الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع 3 - رأس السنة

طِبت يا صديقى  الفضائى أينما كنت..

نحتفل اليوم على كوكبنا بعام جديد، ولا أعلم هل فى علم الفلك والتقاويم يستوى الأمر فى كل الكواكب أم أن لكم حسابات أخرى للزمن؟، عمومًا يا صديقى لن تمثل هذه النقطة محلاً للخلاف، الزمن أساسًا أصعب من أن نكتشف له طريقة لحسابه بشكل "حقيقى"، صدقنى يا على لا جدوى من الأرقام فى مقابل "الإحساس "بالأيام، وإن كانت تلك الأرقام التى تقفز بسرعة الطائرات النفاثة تزعجنى أحياناً، تُربكنى فكرة ألا تشعر كيف مرت و متى مرت دون أن تدرى..ذلك الإحساس بأن الكثير حولك يتغير..الكثير جداً، وهو ما يٌنّبهك بأن الساعة الرملية لزمنك تتناقص حباتها، ودونما تلك التغييرات التى تأتيك أحياناً كالصفعات ربما تظل أنت فى الغيبوبة  الزمنية، فاقداً للإحساس، المسألة إحساس يا على ..إحساس . 


" والعمر أيامه بتجرى"
لا ليست درامية وإنما هى جملة يتغنى بها الآن سيد مكاوى - مطرب الأنس فى كوكبى أنا الخاص-الذى يأتينى صوته عبر سماعات الأذن التى أضعها.. ياللصدف يا صديقي!
أرجوك يا على إن كانت لديكم كل تلك التكنولوجيا المتقدمة كما تعكسها لنا الأفلام حينما تصور أهل الفضاء يتّنصتون علينا نحن سكان الأرض عبر تلك الشاشت الكبيرة والسماعات الحساسة للصوت، فأرجوك أغتنم الفرصة واستمع بطريقة أو بأخرى لأغنية يا مسهرنى ومكاوى يغنيها على العود: "الصبر دة.. دة مش بإيديا ..والشوق واخدنى فى بحرهواك ..هواك" ♫  


سنتى التى أوشكت ع الاتهاء ؟
لم تكن كمثيلاتها على مدار سنوات عمرى الستة وعشرين، كانت بهم جميعاً يا على، ولكننى ممتنة لكل لحظاتها القاسية جداً، ولكل مواقفها الصعبة جدًا، شكّلتنى يا صديقى، غيّرت فى داخلى شىء ما كان ليتغير إلا من خلال ظروف كهذه، لذا فصدقنى أنا ممتنة لها  رغم أننى ما أن أتذكر بعض التفاصيل إلا ووجدتنى أعبس قليلاً  رغمًا عنى، وأشرد بعض الشىء، لكننى ممتنة لكل ما طالنى فيها من أحداث مُرّكبة، فلولاها ما كنت أنا على الصورة التى أنا عليها اليوم،  أتعلم يا على؟ دعنى من هذه النقطة لا أريد مزيدًا من الإسترسال فيها؛ هى من الأمور التى طالما اجتهدت فى شرحها لن تتمكن من وصفها على نحو ينصف ما عايشته، ألم أخبرك يا صديقى أن المسألة برمتها إحساس؟ دعنى .. دعنى يا صديقى أغنى قليلاً مع مكاوى: 

"تعالى خلى نسيم الليل على جناح الشوق يسرى" ♫



المهم.. لن أطيل عليك فى خطابى اليوم، راسلتك فقط لأتمنى لك  عاماً جميلاً، وإن سْمحت لى ببعض التنظير فدعنى أخبرك بأننى أتمنى لك عامًا بعيد عن كل تلك الخيبات الموجعة للروح، بعيد عن  الخذلان والأمانى المتطايرة فى الهواء،  كل عام وأنت أقرب لنفسك ولما تريد وتشتهى، وأنت تشبه نفسك حقًا، لا ممسوخًا بقسوة ذلك العالم ولا متطبعًا بها، كل عام وأنت مبتسم وسعيد بكل تلك التفاصيل الصغيرة التى تُبهجك، واظب عليها يا صديقى ولا تلق بالاً لمن يُسّفه من أى شىء يُسعدك مهما صغر شأنه، دعهم يستصغرونه وأنعم أنت وسط غفلتهم وانشغالهم بسخافات الحياة بتلك البهجة التى لن يفهموها أبدًا، أمسك فى التفاصيل بكل ما أوتيت من قوة؛ فلولاها يا صديقى لبهتت سنواتنا حقًا.


أعلم أنك ربما تبتسم لحماقتى الآن فى مخاطبتك بلغة أرضية تمامًا- نسبةً إلى كوكب الأرض- ولكننى مستعدة للرهان على أن الإنسانيات واحدة هنا وهناك، ع الأرض أو على بلوتو، وكما أخبرتك من قبل فى رسالة سابقة ، صحيح أنك كائن فضائى ولكنك فى النهاية كائن يسرى عليه ما يسرى على غيره من الإنسانيات، لذا أعلم أن معايدتى تلك ستلمس داخلك شيئًا .


