الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع 3 - رأس السنة

طِبت يا صديقى  الفضائى أينما كنت..

نحتفل اليوم على كوكبنا بعام جديد، ولا أعلم هل فى علم الفلك والتقاويم يستوى الأمر فى كل الكواكب أم أن لكم حسابات أخرى للزمن؟، عمومًا يا صديقى لن تمثل هذه النقطة محلاً للخلاف، الزمن أساسًا أصعب من أن نكتشف له طريقة لحسابه بشكل "حقيقى"، صدقنى يا على لا جدوى من الأرقام فى مقابل "الإحساس "بالأيام، وإن كانت تلك الأرقام التى تقفز بسرعة الطائرات النفاثة تزعجنى أحياناً، تُربكنى فكرة ألا تشعر كيف مرت و متى مرت دون أن تدرى..ذلك الإحساس بأن الكثير حولك يتغير..الكثير جداً، وهو ما يٌنّبهك بأن الساعة الرملية لزمنك تتناقص حباتها، ودونما تلك التغييرات التى تأتيك أحياناً كالصفعات ربما تظل أنت فى الغيبوبة  الزمنية، فاقداً للإحساس، المسألة إحساس يا على ..إحساس . 


" والعمر أيامه بتجرى"
لا ليست درامية وإنما هى جملة يتغنى بها الآن سيد مكاوى - مطرب الأنس فى كوكبى أنا الخاص-الذى يأتينى صوته عبر سماعات الأذن التى أضعها.. ياللصدف يا صديقي!
أرجوك يا على إن كانت لديكم كل تلك التكنولوجيا المتقدمة كما تعكسها لنا الأفلام حينما تصور أهل الفضاء يتّنصتون علينا نحن سكان الأرض عبر تلك الشاشت الكبيرة والسماعات الحساسة للصوت، فأرجوك أغتنم الفرصة واستمع بطريقة أو بأخرى لأغنية يا مسهرنى ومكاوى يغنيها على العود: "الصبر دة.. دة مش بإيديا ..والشوق واخدنى فى بحرهواك ..هواك" ♫  


سنتى التى أوشكت ع الاتهاء ؟
لم تكن كمثيلاتها على مدار سنوات عمرى الستة وعشرين، كانت بهم جميعاً يا على، ولكننى ممتنة لكل لحظاتها القاسية جداً، ولكل مواقفها الصعبة جدًا، شكّلتنى يا صديقى، غيّرت فى داخلى شىء ما كان ليتغير إلا من خلال ظروف كهذه، لذا فصدقنى أنا ممتنة لها  رغم أننى ما أن أتذكر بعض التفاصيل إلا ووجدتنى أعبس قليلاً  رغمًا عنى، وأشرد بعض الشىء، لكننى ممتنة لكل ما طالنى فيها من أحداث مُرّكبة، فلولاها ما كنت أنا على الصورة التى أنا عليها اليوم،  أتعلم يا على؟ دعنى من هذه النقطة لا أريد مزيدًا من الإسترسال فيها؛ هى من الأمور التى طالما اجتهدت فى شرحها لن تتمكن من وصفها على نحو ينصف ما عايشته، ألم أخبرك يا صديقى أن المسألة برمتها إحساس؟ دعنى .. دعنى يا صديقى أغنى قليلاً مع مكاوى: 

"تعالى خلى نسيم الليل على جناح الشوق يسرى" ♫



المهم.. لن أطيل عليك فى خطابى اليوم، راسلتك فقط لأتمنى لك  عاماً جميلاً، وإن سْمحت لى ببعض التنظير فدعنى أخبرك بأننى أتمنى لك عامًا بعيد عن كل تلك الخيبات الموجعة للروح، بعيد عن  الخذلان والأمانى المتطايرة فى الهواء،  كل عام وأنت أقرب لنفسك ولما تريد وتشتهى، وأنت تشبه نفسك حقًا، لا ممسوخًا بقسوة ذلك العالم ولا متطبعًا بها، كل عام وأنت مبتسم وسعيد بكل تلك التفاصيل الصغيرة التى تُبهجك، واظب عليها يا صديقى ولا تلق بالاً لمن يُسّفه من أى شىء يُسعدك مهما صغر شأنه، دعهم يستصغرونه وأنعم أنت وسط غفلتهم وانشغالهم بسخافات الحياة بتلك البهجة التى لن يفهموها أبدًا، أمسك فى التفاصيل بكل ما أوتيت من قوة؛ فلولاها يا صديقى لبهتت سنواتنا حقًا.


