما تفعله هو أنك تفكر فيما تظن أنك نجحت فى تجاوز التفكير فيه .