أما أنا، فربما سأسترخ قليلاً،  اُخفض  إضاءة غرفتى بعض الشىء، وأسند رأسى على ذلك الحائط الممتد خلفى لأتفاهم -إن استطعت- مع بعض بقايا العام العالقة فى روحى،  فقط أنا وبعض التصفيات الشخصية، ومكاوى .. "وأقول لروحى وأنا ذنبى إيه .. يقول لى..يقول لى قلبى حلمك عليه". ♫

                                                                                من كوكب الأرض.. مع تحياتى ،،


الجمعة، 20 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع 2- عالمى الموازى

كدة يا على ؟
مرت أربعة وعشرون ساعة و أنا أنتظر خطابك ،و لكن شيئا ً لم يصل ..ما جدوى التكنولوجيا إذن ..ما جدوى سرعة السنوات الضوئية ؟..تخيلت أننى بمجرد كتابة حرفى الأخير من رسالتى الأولى لك سيكون ردك قد وصلنى .. يحضرنى الآن مشهد أحمد مكى فى فيلمه طير إنت وهو يخاطب ماجد الكدوانى " ليه مُصّر تشوه صورة العفاريت اللى فى مخيلتى..أومال فين جو شبيك لبيك و الجليتر اللى بين إيديك " ؟
أى إنبهار يا على لو سمحت ..دة أنت كائن فضائى يا جدع !


وللتوضيح فالاسماء السابقة  اسماء لفنانين فى كوكبنا..ودعنى الآن أتحول بحديثنا لمناقشة جدية ،فكلام العقل مهم يا على ليقربك من ذاتك المهم فقط أن تجد من يستطيع فهمك و يجاريك فيه..أو على الأقل تجد منصتاً جيداً لكل كلاكيعك..الاستماع الصادق مريح للغاية يا صديقى ..المهم ..صارت هذه مشكلتى  ..أقصد فكرة استدلالى الكثير بأجزاء من مشاهد أو مقتطفات من كتب قرأتها أو حتى بعض الجمل من بعض الأغانى ..هل تصدق ذلك ؟



أعلم أنها مشكلة تافهة و لكنها تؤرقنى..و لكن لا توجد مشكلة كبيرة و أخرى صغيرة يا على ..أى شىء و لو كان تافهاً يعد مشكلة طالما يؤرقك و ينتقص من سكينتك ..أعى تماماً أن هناك مشكلات لا تقارن بغيرها لضخامة تأثيرها على حياة أصحابها ..ولكن ما نقترفه أحياناً هو التسفيه من شأن ما يمر به غيرنا لمجرد مقارنته بما نمر به- وهو فعل أنانى جداً بالمناسبة- وقد يكون فعلاً لا مجال لمقارنة المشكلتين ..لكننا سنعود لنفس النقطة التى تحدثنا فيها فى خطابنا الأول..الإحترام و التقدير يا على ..ظروف الناس ليست مماثلة يا صديقى ،ناهيك عن إختلاف ما يمكن أن نسميه الفروق الفردية و ما يتبعها من تفاوت قدرة الإحتمال  لمؤثرات الحياة الخارجية ،و بالتالى فما أعانيه أنا و أكابده و يمثل عندى نهاية الدنيا قد لا تراه أنت بنفس الكارثية ..أنت حر ..ولكن لا تسفه مما أمر به..هل فهمت قصدى يا صديقى ؟



 طب خد عندك..قرأت مؤخراً على إحدى صفحات الشبكات الإجتماعية مشكلة لفتى يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً..بدا الفتى من كلامه أنه يمر بصراع نفسى ما لتعلقه بزميلة له وسط حيرة عدم القدرة على التصرف..يشعر أنه إن لم يصارحها بحقيقة مشاعره فسوف يخسر وليفة روحه للأبد ..شعر أنها هى وليفة روحه ..وهو شعور عميق جداً و نبيل يا على ..و لكنه كان متخوف من ألا يتقبل مجتمعيهما الفكرة لصغر سنهما .. هل تعرف يا صديقى كيف كانت ردود رواد الصفحة ..كانت قاتلة معنوياً و تنّم عن مأساة إنسانية نعيشها اللهم إلا من رحم ربى من أصحاب العقول و القلوب الرحيمة أيضاً ..والوصف هنا غير عاطفى يا على و لكنى أجده الأدق ..يتطلب منك الأمر قلباً رحيماً لتستحق لقب إنسان ..أعلم تماماً أن مشاعر الفتى مضطربة و أنها طبيعة مرحلة عمرية ..و أعتقد أنكم تعايشون أموراً مماثلة فى كوكبكم مع صغار كائناتكم الفضائية و تجاربهم العاطفية ..طبيعة مرحلة يا صديقى.. عادى جداً..لكن غير العادى و غير الإنسانى هو أن تستلم الفتى بوصلات من السخرية و الاستهزاء ..و إن كنت أراهن شخصياً على أن كل خفيف ظل من الساخرين قد عايش تجربة مماثلة وربما لقى تعامل شبيه مع مشكلته حينها..و النتيجة أننا صرنا نسلم عقدنا من جيل لأخر !



 أفترض أن الحزن و الألم و الوجع  يهذبوا النفس يا على ، لا أن يتحولوا أسباب لتفريغ ما نمر به على الأخرين فى صورة عقد و كلاكيع ..أفترض ذلك..و لكن ذلك لا يحدث على كوكبنا إلا فى أضيق الحدود للأسف .