أعلم أنك ربما تبتسم لحماقتى الآن فى مخاطبتك بلغة أرضية تمامًا- نسبةً إلى كوكب الأرض- ولكننى مستعدة للرهان على أن الإنسانيات واحدة هنا وهناك، ع الأرض أو على بلوتو، وكما أخبرتك من قبل فى رسالة سابقة ، صحيح أنك كائن فضائى ولكنك فى النهاية كائن يسرى عليه ما يسرى على غيره من الإنسانيات، لذا أعلم أن معايدتى تلك ستلمس داخلك شيئًا .


أما أنا، فربما سأسترخ قليلاً،  اُخفض  إضاءة غرفتى بعض الشىء، وأسند رأسى على ذلك الحائط الممتد خلفى لأتفاهم -إن استطعت- مع بعض بقايا العام العالقة فى روحى،  فقط أنا وبعض التصفيات الشخصية، ومكاوى .. "وأقول لروحى وأنا ذنبى إيه .. يقول لى..يقول لى قلبى حلمك عليه". ♫

                                                                                من كوكب الأرض.. مع تحياتى ،،


الجمعة، 20 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع 2- عالمى الموازى

كدة يا على ؟
مرت أربعة وعشرون ساعة و أنا أنتظر خطابك ،و لكن شيئا ً لم يصل ..ما جدوى التكنولوجيا إذن ..ما جدوى سرعة السنوات الضوئية ؟..تخيلت أننى بمجرد كتابة حرفى الأخير من رسالتى الأولى لك سيكون ردك قد وصلنى .. يحضرنى الآن مشهد أحمد مكى فى فيلمه طير إنت وهو يخاطب ماجد الكدوانى " ليه مُصّر تشوه صورة العفاريت اللى فى مخيلتى..أومال فين جو شبيك لبيك و الجليتر اللى بين إيديك " ؟
أى إنبهار يا على لو سمحت ..دة أنت كائن فضائى يا جدع !


وللتوضيح فالاسماء السابقة  اسماء لفنانين فى كوكبنا..ودعنى الآن أتحول بحديثنا لمناقشة جدية ،فكلام العقل مهم يا على ليقربك من ذاتك المهم فقط أن تجد من يستطيع فهمك و يجاريك فيه..أو على الأقل تجد منصتاً جيداً لكل كلاكيعك..الاستماع الصادق مريح للغاية يا صديقى ..المهم ..صارت هذه مشكلتى  ..أقصد فكرة استدلالى الكثير بأجزاء من مشاهد أو مقتطفات من كتب قرأتها أو حتى بعض الجمل من بعض الأغانى ..هل تصدق ذلك ؟



أعلم أنها مشكلة تافهة و لكنها تؤرقنى..و لكن لا توجد مشكلة كبيرة و أخرى صغيرة يا على ..أى شىء و لو كان تافهاً يعد مشكلة طالما يؤرقك و ينتقص من سكينتك ..أعى تماماً أن هناك مشكلات لا تقارن بغيرها لضخامة تأثيرها على حياة أصحابها ..ولكن ما نقترفه أحياناً هو التسفيه من شأن ما يمر به غيرنا لمجرد مقارنته بما نمر به- وهو فعل أنانى جداً بالمناسبة- وقد يكون فعلاً لا مجال لمقارنة المشكلتين ..لكننا سنعود لنفس النقطة التى تحدثنا فيها فى خطابنا الأول..الإحترام و التقدير يا على ..ظروف الناس ليست مماثلة يا صديقى ،ناهيك عن إختلاف ما يمكن أن نسميه الفروق الفردية و ما يتبعها من تفاوت قدرة الإحتمال  لمؤثرات الحياة الخارجية ،و بالتالى فما أعانيه أنا و أكابده و يمثل عندى نهاية الدنيا قد لا تراه أنت بنفس الكارثية ..أنت حر ..ولكن لا تسفه مما أمر به..هل فهمت قصدى يا صديقى ؟



