الجمعة، 13 يونيو 2014

لأنك تستحقين :)

عزيزتى أى مرأة تجد من نفسها شيئاً ما فى السطور القليلة القادمة : أحبك جداً ! 


بالقطع لا أعرفك معرفة شخصية..لكننى أعلم أننا نلتقى كل يوم،ربما أصطدم بك و أنا أسير فى الشارع،ربما أجلس إلى جانبك فى مواصلة عامة ..ربما  تحدثنا حديث خاطف فى أى مناسبة ..سرنا معاً فى نفس الشارع..آلاف الاحتمالات لكيفية تلاقينا من قبل ،و لأن كلتانا رأسها مشغول بالكثير ربما لا ننتبه لبعضنا البعض،لكن المؤكد أننى أعرف ما تمرين به تماما ً كما تعرفين ما أجابهه.


عزيزتى أى مرأة  تمر بكل تلك الضغوط المعنوية من مجتمع لا يُقدرك كما ينبغى..بدءاً بما استقر فى الأذهان عن كونك كائن ناقص تابع ضعيف لا تحوى رأسه إلا توافه الأمور..وصولاً لكل تلك القيود المُحجّمة لأن تعيشى على النحو البسيط الذى ترسمينه فى مخيلتك  فتضطرك- أى القيود- لمراجعة ما تريدين فعله ألاف المرات قبل الإقدام عليه ..فمرة تراجعين العادات..ومرة تتوقفين أمام نظرة المجتمع..ومرة تقعين فريسة لذلك الصراع بين المفروض و المألوف " و اللى يصح و اللى ما يصحش" لمحاولة إضفاء شىء من المنطق على كل ذلك العبث الذى يعترض طريقك،ومرة تجدين نفسك تبررين و تدافعين عما تريدينه ..ومرات تُرهقين..فقط تُرهقين من كل تلك الممرات الطويلة التى عليك سلكها بغية الوصول لما تريدى و تشتهى؛لتدركى وقتها أنك لست سيدة قرارك ..و أن ثمة العديد من الإجراءات و طلبات الحصول على موافقات عليك الإنتهاء منها أولاً.


لفة تضاهى تماماً لفة أى مواطن يريد إنهاء بعض الإجراءات المتعلقة بأى ورقة فى مصلحة حكومية .
أعرف و تعرفين جيداً تلك المعاناة بالإصطدام بعدد من الموظفين الروتينين/ أعرف و تعرفين جيدا ً تلك المعاناة بالإصطدام بكل تلك العادات و التقاليد البالية.. أعرف و تعرفين جيداً بهجة النصر إذا ما تمكنتِ من إحراز نصر صغير حاربتى فيه ضد المألوف/ أعرف و تعرفين جيداً بهجة الإنتهاء من ورقة تافهة فى مصلحة حكومية بائسة فى مبنى جدرانه صفراء متهالكة تثير الشفقة .



ولكن عزيزتى هل تشاركينى إحساسى بأننا فى معركة تدعو للضحك الساخر فى وصلة لا تنتهى إلا بانقطاع الأنفاس من حمى الضحك ..بربك أى حرب تلك التى يحارب جنودها من أجل ارتداء ملبس معين دون مراجعة الطريق الذى سيمرون فيه بهذا الملبس ومدى ملائمة الطريق للملبس؟  ..أى حرب تلك التى تندلع لعدم تمكن جنودها من الذهاب لمشوار معين لأن عليهم أولاُ  إجراء مراجعة فكرية لقائمة طويلة تضم  مدى ملائمة موعد و مكان المشوار و هل سيأتى أحد لاصطحابهم لأن الطريق بعيد بعض الشىء؟ أى حرب يضطر فيها الجندى لأن يحارب ضد تصنيفات بالية يلصقها به مجتمعه،دون حتى تحرى تلك التصنيفات من جانب من يرددوها و إخضاعها لشى من العقل، فيظلوا يرددوها كالببغاوات على طريقة هذا ما وجدنا عليه أباؤنا  و أجدادنا ؟

 

..وبربك ذكرّينى هل اندلعت حرب لأن جنودها لم يلقوا دعما ً معنويا ً يتناسب مع قسوة ما يواجهون ؟

إذن دعينا نضحك يا عزيزتى سويا ً على سذاجة الحرب المفجعة التى نخوضها يوميا ً مع أبسط خيارات حياتنا !


ربما تكمن هنا الأزمة ..نحن يا عزيزتى جنود وجدت نفسها فى حرب سببتها سذاجة مجتمعنا وعدم حكمته ،وليس أمامنا سوى الإنتصار لأنفسنا ..نحارب يوميا ً من أجل أن يُتاح لنا الإختيار الحر فى أشياء بسيطة جداً ..حرب مستنزِفة و مستهلِكة لنفوسنا للغاية..لأنها مستمرة دائما ً و أبدا ً..لأنها مؤثرة على شكل حياتك بأكمله..وعلى تشكيل شخصيتك.. و إلا فماذا يبقى لكِ من نفسك إذا ما تركتِ كل تلك الترهات المجتمعية تقرر لك كل تفاصيل حياتك؟