و بالعودة لمشكلتى فقد تبدو تافهة إلا أنها تؤرقنى..تؤرقنى يا صديقى ..أتعرف لماذا ؟ لأننى أصبحت غير قادرة على التفاعل بشكل طبيعى ..صرت ساكنة عالم إفتراضى أجدنى أتعامل فيه بأريحية أكثر..عالم الأفلام و الأغانى و الكتب..تطور الأمر لأننى فى أحيان كثيرة أفقد القدرة على التعبير ..و الكلام..لا تسعفنى أبداً الكلمات و لم أعد قادرة على  وصف حالتى بدقة إلا من خلال الاستشهاد بشىء مما ذكرته لك ..نعم قد يكون أمر تافه من وجهة نظرك و لكنه مؤشر على أننى أمر بإضطراب ما..أصبحت غير قادرة على التعاطى مع الواقع المعاش بشكل كبير ..و فى المقابل أزيد من إحكام قوقعتى على ّ..قوقعة الأفلام و الأغانى و الكتب..أتعتقد إننى عرضة للإصابة بالتوحد يا على ؟ أرجوك يا صديقى أطلعنى على أحدث ما توصل له أهل بلوتو فى هذا الشأن ..فعهدى بأهل الفضاء كما تعكس السينما و الكتب صورهم بأنهم متقدمين علمياً.



سأراسلك مرة أو مرات أخرى يا صديقى ..مازال لدى الكثير لأطلعك عليه و أشاركك فيه.. و مازال الأمل قائماً بان أتلقى منك رداً على خطاباتى ..لن أطلب منك ثانية أن تراسلنى..بصراحة مطلقة ..بعض الأمور يعّز على المرء طلبها يا على ..لذا لن أطلب منك مراسلتى..مازلت على عهدى بك وثقتى فيك..أعرف أنك لا تتجاهلنى ..مازال عهدى بصداقتنا بأنها أعمق من أن تغيرها السنوات..النفوس العذبة يا صديقى لا تغيرها الظروف.. صحيح قد تعيد الظروف تشكيلها ،تماماً كما تتحول بعض المواد بفعل مؤثرات خارجية كالحرارة أو البرودة من صورة لأخرى..و لكن حتى إعادة التشكيل لا تنفى عن المادة أصلها.. يبقى الأصل العذب فى النهاية بلا تشوهات..لذا سأفترض أن ظروف ما تعيق ردك علىّ..ربما تكونوا مشغولين ببعض المشكلات مع سكان كواكب أخرى ..أو ربما عايش بلوتو ثورة ما إعتراضاً على سوء أوضاع الكوكب..ربما لديكم أيضاً تمييز بين من هم سلالة ذوى قرون الاستشعار وغيرهم ..ربما أنت الآن معتصم  فى العراء و لا تشعر بأى أمل فى هذه المجرة..أعلم يا صديقى قدر الإحباط و الخذلان الذى قد تعايشه الآن بفعل هذه التغييرات..صدقنى أتفهم شعورك تماماً..ربما سأقص عليك فى مرة أمراً شبيهاً عايشته فى بلدى ..هنا على كوكبنا..المهم..أياً كان و أينما كنت يا صديقى فقلبى معك ..و إلى أن يتجدد الحديث بيننا ..فلك منى كل الإحترام و التقدير.

من كوكب الأرض..مع تحياتى،،


الخميس، 19 ديسمبر 2013

بلوتو الدور الرابع

على ..أين أنت يا صديقى ؟

كيف مرت كل هذه الأعوام دون أن نسأل عن بعضنا البعض رغم عمق ما كان بيننا يوماً ،ورغم إيماننا التام بضرورة أن نبذل جهداً فولاذياً للحفاظ على قوة علاقتنا شأن أى شىء يريد الإنسان أن يحتفظ به دون أن يدع مجالاً لزحام و سخافة الحياة أن يتسربا من أضيق ثقب ف العلاقة ..جاهدنا يا على حتى لا يحدث ذلك..أو ربما لم نجاهد بالشكل المطلوب..سمحنا للثقب أن يتسع ..ولسخافة الحياة أن تحتل مكان شيئاً كان ضرورياً .. شيئاً كان بمثابة غذاء الروح الذى نقتات منه و نعيش عليه..اتسع الثقب ..ازدادت سخافة الحياة و هشاشتنا فى مواجهتها..ذبلت أرواحنا و بهتت حماسة إقبالنا على الحياة..تحولت الحياة فجأة إلى مجموعة ثقاب كلاً منها كان يمثل يوما ً شيئا ً كبيراً جوهرياً..وأعادت الحياة تشكيله - مع سماحنا لها بذلك- وحولته إلى ثقب..ثقب فى القلب ..مجموعة ثقاب فى القلب يا على ! 


هيه..ما علينا ..


أخبرنى عن حالك يا صديقى ..عشرة سنوات مرت علينا لابد أن تغييرات جذرية قد حدثت فيها ..وأرجوك لا تتحول لذلك الكائن المبتذل الذى يدّعى أن شيئا ً لم يتغير و أن الحياة راكدة.. ربما لأن تغييرات غير مرغوبة قد حدثت أو لأنها ليست هى التغييرات المنتظرة و المتوقعة ننفى حدوث تغييرات..لكن الحقيقة أن كل عام يفرق يا صديقى فى تكوين المرء..يلغى فكرك أشياء كانت مهمة فى مرحلة ما و يستبدلها بأشياء أخرى..تتغير قائمة أولوياتك وإهتماماتك و نظرتك للأشياء..ألا تنظر يا على لأشياء كنت " موّقف الدنيا عليها " فى يوم  ما و لكنك تتذكرها الآن ضاحكاً من سذاجتها و سذاجتك؟! ..ألم يكن لك فى يوم ما هدف و لكنك لم تبلغه أبداً وبدلاً من ذلك حققت إنجاز أخر لم تخطط له تماماً  ووضعتك الحياة فى طريق مغاير كلياً ..و للعجب قد تكتشف نفسك فيه ؟! ولكنك ستظل يا صديقى طول الطريق تسير كالأبله فاتحاً فمه غير مستوعبا ً تلك المنحنيات التى مررت بها..فتجد نفسك بدرامية ما ..فى لحظة ما..تقف فى المنتصف تماماً..مندهشاً من حلم لم تبلغه ..ومن هدف بلغته دون أن تقصده ..وهو لو تعلم أمر شاق ومرهق للنفس ..فإذا استسلمت لحالة التوهان تلك ربما ينتهى بك الأمر لمكان لا يفضى لأى مكان!