 طب خد عندك..قرأت مؤخراً على إحدى صفحات الشبكات الإجتماعية مشكلة لفتى يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً..بدا الفتى من كلامه أنه يمر بصراع نفسى ما لتعلقه بزميلة له وسط حيرة عدم القدرة على التصرف..يشعر أنه إن لم يصارحها بحقيقة مشاعره فسوف يخسر وليفة روحه للأبد ..شعر أنها هى وليفة روحه ..وهو شعور عميق جداً و نبيل يا على ..و لكنه كان متخوف من ألا يتقبل مجتمعيهما الفكرة لصغر سنهما .. هل تعرف يا صديقى كيف كانت ردود رواد الصفحة ..كانت قاتلة معنوياً و تنّم عن مأساة إنسانية نعيشها اللهم إلا من رحم ربى من أصحاب العقول و القلوب الرحيمة أيضاً ..والوصف هنا غير عاطفى يا على و لكنى أجده الأدق ..يتطلب منك الأمر قلباً رحيماً لتستحق لقب إنسان ..أعلم تماماً أن مشاعر الفتى مضطربة و أنها طبيعة مرحلة عمرية ..و أعتقد أنكم تعايشون أموراً مماثلة فى كوكبكم مع صغار كائناتكم الفضائية و تجاربهم العاطفية ..طبيعة مرحلة يا صديقى.. عادى جداً..لكن غير العادى و غير الإنسانى هو أن تستلم الفتى بوصلات من السخرية و الاستهزاء ..و إن كنت أراهن شخصياً على أن كل خفيف ظل من الساخرين قد عايش تجربة مماثلة وربما لقى تعامل شبيه مع مشكلته حينها..و النتيجة أننا صرنا نسلم عقدنا من جيل لأخر !



 أفترض أن الحزن و الألم و الوجع  يهذبوا النفس يا على ، لا أن يتحولوا أسباب لتفريغ ما نمر به على الأخرين فى صورة عقد و كلاكيع ..أفترض ذلك..و لكن ذلك لا يحدث على كوكبنا إلا فى أضيق الحدود للأسف .

و بالعودة لمشكلتى فقد تبدو تافهة إلا أنها تؤرقنى..تؤرقنى يا صديقى ..أتعرف لماذا ؟ لأننى أصبحت غير قادرة على التفاعل بشكل طبيعى ..صرت ساكنة عالم إفتراضى أجدنى أتعامل فيه بأريحية أكثر..عالم الأفلام و الأغانى و الكتب..تطور الأمر لأننى فى أحيان كثيرة أفقد القدرة على التعبير ..و الكلام..لا تسعفنى أبداً الكلمات و لم أعد قادرة على  وصف حالتى بدقة إلا من خلال الاستشهاد بشىء مما ذكرته لك ..نعم قد يكون أمر تافه من وجهة نظرك و لكنه مؤشر على أننى أمر بإضطراب ما..أصبحت غير قادرة على التعاطى مع الواقع المعاش بشكل كبير ..و فى المقابل أزيد من إحكام قوقعتى على ّ..قوقعة الأفلام و الأغانى و الكتب..أتعتقد إننى عرضة للإصابة بالتوحد يا على ؟ أرجوك يا صديقى أطلعنى على أحدث ما توصل له أهل بلوتو فى هذا الشأن ..فعهدى بأهل الفضاء كما تعكس السينما و الكتب صورهم بأنهم متقدمين علمياً.



