الأربعاء، 21 أغسطس 2013

عدت الأيام عليا


كلفتنى مديرة التحرير التى وضعتنى تحت الإختبار   بإعداد تقييم  review  لألبوم عمرو دياب الأخير ،، و بعد محاولة من جانبى باءت بالفشل لإقناعها بأننى لست مؤهلة للقيام بتلك المهمة ، أمسكت ورقة و بدأت أكتب :


عزيزى القارىء..استمعت مؤخرا ً لألبوم عمرو دياب " الليلة " لأننى كنت صريعة حالة من الاكتئاب السياسى الإنسانى الأخلاقى ،دفعتنى للهروب للموسيقى، صدقنى أنا عادة لا تعجبنى ألبومات عمرو فور الاستماع إليها..و لا أعرف سبب منطقى وراء ذلك، و لكننى عادة أستغرق فترة إلى أن تعجبنى أغنياته..ربما لأن حالة من الإعجاب المبالغ فيه من كل معجبيه تفرض نفسها على الموقف بمجرد صدور ألبومه تنعكس على ّ بشى من المقاومة فى البداية إلى أن أبدأ فى تذوق الأغنيات..لكن تلك الحالة لم تنتابنى فى هذا الألبوم..أعجبتنى أغنياته دون أى سبب وجيه.. فقط أعجبتنى.


هل يعجبك هذا التقييم عزيزى القارىء؟  أليس كل تقييم مخلوط ببعض الذاتية المنعكسة من شخصية من يحاول التقييم .. هذا هو تقييمى إذن ..أعجبنى الألبوم.. لذا فلست بصدد أن أسترسل ساردة كلام مستهلك حول الكلمات و الأغانى و شكل عمرو الذى بدا صغيرا ً فى البوستر.. دعنا عزيزى القارىء ننتقل من هذا الاستهلاك و االإبتذال لمدرسة جديدة فى التقييم نبتدعها الآن أنا و أنت ...ماذا لو تناول كلا منا أغنية ما من الألبوم و حاول سرد تجربة من حياته فى ضوئها ..أليست لعبة جميلة ستدفعك للاستماع لكل أغنية فى الشريط بدقة متناهية لإختيار الأغنية الأقرب لتجربة حياتية لديك ..سأبدأ بنفسى ..ربما لا أريد أن أبدو كئيبة و أتناول أغنية " سبت فراغ كبير " رغم أنها أول ما طرأ على ذهنى ..و لا أبدو محملة بقدر كبير من الشجن إذا ما تحدثت عن أغنية " و أهى ذكريات " ، و لا أريد أيضا ً أن أبدو كمن يصارع الإنتظار إذا ما بدأت بأغنية " فوق م اللى أنت فيه "..ممم ..إذن ربما سأختار " عدت الأيام عليا " ..نعم...إنه أختيار مثالى لأشاركك عزيزى القارىء ..كيف عدت الأيام المنقضية عليا :


كانت الأيام المنقضية قاسية بعض الشىء..ربما كانت قاسية جدا ً
كانت فرصة لأن أجلس طويلا ً مع نفسى..صرت مدمنة لذلك الضوء الأصفر الخافت المنبعث من إنعكاسات أنوار خارجية..أغلق شباك الغرفة إلا قليلا ً بما يكفى لدخول ذلك الخط من الضوء الأصفر ..كنت أشعر أن القصة بأكملها ملخصة فى ذلك المشهد: هدوء فى الغرفة لا فى نفسى.. ظلام حالك فى الغرفة و فى نفسى..شعاع خافت من النور مسلط من الخارج على ّ
ربما كان ذلك الإختلاف الوحيد..شعاع خافت من النور منبعث من داخلى متمردا ً على كل ذلك الظلام داخلى و حولى ..ربما تبدو كذلك القصة أكثر دقة.



كانت الأيام المنقضية مبشرة ..مبشرة بعض الشىء
صرت أكثر إنصاتا ً لنفسى..أكثر قدرة على التحديد بين ما أشتهيه و بين المفرووض.. عاهدت نفسى على التحلى بشجاعة القدرة على التنفيذ..على إتخاذ خطوات فعلية لمغادرة حدود الحلم وصولاً لحيز تحقيقه..على تحفيز نفسى وتحفيزها و تحفيزها و تحفيزها..على مواجهة خوفى و قتله فى كل مرة يتجسد لى فى صورة عقبة ما..عاهدت نفسى على أن أنفض غبار الخذلان من فوق روحى..و معه أكسر كل تلك السلاسل لأترك لروحى المجال قليلاً لأن تستمتع بالعالم على سجية..سجية ما أشتهيه فعلا ً..دون تحفظات سخيفة ..أو خوف جبان.


كانت الأيام المنقضية صادمة..صادمة للغاية
تكسرت أمام عينى ثوابت ..أو بالأحرى ما كنت أحسبه ثوابت..تكسر معها جزء منى .. استغرقت وقت للفهم..و لتجاوز الأمر ..أو ربما لمحاولة المرور فوق ما حدث..يختلف الوضع عن محاولة تجاوز أمر ما..أن تتجاوزه يعنى أنك نجحت فى المرور من ذلك النفق الضيق ..من تلك المرحلة السخيفة..تجاوزتها بكل ما فيها من ألم، اما ان تمر فوق ما حدث فتعنى أنك يجب أن تسير..تواصل ..تستكمل بكل ما فيك من ألم ..تستكمل لأن يجب على التروس أن تدور و إلا طالها الصدأ.