تغيرنا يا على و تغير كل شىء حولنا..و بالمناسبة ليس الأمر درامياً ..لا أريد أن أبدو كبرامج التوك شو بتركيزى على الجوانب المظلمة فقط..للحق فثمة جوانب إيجابية كثيرة تكتسبها بمرور الوقت ..تكبر وتتتغير فتصبح أقرب من ذاتك و مما تشتهيه فعلاً..تتبلور فى ذهنك شخصيتك مع الوقت ..تجد أنك أصبحت سيد قرارك فى بعض الأمور لتحسمها بمفردك..هنا تماماً  تعى أنك كبرت..هو أمر جميل و لكنه صعب يا على ..صعب للغاية ..فجأة ستجد أن كل تلك الأمور الصغيرة التى تتطلب منك قراراً باتت تسبب لك ضيق من نوع ما..سلسلة قرارت لا تنتهى أبداً ..مع الأخذ فى الإعتبار ان بعض القرارت يترتب عليها شكل حياتك القادمة.


أحياناً أجدنى غير قادرة على التحديد..لا أعلم إن كان قرارى سليم أم أن حماقة ما تحيط به..ورغم أننى مؤمنة تماماً بأن لا مشكلة تماماً فى أن تخطىء ..إلا أن المشكلة فقط  تكمن فى تلك القرارت التى تمس حياتك القادمة كما أخبرتك..قرار واحد غبى قد يمتد تأثيره لسنوات..قد يكلفك عمراً بأكمله..أخاف  كثيراً من ذلك..الإعتراف بالخوف غير مشين يا على كما يظن بعض سكان كوكبنا..ليس جبن أن تعلن خوفك..الخوف شعور إنسانى لا يضيرك إن اعترفت به..أتعلم يا صديقى أن الناس هنا تتملكهم إزدواجية تدهشنى كثيراً..يتعاملون مع الضعف و الخوف و الحب بأنها نواقص على الرغم من أنهم جميعاً يعايشون هذه التجارب الثلاث..أرجوك يا على إن قررت يوماً ما أن تقود مركبتك الفضائية فى نزهة قصيرة لكوكبنا..أرجوك لا تدعهم يغّلفون عقلك هنا بأفكارهم البالية تلك..حِب يا على و خاف و اضعف..صدقنى لا ينتقص أياً من ذلك شيئاَ منك..هى أشياء مرتبطة بإنسانيتك و لا يضيرك أبداً أبداً ياعلى أن تسمح لإنسانيتك أن تتجلى و تأخذ مجراها الطبيعى..صحيح إنك كائن فضائى و لكنك كائن فى النهاية تسرى عليه الإنسانيات كما تسرى على غيره من الكائنات.


وعلى ذكر ماهيتك و كونك فضائى ..صحيح يا على يوم أن إبتدعتك فى ذهنى من عشر سنوات أنا و صديقاتى فى فصل 2-6 فى مدرستنا الثانوية ..هل كنا نعانى قصوراً ما فى خيالنا بحيث  نطلق عليك و أنت الكائن الفضائى "اللى ليه هيبته" مجرد  ذلم الاسم :على !


تخيل  الآن إن كنت ضخم للغاية ..أو تسير بقدم واحدة..ماذا إن كانت لك عين واحدة كبيرة فى منتصف وجهك..أو إن كانت لك قرون استشعار كبيرة تتدلى من فوق رأسك..سيبدو اسم على كوميدياً للغاية عليك..و ربما حّقر أصدقائك الفضائيين من شأنك و أتخذونك محل للسخرية..أرجوك يا على سامحنى إن ألحقت بك أنا و صديقاتى أذى نفسى من نوع ما..فكم نلحق ببعضنا البعض جراح غائرة بأفعال حمقاء كهذه دون أن ندرى مدى تأثيرها على من تلتصق به أوصافنا السخيفة تحت دعوى المزاح..أعلم يا صديقى أن جزء كبير من قبح الإنسان يقع فى لسانه..سامحنى يا على إن فعلت بك ذلك دون أن أدرى ..و سامحنى أكثر لأننى حتى و إن علمت اسمك الحقيقى لن أناديك به أبداً..أنا شديدة الإرتباط بالتفاصيل يا على..شديدة الإرتباط بالأيام و الناس و الأماكن..و أنت واحداً من الأشياء الباقية من زمن جميل..لذا ستظل فى ذهنى "على" حتى و إن كان لك اسم أخر .