سأراسلك مرة أو مرات أخرى يا صديقى ..مازال لدى الكثير لأطلعك عليه و أشاركك فيه.. و مازال الأمل قائماً بان أتلقى منك رداً على خطاباتى ..لن أطلب منك ثانية أن تراسلنى..بصراحة مطلقة ..بعض الأمور يعّز على المرء طلبها يا على ..لذا لن أطلب منك مراسلتى..مازلت على عهدى بك وثقتى فيك..أعرف أنك لا تتجاهلنى ..مازال عهدى بصداقتنا بأنها أعمق من أن تغيرها السنوات..النفوس العذبة يا صديقى لا تغيرها الظروف.. صحيح قد تعيد الظروف تشكيلها ،تماماً كما تتحول بعض المواد بفعل مؤثرات خارجية كالحرارة أو البرودة من صورة لأخرى..و لكن حتى إعادة التشكيل لا تنفى عن المادة أصلها.. يبقى الأصل العذب فى النهاية بلا تشوهات..لذا سأفترض أن ظروف ما تعيق ردك علىّ..ربما تكونوا مشغولين ببعض المشكلات مع سكان كواكب أخرى ..أو ربما عايش بلوتو ثورة ما إعتراضاً على سوء أوضاع الكوكب..ربما لديكم أيضاً تمييز بين من هم سلالة ذوى قرون الاستشعار وغيرهم ..ربما أنت الآن معتصم  فى العراء و لا تشعر بأى أمل فى هذه المجرة..أعلم يا صديقى قدر الإحباط و الخذلان الذى قد تعايشه الآن بفعل هذه التغييرات..صدقنى أتفهم شعورك تماماً..ربما سأقص عليك فى مرة أمراً شبيهاً عايشته فى بلدى ..هنا على كوكبنا..المهم..أياً كان و أينما كنت يا صديقى فقلبى معك ..و إلى أن يتجدد الحديث بيننا ..فلك منى كل الإحترام و التقدير.

من كوكب الأرض..مع تحياتى،،


الخميس، 19 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع

على ..أين أنت يا صديقى ؟

كيف مرت كل هذه الأعوام دون أن نسأل عن بعضنا البعض رغم عمق ما كان بيننا يوماً ،ورغم إيماننا التام بضرورة أن نبذل جهداً فولاذياً للحفاظ على قوة علاقتنا شأن أى شىء يريد الإنسان أن يحتفظ به دون أن يدع مجالاً لزحام و سخافة الحياة أن يتسربا من أضيق ثقب ف العلاقة ..جاهدنا يا على حتى لا يحدث ذلك..أو ربما لم نجاهد بالشكل المطلوب..سمحنا للثقب أن يتسع ..ولسخافة الحياة أن تحتل مكان شيئاً كان ضرورياً .. شيئاً كان بمثابة غذاء الروح الذى نقتات منه و نعيش عليه..اتسع الثقب ..ازدادت سخافة الحياة و هشاشتنا فى مواجهتها..ذبلت أرواحنا و بهتت حماسة إقبالنا على الحياة..تحولت الحياة فجأة إلى مجموعة ثقاب كلاً منها كان يمثل يوما ً شيئا ً كبيراً جوهرياً..وأعادت الحياة تشكيله - مع سماحنا لها بذلك- وحولته إلى ثقب..ثقب فى القلب ..مجموعة ثقاب فى القلب يا على ! 


هيه..ما علينا ..


أخبرنى عن حالك يا صديقى ..عشرة سنوات مرت علينا لابد أن تغييرات جذرية قد حدثت فيها ..وأرجوك لا تتحول لذلك الكائن المبتذل الذى يدّعى أن شيئا ً لم يتغير و أن الحياة راكدة.. ربما لأن تغييرات غير مرغوبة قد حدثت أو لأنها ليست هى التغييرات المنتظرة و المتوقعة ننفى حدوث تغييرات..لكن الحقيقة أن كل عام يفرق يا صديقى فى تكوين المرء..يلغى فكرك أشياء كانت مهمة فى مرحلة ما و يستبدلها بأشياء أخرى..تتغير قائمة أولوياتك وإهتماماتك و نظرتك للأشياء..ألا تنظر يا على لأشياء كنت " موّقف الدنيا عليها " فى يوم  ما و لكنك تتذكرها الآن ضاحكاً من سذاجتها و سذاجتك؟! ..ألم يكن لك فى يوم ما هدف و لكنك لم تبلغه أبداً وبدلاً من ذلك حققت إنجاز أخر لم تخطط له تماماً  ووضعتك الحياة فى طريق مغاير كلياً ..و للعجب قد تكتشف نفسك فيه ؟! ولكنك ستظل يا صديقى طول الطريق تسير كالأبله فاتحاً فمه غير مستوعبا ً تلك المنحنيات التى مررت بها..فتجد نفسك بدرامية ما ..فى لحظة ما..تقف فى المنتصف تماماً..مندهشاً من حلم لم تبلغه ..ومن هدف بلغته دون أن تقصده ..وهو لو تعلم أمر شاق ومرهق للنفس ..فإذا استسلمت لحالة التوهان تلك ربما ينتهى بك الأمر لمكان لا يفضى لأى مكان!