 ما أردت أن أخبرك به عزيزتى أى مرأة وجدت من نفسها شيئا ً فى هذه السطور..هو أننى أحبك جداً وعليك أنتِ أيضاً أن تحبى نفسك كثيراً و لا تنسيها فى حربك مع الحياة..قوة كتلك الكامنة فيك ِ  وسط شراسة ما نعيشه و نواجهه يوميا ً مع طبيعتنا الهشة فى الأساس لا تستحق إلا الإحتفاء بها ..و إحتفاء يليق ببطولة ما تفعلين يوميا ً لن يكون إلا بأن تحبى نفسك..أما السبيل لحب نفسك فهو نسبى يختلف فيما بيننا حسب ما نقصّر فيه مع أنفسنا ..لكننى أعلم جيدا ً أن حبك لنفسك يعنى ألا تنسيها ..فقط لا تنسيها وسط دائرة الحياة المفرغة تلك ..و تذكرى دائما ً و أبدا ً أنك بطلة نفسك..و أنك تستحقين الأفضل   :)


الأحد، 1 يونيو 2014

بلوتو الدور الرابع 7- إنسانيات

عزيزى على ..صديقى الفضائى الذى تبعدنى عنه مجرات ..و تفصلنى عنه كواكب
كيف حالك يا صديقى؟



ربما أكون قد لخصت محتوى خطابى يا صديقى فى جملة التحية السابقة قبل أن أبدأه: "تبعدنا مجرات و تفصلنا كواكب"..لعنة المسافات يا صديقى..و ما أدراك ما لعنة المسافات !



أتعرف يا على أنها ربما الفكرة الأكثر قسوة فى تجربة " أن تكبر " ..أن تعتاد الغياب ..أن تسّلم بكل تلك المسافات بينك و بين كل هؤلاء الذين يطمئن قلبك لمجرد فكرة وجودهم قريبا ً منك دون أى تعقيدات جغرافية.


الفكرة الأكثر قسوة فى تجربة " أن تكبر " يا على هى أن تحاول التأقلم مع أفكار ترفضها فى أعماقك ..وأن يتعين عليك فى الوقت نفسه رغم رفضك و مقاومتك للفكرة أن تنضج و تتمكن من التعامل معها رغم قسوتها لتتمكن من الاستمرار و المواصلة..أن تستيقظ كل يوم لتخوض مفاوضات سلام مع روحك و أنت تقنعها بأنه يمكن الاستمرار وسط كل تلك الغيابات،لينتهى الأمر بهدنة سرعان ما تتبدد مع صراع روحك المتجدد..و هكذا .


لكن يبقى السؤال المحير يا صديقى..هل المغزى أن تستمر فقط أم أن تستشعر الحياة؟ أليس التأقلم نوع من القهر اللطيف..ألا تنطوى فكرة التأقلم مع وضع ترفضه فى أعماقك على شىء من قلة الحيلة و الخضوع ؟..أليس التأقلم نوع من تهذيب خدعة تعيشها فتحاول لا شعوريا ً إقناع نفسك بالقدرة على ترويضها و التعامل معها ؟.


أعرف يا على أن الإنسان لا يملك السيطرة على كافة الظروف التى تعترضه ..و أن القدرة على التأقلم ليست بهذا القدر الذى يعكسه كلامى من الاستسلام و الخنوع..بل أن القدرة على التأقلم ربما هى القوة..و كل القوة ،إذا تمكنت من مجابهة فزعك الإنسانى و لم تتحول لذلك " العيل اللى عمّال يعيط على حاجة ضاعت منه " !



و من هنا دعنى ألتقط خيطا ً أخر للحوار.. ما الضير يا صديقى من بعض الضعف ..ما المشكلة فى أن تترك بعض المجال لذلك" الطفل اللى عمال يعيط" بأن يسمج لإنسانيته أن تتجلى ..  لماذا أرسوا فينا أنه ينبغى عليك ألا تظهر ضعفك و خوفك و ألا تستخرج مشاعرك من أعماقك لتتمكن أنت أولا ً من فهمها بدلا ً من أن تتحول مشاعرك المكتومة تلك لأنات لا يمكن فهمها و لا علاجها ..لماذا دائما ً ثمة حواجز بين ما تشعر به حقا ً و ما تظهر به ع الملأ لمجتمعك..و لا يسرى ذلك  بالمناسبة على العاطفة فحسب يا صديقى بين رجل و امرأة..و إنما أقصده بمعناه الأعم و الأشمل للعاطفة..لكل العواطف الإنسانية ..لكل الإنسانيات..ما المشكلة يا صديقى فى بعض التعبير عما تمر به إن كان على حد علمى أن ذلك يعد فى علم النفس أسلوب فعّال .. أن تتحدث عن أوجاعك و مخاوفك و أحزانك  و أفراحك حتى بصوت عال .



تؤرقنى يا صديقى فكرة تعاطينا مع مشاعرنا و أجدها مغلوطة و مشوهة إلى حد كبير ..تعاطينا مع مشاعرنا يا على  نكسوه دائما ً و أبداَ بشىء من الإنتقاص لقوتنا ..مع إن الكتمان لا ينتقص إلا من إنسانيتنا .. يحولنا مسوخ..و يحرمنا من استكشاف وجه أخر للحياة و لأنفسنا.


ألا لعنة الله على المسافات يا صديقى ..و على حماقة تعاطينا مع عواطفنا ؟

هيه..ما علينا
من كوكب الأرض..مع تحياتى ،،