كنا بنقول إيه ..اه ..شدة ارتباطى بالتفاصيل و الأماكن و الأيام و الناس تسقطنى كثيراً فى نوبات نوستالجيا قاتلة ..بشكل أو بأخر أجدنى غير مستوعبة لفكرة إن مكان ما ..بناسه ..بتفاصيله ..بذكرياته ..بكل ما يرتبط به قد أصبح جزء من الماضى ..فجأة يا على ستكتشف أن حياتك كالمسرحية ..ربما لها فصول كثيرة غير مرتبطة بعضها..و لكنها فى النهاية مسرحية واحدة..تتحقق وحدتها من خلال كونك أنت البطل فيها..الشاهد على كل هذه الفصول غيرالمرتبطة ببعضها البعض..الغريب فقط يا على أن بعض الأماكن بناسها بتفاصيلها لم أكن أحبها بذلك القدر الذى يصيبنى بوجع النوستالجيا ذلك عند تذكرها ..لكن أتعرف..يبدو أننى عاطفية يا على ..وبرغم أن تجاوزك لمراحل حياتك المختلفة دليل على نضجك ..أقصد نضج أن تكون لديك تلك القدرة على الاستمرار مع اختلاف الظروف وأن تترك فرصة للأيام لتأخذك لمراحل جديدة دون أن تتحول لذلك " الطفل العبيط اللى عمال يعيط على لعبه القديمة "..إلا أننى يا على كما تقول إليسا إحدى مطربات كوكبنا - والتى يرتبط دائماً معى صوتها بالشتاء-  " مقدرش أنا أعمل زى ناس..بينسوا و خلاص" ..أتجاوز كل مرحلة يا على..صدقنى أتجاوزها و لكن يبقى شيئاً منها عالقاً فى مكان ما فى الصحراء الغربية بقلبى ..أنا عاطفية يا على..و لا يضيرنى الإعتراف بذلك !



ربما بتحتم على ّ الآن أن أنهى خطابى..ولكننى أعدك إننى سأراسلك مرة أخرى..أو مرات عديدة..يجب أن أحدثك عن أمور كثيرة.."دول عشر سنين ياعلى " ..يجب أيضاً أن أحدثك عن هذا العام الذى أوشك على الإنتهاء و كيف أنه كان " بالعشر سنين على بعض ".


راسلنى من فضلك..صدقنى يا على كل الأشياء الجميلة تستحق العناء من أجلها..و أعدك أننى إن وصلنى خطابك سأبذل قصارى جهدى لفهم لغته..تماماً كما أثق أنك ستفهم خطابى هذا .. وحتى إن لم أتمكن من فهم خطابك ..أعدك أننى لن أستهين أبدا ً بما كتبت.. سأحترم كل ما يتضمنه خطابك حتى و إن كنت تحدثنى عن أشياء "عبيطة " سأحترمها لأنها جزءاً منك ..أعتقد أن ذلك كان الأساس الذى ساعد علاقتنا على أن تستمر طيلة العشر سنوات السابقة..المهم يا على هو الإحترام و التقدير ..ويحضرنى هنا مشهد منة شلبى -إحدى فنانات الجيل فى كوكبنا- وهى تقول لأمير كرارة - أحد فنانى الجيل برضه فى كوكبنا - : " حتى لو بقول كلام فارغ أنت لازم تسمعنى..اللى انت بتسميه أوهام دة جزء منى ..و إذا رأيك إن دة مش مهم يبقى أنا كلى على بعضى مش مهمة  "..المسألة تقدير و إحترام يا على ..و بقدر بسيط من الإهتمام تحجز لنفسك أكبر مقعد فى قلوب من تهتم لأمرهم..و لا شىء يقتل العلاقات سوى الإهمال ..الإهمال موجع يا على .. لا تستدرجنى الآن لمزيد من الحكى ..سأتوقف الآن و أتوقع منك رداً سريع ..التكنولوجيا و السنوات الضوئية ستتكفل بسرعة وصول الخطاب..أتوقع ذلك..و لحين إستلام خطابك ..لك منى كل التقدير و الإحترام


من كوكب الأرض ..مع خالص تحياتى 



إهداء لسمر صلاح و مها الديب..الشاهدتان على إبتداع شخصية "على "..و على كل تلك التغييرات فى العشرة ستوات السابقة ..و ما سبقهم..و ما يليهم إن شاء الله  :)

الجمعة، 6 ديسمبر 2013

تهويمات بيور 1

صباح الخير(عشان انا لسة صاحية )..أو مساء الخير( عشان صاحية متأخر)..أو أيا كان ( عشان متوترة شوية )


المهم..
المهم إن المهم لازم يفضل مهم  طالما هو فعلا بالنسبة للواحد مهم ..و الموضوع عايز مجهود..عايز تعب عشان الأهمية دى متبهتش ..متتكلفتش و تتدارى تحت كل الكراكيب اللى زاحمة الحياة..يعنى إيه ؟  يعنى بلاش غباء..أه والله غباء..ماهو لما تبقى أهم حاجات بالنسبة للواحد فى حياة الواحد بتضيع و تتوه و تبهت و هو سايب الفرصة لدة يحصل ..يبقى دة غباء .


صباح التصالح مع النفس..


- طب ما هو أحياناً بيبقى صعب أوى حفاظ الواحد على أهمية الحاجة دى من ناحيته هو بس..الواحد تعب يتعب لحاجات ما بتتعبلهوش بنفس الدرجة..فكرة انه بيزق فى حيطة دى صعبة جداً..فكرة الظروف اللى بتخليك غصب عنك مش قادر تحافظ على نفس درجة معافرتك مع الدنيا حفاظاً على نفس الحاجات المهمة دى ..صعبة..صعبة أوى


- بلاش كلام فارغ..الحياة صعبة و هتفضل صعبة..دة أمر منتهى ، (لقد خلقنا الإنسان فى كبد )..فكرة صراعك مع الدنيا هتفضل موجودة طول ما انت فيك النفس..بس فى فرق بين لما دة يحصل و انت بعيد عن الحاجات اللى بتحبها ..أو و انت معاهم و بيهم بتكمل ..و الكليشيه بتاع الواحد لو استنى الظروف المناسبة تيجى عمره ما هيعمل حاجة طلع حقيقى ..اه والله حقيقى ..