تغيرنا يا على و تغير كل شىء حولنا..و بالمناسبة ليس الأمر درامياً ..لا أريد أن أبدو كبرامج التوك شو بتركيزى على الجوانب المظلمة فقط..للحق فثمة جوانب إيجابية كثيرة تكتسبها بمرور الوقت ..تكبر وتتتغير فتصبح أقرب من ذاتك و مما تشتهيه فعلاً..تتبلور فى ذهنك شخصيتك مع الوقت ..تجد أنك أصبحت سيد قرارك فى بعض الأمور لتحسمها بمفردك..هنا تماماً  تعى أنك كبرت..هو أمر جميل و لكنه صعب يا على ..صعب للغاية ..فجأة ستجد أن كل تلك الأمور الصغيرة التى تتطلب منك قراراً باتت تسبب لك ضيق من نوع ما..سلسلة قرارت لا تنتهى أبداً ..مع الأخذ فى الإعتبار ان بعض القرارت يترتب عليها شكل حياتك القادمة.


أحياناً أجدنى غير قادرة على التحديد..لا أعلم إن كان قرارى سليم أم أن حماقة ما تحيط به..ورغم أننى مؤمنة تماماً بأن لا مشكلة تماماً فى أن تخطىء ..إلا أن المشكلة فقط  تكمن فى تلك القرارت التى تمس حياتك القادمة كما أخبرتك..قرار واحد غبى قد يمتد تأثيره لسنوات..قد يكلفك عمراً بأكمله..أخاف  كثيراً من ذلك..الإعتراف بالخوف غير مشين يا على كما يظن بعض سكان كوكبنا..ليس جبن أن تعلن خوفك..الخوف شعور إنسانى لا يضيرك إن اعترفت به..أتعلم يا صديقى أن الناس هنا تتملكهم إزدواجية تدهشنى كثيراً..يتعاملون مع الضعف و الخوف و الحب بأنها نواقص على الرغم من أنهم جميعاً يعايشون هذه التجارب الثلاث..أرجوك يا على إن قررت يوماً ما أن تقود مركبتك الفضائية فى نزهة قصيرة لكوكبنا..أرجوك لا تدعهم يغّلفون عقلك هنا بأفكارهم البالية تلك..حِب يا على و خاف و اضعف..صدقنى لا ينتقص أياً من ذلك شيئاَ منك..هى أشياء مرتبطة بإنسانيتك و لا يضيرك أبداً أبداً ياعلى أن تسمح لإنسانيتك أن تتجلى و تأخذ مجراها الطبيعى..صحيح إنك كائن فضائى و لكنك كائن فى النهاية تسرى عليه الإنسانيات كما تسرى على غيره من الكائنات.


وعلى ذكر ماهيتك و كونك فضائى ..صحيح يا على يوم أن إبتدعتك فى ذهنى من عشر سنوات أنا و صديقاتى فى فصل 2-6 فى مدرستنا الثانوية ..هل كنا نعانى قصوراً ما فى خيالنا بحيث  نطلق عليك و أنت الكائن الفضائى "اللى ليه هيبته" مجرد  ذلم الاسم :على !


تخيل  الآن إن كنت ضخم للغاية ..أو تسير بقدم واحدة..ماذا إن كانت لك عين واحدة كبيرة فى منتصف وجهك..أو إن كانت لك قرون استشعار كبيرة تتدلى من فوق رأسك..سيبدو اسم على كوميدياً للغاية عليك..و ربما حّقر أصدقائك الفضائيين من شأنك و أتخذونك محل للسخرية..أرجوك يا على سامحنى إن ألحقت بك أنا و صديقاتى أذى نفسى من نوع ما..فكم نلحق ببعضنا البعض جراح غائرة بأفعال حمقاء كهذه دون أن ندرى مدى تأثيرها على من تلتصق به أوصافنا السخيفة تحت دعوى المزاح..أعلم يا صديقى أن جزء كبير من قبح الإنسان يقع فى لسانه..سامحنى يا على إن فعلت بك ذلك دون أن أدرى ..و سامحنى أكثر لأننى حتى و إن علمت اسمك الحقيقى لن أناديك به أبداً..أنا شديدة الإرتباط بالتفاصيل يا على..شديدة الإرتباط بالأيام و الناس و الأماكن..و أنت واحداً من الأشياء الباقية من زمن جميل..لذا ستظل فى ذهنى "على" حتى و إن كان لك اسم أخر .