كانت الأيام المنقضية موحشة..موحشة جدا ً
كنت بعيدة تماما ً عن روتين حياتى المعتاد.. عشت لحظات قاسية من خواء مفزع أفتقدت فيه كل ما ألفته سابقا ً من أشخاص و أحاديث و ...الخ ،، كانت فرصة جيدة لأدرك أن على المرء أن يحيا كل لحظة و يعيشها للمنتهى..تلك العبارة المستهلكة صدمتنى حقيقتها .. كل لحظة تنقضى و كنت تتذمر منها ربما تفتقدها فى يوم ما و  تتمنى لو عاد بك الشريط تماما ً عندها..ربما على المرء أن يخلع عن نفسه عباءة إنتظار ألأفضل و يحاول الاستمتاع ما بين يديه ..هل ثمة ما هو أفضل من ذلك ؟!




تنويه لابد الإشارة إليه :  قامت مديرة التحرير بخصم جزء من راتبى بعد أن تسلمت ما كتبته ،، ربما لم يعجبها إختيارى لأغنية "عدت الأيام عليا "  و كانت تنتظر أن اتناول أغنية أخرى..يمكن !

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

على صعيد إنسانى

إنها تلك المساحة التى يُسمح لك فيها بالحديث إلى نفسك بصوت عالى ..بتوثيق كتابى يمكنك الرجوع إليه كشاهد على مرحلة ما من حياتك..


و انا اليوم أشتهى أن أحدثنى ..أن استمع إلى َ فى محاولة منى لفهمى !
و ليس لى إلا تلك المساحة لتحتوى ضجرى و ألمى و حنينى و إرتباكى ..وتحتوينى كلى ..و ليس لى من دون الكتابة وسيلة للتوثيق ..ولا سوى كل هذا الارتباك مادة مجدية للكتابة .
إذن من أين أبدأ ..


من ضجرى .. هو ضجر ممن أوصلنا جميعا لتلك المرحلة من الاعتراك لا السياسى ..فالوضع السياسى بات لا يعنينى فى شىء..ملعونة الكراسى و السلطة ..و لكنها حالة إعتراك إنسانى كفيلة بأن تسقطك صريع الاكتئاب حينما تدرك أنك كإنسان لا قيمة لك ..دمك لا يعنى شىء..عرضك لا يساوى شىء..انت يا من تمثل عظمة السر الإلهى.. على الأرض لا تساوى شىء.. و السخرية أن من قرر أنك لا شىء..هو أيضا ً إنسان،،و لكن بحسبة تبعد ألاف السنين الضوئية عن العقل و المنطق و لسبب غير مفهوم..انت انسان لا تساوى شىء..و غيرك إنسان يساوى كل شىء..و القضية نسبية..إنسانيتك تقاس بفكرة تعتنقها لا بروح بثها الله فيك.. إذن انت لست إنسان طوال وقت..ياللسخرية..انت إنسان نسبى حسب أفكارك!



من ألمى .. انا حقا ً موجوعة.. الوجع النفسى يمتد لينعكس على جسدى.. رغبة مفرطة فى ألا أغادر الفراش لأن لا نفسية تحتمل الإختلاط بالبشر و لا جسد قادر على أن يحملنى..و كيف له أن يحتمل وجع حقيقة أن  عالمك يعيد ترتيب أوراقه منك.. لأن فكرك لم يعد كفكر سكان هذا العالم.. بالقطع أقصد عالمى الصغير من المقربين.. فجأة أصبحنا نعانى إغتراب من نوع ما..لأن أفكارنا لم تعد على نفس الخط.. مازلنا نسكن نفس العالم..و لكنه بات أضيق من أن يحتوينا بكل هذه التصنيفات المتطرفة التى أصبحنا نلصقها ببعضنا البعض عبثاً..تقتلنى حقيقة أنه أصبح من العقل ألا تتناقش مع كل هؤلاء المقربون لقلبك حفاظا ً على ما بينكم.. حقيقة أنك ستكتشف ان علاقات كثيرة كنت تحسبها عميقة أصبحت هشة لدرجة مخيفة بفعل قضية لم تتكشف بعد حقيقتها..بينما كشفت لك حقيقة اننا جميعا ً تحولنا لكائنات شرهة..شراهتها ليست دفاعا ً عن معتقد فى المقام الأول بقدر ما هى شراهة لنسف من يخالف هذا المعتقد دون أن يتأكد لنا سلامته من الأساس و ما إن كان يستحق أن يحولنا لمسوخ بهذ الشكل.


من حنينى .. يا الله..إنه حنين جارف..قاتل لكل تلك الأيام التى لم يكن يعرف الوجع إليها طريقا ً..كان وجعها مقارنة بالأوجاع الحالية..ترهات ..مجرد ترهات ..و للسخرية فهذه حقيقة مبكية أيضا ً أن تكتشف ان المآسى تتطور لدرجة تجعل  مأساة مقارنة بمأساة اخرى ..لاشىء...هل ثمة مأساة أكبر من ذلك !.


من ارتباكى..ارتباكى الجميل الذى طحنته ظروف جعلتنى أشعر انه من الانانية ان أفكر فى نفسى متناسية كل ما نعيشه اليوم.. ارتباك جميل  توارى وسط كل هذا الضجر و الالم.. ثم استيقظ رغما ً عنى متحالفا ً مع الحنين ليثبت لى أنه أقوى من التجاهل و أننى أضعف من تلك القوة التى زعمتها فى نفسى ..انه ارتباك..مؤلم..موجع..قاس..جميل !