صباح الحقايق الحياتية الصادمة .

- هو الكلام دة عن الحاجات اللى الواحد بيحبها ؟ الحاجات بس ؟
-الناس قبل الحاجات .


- طب ما هو صعب..صعب ..يعنى إيه تتعب لناس مبتتعبش ليك بنفس الدرجة ..يعنى إيه ؟
- كل العلاقات الإنسانية اللى فى الدنيا عمرها ما بتبقى موزونة من الناحيتين على نفس القدر..فى دايماً حد بيكون تقديره للموضوع أقوى من الحد التانى و مجهوده للحفاظ أقوى و إهتمامه أكبر ..صعب العقل يترجمها أحياناً بسهولة..بس دة حقيقى..و صعب ..و جميل ..عشان كدة الموضوع عايز مجهود..مجهود للحفاظ على العلاقات ..عشان عمرها ما بتكون موزونة ..بنفس القدر..من الناحيتين.


ما انا قلت م الأول صباح الحقايق الحياتية الصادمة.


- طب و العمل ؟
- بلاش غباء.


- يعنى إيه ؟
- بلاش غباء.


- أيوة سمعت كويس ..يعنى إيه ؟
- واضحة..هى واضحة ..جّمع الكلام جنب بعضه: الحاجات و الناس المهمة ..مجهود..مبتبقاش موزونة بنفس القدر..لازم مجهود..بلاش غباء .


صباح الكلكعة الحياتية..و الحقايق الصادمة..و الغباء .


السبت، 23 نوفمبر 2013

مشاعر..مشاعر ♫

ليه المشاعر الإنسانية شىء معقد جداً ؟
وارد  إن يكون المفهوم المغروس جوانا كلنا كثقافة مجتمع فى طريقة تعاملنا مع مشاعرنا  هو اللى معقد ..لكن المشاعر فى حد ذاتها أبسط من كدة..وارد أوى !


زميلة ليا من أيام ثانوى بتحب الكتابة ..كانت مؤخراً كاتبة تحليلها لحب البنات المتزايد بصورة لافتة مؤخراً لأم كلثوم و فيروز- و دة أمر ممكن تلاحظه بسهوله لو ليك حساب شخصى ع الفيس بوك - قالت فى تحليلها أنهم ببساطة بيجيدوا التعبير فى أغنياتهم عن مشاعر صعب أوى تلاقيها فى أغانى حد تانى ،عن الوصال و الهجر و بساطة الجمل التى بتوصف المشاعر بسلاسة و عمق فى نفس الوقت ..فتخليك تقول وراهم أه والله ..أه والله ..أه والله !



طب بلاش فيروز و أم كلثوم لو مالكش فى الكلاسيكيات..ليه أغنية شيرين بتاعة مسلسل غادة عبد الرازق حققت نسبة الإستماع الرهيبة دى -على حد علمى فى إحصائية ما قريتها أنها كانت أول أغنية عربية تحقق نسبة استماع عالية على اليوتيوب - ايوة الأغنية بتاعة يادى يادى  يادى المشاعر ، و اللى لا إراديا ً بحب أغنيها يادى يادى يادى "النيلة " ع المشاعر لأنى بحسها كدة أدق و معبرة أكتر .



المشاعر فعلاً شىء معقد جداً ..كم اللخبطة اللى بتعكسها كلمات  أغنية شيرين مثال حى عاكس لكم اللخبطة اللى الواحد ممكن يعيشها فى مشاعره : اللى ايده فى ايد حبيبه بس مش حاسس مشاعر..اللى بيفكر يفارق بس لولا المشاعر..اللى غرب نفسه سافر من آلام المشاعر..إلى أخر ذلك من كلمات الأغنية اللى بتثبت أن المشاعر خليط عجيب غريب مريب من الحاجات المختلطة اللى قد لا تكون مفهومة لصاحبها اللى بيمر بيها شخصياً ..ماشى ..عادى ..غالبا ً قد لا تكون المشاعر مفهومة لصاحبها فعلاً لأنها ببساطة إحساس ربنا بيحطه ف قلبك تجاه شخص ..و تيجى أنت تجيبها بالمنطق..تمشيها يمين شمال..تحاول تفهم إيه اللى خلاك تتعلق بالشخص دة رغم  أن قد يكون اللى انت عارفه عن نفسك لا يتضمن تكوين و تركيب الشخص  دة ..عهدك بنفسك مبيقولش انك ممكن تنجذب للمواصفات دى لكن بتلاقيه حصل..عادى المشاعر شىء غامض و معقد و لا يمكن للمنطق الإنتصار عليها ..و بالتالى محاولة استرسالى فى النقطة دى ضد الطبيعة .

طب على سياق غير عاطفى ..ليه المشاعر أمر بيتم التعامل معاه بأنه شىء لا يفضل الإفصاح عنه يعنى ؟
يعنى إيه جملة واحدة يجى فيها سياق غير عاطفى و مشاعر ..يعنى ليه ممكن تحس انك مش قادر تعبر لحد لا يجمع بينكوا شىء عاطفى انك بتحترمه..بتقدره..بتعزه..كلكعة مشاعرنا بتوصل أحياناً إنك تتكسف تحضن أبوك أو أمك أو تقولهم بمنتهى البساطة ..بحبكوا أوى..تتكسف تقول لأقرب صحابك انا معرفش أعيش من غيركوا ..