كنا بنقول إيه ..اه ..شدة ارتباطى بالتفاصيل و الأماكن و الأيام و الناس تسقطنى كثيراً فى نوبات نوستالجيا قاتلة ..بشكل أو بأخر أجدنى غير مستوعبة لفكرة إن مكان ما ..بناسه ..بتفاصيله ..بذكرياته ..بكل ما يرتبط به قد أصبح جزء من الماضى ..فجأة يا على ستكتشف أن حياتك كالمسرحية ..ربما لها فصول كثيرة غير مرتبطة بعضها..و لكنها فى النهاية مسرحية واحدة..تتحقق وحدتها من خلال كونك أنت البطل فيها..الشاهد على كل هذه الفصول غيرالمرتبطة ببعضها البعض..الغريب فقط يا على أن بعض الأماكن بناسها بتفاصيلها لم أكن أحبها بذلك القدر الذى يصيبنى بوجع النوستالجيا ذلك عند تذكرها ..لكن أتعرف..يبدو أننى عاطفية يا على ..وبرغم أن تجاوزك لمراحل حياتك المختلفة دليل على نضجك ..أقصد نضج أن تكون لديك تلك القدرة على الاستمرار مع اختلاف الظروف وأن تترك فرصة للأيام لتأخذك لمراحل جديدة دون أن تتحول لذلك " الطفل العبيط اللى عمال يعيط على لعبه القديمة "..إلا أننى يا على كما تقول إليسا إحدى مطربات كوكبنا - والتى يرتبط دائماً معى صوتها بالشتاء-  " مقدرش أنا أعمل زى ناس..بينسوا و خلاص" ..أتجاوز كل مرحلة يا على..صدقنى أتجاوزها و لكن يبقى شيئاً منها عالقاً فى مكان ما فى الصحراء الغربية بقلبى ..أنا عاطفية يا على..و لا يضيرنى الإعتراف بذلك !



ربما بتحتم على ّ الآن أن أنهى خطابى..ولكننى أعدك إننى سأراسلك مرة أخرى..أو مرات عديدة..يجب أن أحدثك عن أمور كثيرة.."دول عشر سنين ياعلى " ..يجب أيضاً أن أحدثك عن هذا العام الذى أوشك على الإنتهاء و كيف أنه كان " بالعشر سنين على بعض ".


راسلنى من فضلك..صدقنى يا على كل الأشياء الجميلة تستحق العناء من أجلها..و أعدك أننى إن وصلنى خطابك سأبذل قصارى جهدى لفهم لغته..تماماً كما أثق أنك ستفهم خطابى هذا .. وحتى إن لم أتمكن من فهم خطابك ..أعدك أننى لن أستهين أبدا ً بما كتبت.. سأحترم كل ما يتضمنه خطابك حتى و إن كنت تحدثنى عن أشياء "عبيطة " سأحترمها لأنها جزءاً منك ..أعتقد أن ذلك كان الأساس الذى ساعد علاقتنا على أن تستمر طيلة العشر سنوات السابقة..المهم يا على هو الإحترام و التقدير ..ويحضرنى هنا مشهد منة شلبى -إحدى فنانات الجيل فى كوكبنا- وهى تقول لأمير كرارة - أحد فنانى الجيل برضه فى كوكبنا - : " حتى لو بقول كلام فارغ أنت لازم تسمعنى..اللى انت بتسميه أوهام دة جزء منى ..و إذا رأيك إن دة مش مهم يبقى أنا كلى على بعضى مش مهمة  "..المسألة تقدير و إحترام يا على ..و بقدر بسيط من الإهتمام تحجز لنفسك أكبر مقعد فى قلوب من تهتم لأمرهم..و لا شىء يقتل العلاقات سوى الإهمال ..الإهمال موجع يا على .. لا تستدرجنى الآن لمزيد من الحكى ..سأتوقف الآن و أتوقع منك رداً سريع ..التكنولوجيا و السنوات الضوئية ستتكفل بسرعة وصول الخطاب..أتوقع ذلك..و لحين إستلام خطابك ..لك منى كل التقدير و الإحترام