الفكرة الأسوأ لما يكون الموضوع مش كسوف..ولما يكون خوف ان تصريحك بمشاعرك دة إنتقاص منك ..و الخوف يتحول لقناعة راسخة ..و مع الوقت تتحول جواك القناعة دى لشىء من المسلمات اللى بتعيش طول عمرك بيها ..المشكلة الأكبر و الأكبر و الأكبر على الإطلاق هو تطور كلكعة المشاعر جواك  من مجرد عدم قدرة عن التعبير تجاه الناس اللى حواليك  وصولاً لشريك حياتك..ودة شىء عايشته فى ميت تجربة حواليا ..و بشوف إنه أمر طبيعى جداً..ماهو الأمور اللى طول الوقت بتمارسها بشكل غير سوى..مستحيل فجأة هتقدر تطبقها بشكل سوى و طبيعى مع شريك حياتك ..أقسى مثال لكلكعة المشاعر شفته فى حياتى إن اتنين " متجوزين" بيخبوا مشاعرهم عن بعض خوف من إن الطرف التانى يعتبر كدة ان دة شىء يخليه مضمون  !  هل فى مثال لتشوه الفكرة فى دماغنا أكبر من كدة..ان الناس تفتكر ان عدم تعبيرها أصلاً عن مشاعرها للطرف التانى هو وسيلتها للحفاظ علي العلاقة بينهم ؟!



السؤال دلوقتى بيقول ..هى مش الحياة من غير المعانى البسيطة جداً دى مجرد استمرار ملهوش أى معنى ؟!
طب بصياغة أخرى ..انت ايه اللى ممكن يشدك  من الوقوع  فى كل أجواء الضغط اللى الواحد عايشها دى غير الرفايع دى ..الرفايع البسيطة اللى لا تنتقص منك أى شىء طالما بتتم فى إطارها السليم ؟!



و دفعاً لأى ظن خاطىء ..على الصعيد العاطفى مقصدش ان المطلوب التعبير عن المشاعر كل دقيقتين ..لكن ان المفهوم نفسه  يكون موجود بس ..ما يبقاش مشوه إنه مينفعش أصلاً انك تعبر عن طبيعة إحساسك .



و دفعاُ برضه لأى ظن خاطىء ..مأساة كلكعة المشاعر لا تنحصر فى الجانب العاطفى بس..دى دواير شابكة فى بعضها و بتوصل لبعضها..على كل الأصعدة..ممكن حتى توصل لعدم قدرتك التعبير عن احساسك ناحية موضوع معين.. مشاعرك ناحية موضوع معين ..هى دواير شابكة ف بعضها لو متطبقتش على الصغيرة ..عمرك ما هتقدر تطبقها ع الكبيرة !



و تلخيصاً لكل الرغى اللى فوق دة : .يادى يادى يادى النيلة ع المشاعر !


الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

لا بأس

عزيزتى القابعة خلف  شاشة اللاب توب  تكتبين هذه السطور بيد واحدة..بينما فى يدك الأخرى تمسكين مج النسكافيه كعادتك.. عزيزتى المندسة تحت هذا الغطاء على سريرك و أنت تحتضنين اللاب توب و النسكافيه معاً بما ينذر بأن كارثة ما ستحدث فى أى لحظة بأن ينسكب المج على الجهاز و رغم ذلك لا تتراجعين عن تلك العادة.. عزيزتى التى تضعين سماعات الرأس التى تحبينها كثيراً..تلك السماعات ذات اللون الأرجوانى بنفس لون البيجامة التى ترتدينها  و تستمعين لكل تلك الأغانى و الموسيقى المرتبطة معك بهذه الأزمنة البعيدة..النقية..البسيطة ..


نعم..عزيزتى أنا..هل لى بأن أرسل لك ذلك الخطاب .. و لكن هل نعقد إتفاقاً فى البداية..ألا يقولون أن العقد شريعة المتعاقدين ، و ما فهمته من نقاشاتى مع أخى  و الذى تطغى طبيعة عمله على كثير من أحاديثنا أن العقد لا يشترط أن يكون كتابيا ً..نعم حاول أحمد زكى شرح ذلك فى فيلم أضحك الصورة تطلع حلوة ..فى ذلك المشهد الذى وّبخ فيه كريم عبد العزيز مؤكداً له أن الكلمة وعد..النظرة وعد..يتشابه الأمر إلى حد كبير مع ما أقصده و مع ما أنتوى الإتفاق بشأنه..لذا فلنتفق شفاهة  على شيئين:
أولاُ  بأن استخدم لفظ جواب بدلاً من خطاب..فثمة ألفة من نوع ما أجدها فى كلمة جواب ..فدعينى استخدمها بدافع  الحميمية التى استشعرها فى الكلمة، أما ثانى نقاط الإتفاق هى أن تغفرى لى تطرقى لنقاط عديدة و متشابكة..تماماً كما فعلت من لحظات بتطرقى فجأة للحديث عن زكى و فيلمه..فى الواقع ثمة ارتباك من نوع ما أجابهه منذ فترة لا بأس بها..و أنت الوحيدة التى تجرأت و استجمعت شجاعتى للحديث معها فى الأمر ..لذا أرجوك أغفرى لى تشتتى و عدم إنتظامى فى عرض الأفكار.. شكراً لتفهمك مقدماً .