من كوكب الأرض ..مع خالص تحياتى 



إهداء لسمر صلاح و مها الديب..الشاهدتان على إبتداع شخصية "على "..و على كل تلك التغييرات فى العشرة ستوات السابقة ..و ما سبقهم..و ما يليهم إن شاء الله  :)

الجمعة، 6 ديسمبر 2013

تهويمات بيور 1

صباح الخير(عشان انا لسة صاحية )..أو مساء الخير( عشان صاحية متأخر)..أو أيا كان ( عشان متوترة شوية )


المهم..
المهم إن المهم لازم يفضل مهم  طالما هو فعلا بالنسبة للواحد مهم ..و الموضوع عايز مجهود..عايز تعب عشان الأهمية دى متبهتش ..متتكلفتش و تتدارى تحت كل الكراكيب اللى زاحمة الحياة..يعنى إيه ؟  يعنى بلاش غباء..أه والله غباء..ماهو لما تبقى أهم حاجات بالنسبة للواحد فى حياة الواحد بتضيع و تتوه و تبهت و هو سايب الفرصة لدة يحصل ..يبقى دة غباء .


صباح التصالح مع النفس..


- طب ما هو أحياناً بيبقى صعب أوى حفاظ الواحد على أهمية الحاجة دى من ناحيته هو بس..الواحد تعب يتعب لحاجات ما بتتعبلهوش بنفس الدرجة..فكرة انه بيزق فى حيطة دى صعبة جداً..فكرة الظروف اللى بتخليك غصب عنك مش قادر تحافظ على نفس درجة معافرتك مع الدنيا حفاظاً على نفس الحاجات المهمة دى ..صعبة..صعبة أوى


- بلاش كلام فارغ..الحياة صعبة و هتفضل صعبة..دة أمر منتهى ، (لقد خلقنا الإنسان فى كبد )..فكرة صراعك مع الدنيا هتفضل موجودة طول ما انت فيك النفس..بس فى فرق بين لما دة يحصل و انت بعيد عن الحاجات اللى بتحبها ..أو و انت معاهم و بيهم بتكمل ..و الكليشيه بتاع الواحد لو استنى الظروف المناسبة تيجى عمره ما هيعمل حاجة طلع حقيقى ..اه والله حقيقى ..


صباح الحقايق الحياتية الصادمة .

- هو الكلام دة عن الحاجات اللى الواحد بيحبها ؟ الحاجات بس ؟
-الناس قبل الحاجات .


- طب ما هو صعب..صعب ..يعنى إيه تتعب لناس مبتتعبش ليك بنفس الدرجة ..يعنى إيه ؟
- كل العلاقات الإنسانية اللى فى الدنيا عمرها ما بتبقى موزونة من الناحيتين على نفس القدر..فى دايماً حد بيكون تقديره للموضوع أقوى من الحد التانى و مجهوده للحفاظ أقوى و إهتمامه أكبر ..صعب العقل يترجمها أحياناً بسهولة..بس دة حقيقى..و صعب ..و جميل ..عشان كدة الموضوع عايز مجهود..مجهود للحفاظ على العلاقات ..عشان عمرها ما بتكون موزونة ..بنفس القدر..من الناحيتين.


ما انا قلت م الأول صباح الحقايق الحياتية الصادمة.


- طب و العمل ؟
- بلاش غباء.


- يعنى إيه ؟
- بلاش غباء.


- أيوة سمعت كويس ..يعنى إيه ؟
- واضحة..هى واضحة ..جّمع الكلام جنب بعضه: الحاجات و الناس المهمة ..مجهود..مبتبقاش موزونة بنفس القدر..لازم مجهود..بلاش غباء .


صباح الكلكعة الحياتية..و الحقايق الصادمة..و الغباء .