عزيزتى أنا..أعلم إننى تأخرت كثيراً فى التحدث إليك..شغلتنى الدنيا كثيراً مؤخراً..تعلمين أنه يتحتم عليك فى مرحلة ما أن تستسلمى تماماً لتلك الدائرة الحياتية المفزعة كنوع من رسم المستقبل العملى ..أكره تلك الحقيقة و لكنها محتمة ..على الأقل فى مرحلة ما ينبغى أن تكون لحياتك العملية أولوية..تعلمين و أعلم جيداً أن من إمارات النضج أن يتحمل المرء ما  يكره أملاً فى الوصول إلى ما يحب و يشتهى..و أن على المرء أن يتقبل الأمور " باكيدج على بعضها " ..فكما قرأت مرة ..الفصل بين الأشياء لا يحدث إلا فى قصص الأطفال..ربما قرأت ذلك فى رواية باب الخروج لعز الدين شكرى فشير.. أنا لا أكره عملى ..ربما يزعجنى فقط تلك الآلية التى نتبعها .."السيستم ضارب يا عزيزتى " ..و يكبدنا ذلك وقت كبير مستهلك فى اللا شىء..فضلاً عن أن الأمر يتطلب صفاءاً ذهنياً كبيراً لمجابهة هذا الضغط ..و أنا كما تعلمين كنت طوال هذا العام الصعب أبعد ما يكون عن صفائى الذهنى..ف البداية حاولت التصدى لحالة التوهان تلك بالاستسلام التام للعمل..ثم ما إن أكتشفت أن هذا الأسلوب يضللنى عنى و عما يزعجنى إلا و فعلت العكس تماماً..بت اتعامل مع العمل بتكاسل رهيب..فقدت حماستى للعمل تماماً ..أحمد الله فقط أننى لم أقصر إلا فى ذلك الجزء الخاص بعملى أنا..كنت أحاول قدر الإمكان ألا أقصر فى أى جزء من عملى يتوقف عليه أى شىء يتعلق بالأخرين..أما هذه الأجزاء التى لن تضر سواى فكنت أهملها..


أعلم أنك ستتفهمين أن الأمر كان رغماً عنى..لا يوجد إنسان يهوى إيذاء نفسه..لم أهمل عملى من باب " الرخامة على نفسى " ..بل ربما لأننى أردت ألا أكون قاسية مع نفسى..لم أشأ تحميلها عبء إضافى مع عدم الإتزان الذى مررت به..كنت فى أمّس الحاجة لوقت لا أفعل فيه أى شىء ..نعم..كان الأمر محبط إلى حد ما..ثمة أشياء كان يتعين على ّ إنجازها و لم أتمكن من الإنتهاء منها فى الوقت الذى حددته لنفسى..  لا أعلم..ربما تكون هذه ترتيبات إلهية فما أن أبدأ استعادة توازنى أنجز لتعويض تلك الأوقات المهدرة..ربما.


ربما كنت فى حاجة لوقت مستقطع مع نفسى لإعادة وضع أولوياتى بعيداً عن دوشة العمل .." انت عايزة ايه؟"  ..كان على أن أجلس إلى نفسى قليلاً طارحة عليها هذا السؤال..تعلمين مشكلتى مع النظرة العملية للحياة..تعلمين خوفى الكبير من أن اسقط فريسة لتلك الدائرة المفرغة التى تلتهمك دون أن تدرين..و تلتهم معها إحساسك بالأشياء..تعلمين أننى أخاف أشد ما أخاف أن أستيقظ يوماً ما و أجد أننى نسيت الحياة..نسيت كل تلك الأشياء البسيطة جداً المبهجة جداً ..تلك الأشياء التى تعد غذاء الروح..صدقينى كنت أسيرة صراع نفسى ربما لا أستطيع مهما أجتهدت فى شرحه أن اسرده على النحو الذى استشعرته..لذا كان يجب على ّ الجلوس إلى نفسى قليلاَ..

 نعم..جلسنا طويلاً ..

لا..لم أصل لإجابة وافية

..ربما أقتربت بعض الشىء من الإجابة ..ربما يقضى الإنسان عمره كله بحثاً عن الإجابة ..ربما يصل و ر بما لا ..و لكن يعزينى أنه حتى إذا لم أصل لها ..أننى أحاول ..أجاهد ..أصارع للنجاة من الاستسلام للسير فى الطريق لمجرد أنه المتاح..أجاهد لإكتشاف المعنى..و الشعور به ..و الاستمتاع به..أجاهد للوصول لكل ما يشبهنى ..إذن لا بأس ..لا بأس من عدم الوصول لما أشتهى سريعا ً..  يتسلل لرأسى صوت عمرو ..هو كدة طبع الحياة..هو كدة فعلا ً..ربما هذه كانت واحدة من الإجابات..هى كدة !



مرت السنة قاسية للغاية كما تعلمين..قاسية جداً ..على كل تلك الأصعدة..انعكس الأمر على ّ بفقدان الحماس لكل شىء  و أى شىء..كنت أهرب حتى من كل ماهو قريب إلى نفسى .. حتى كل ما أشتهيه وجدتنى فجأة أزهده..كنت فقط أجلس بمفردى..أقرأ ..أستمع إلى أغانى..و أحياناً أكتب ..كانت طريقتى المثلى للهروب.. وجدت عزاءاً من نوع ما فى هذا الاسلوب..آنستنى القراءة  و ألهتنى الأغانى ..أما الكتابة فكانت تنفيس بعدما تحول البكاء لرفاهية لا أقوى عليها.


كنت غير متزنة و كلانا يعرف الأسباب ..و كأن كل   الأسباب تكدست و ظهرت  لى مجتمعة فى هذا العام..تعلمين أن أقسى ما واجهت لم يكن فى صعوبة  المواقف نفسها ..و إنما فى أن أجد نفسى فى موضع متخذ القرار فى حين أنه ينبغى ألا أكون انا من يقوم بهذا الدور..كان عبئا ً كبيراً على ..هل تعلمين تلك العبارة لأحمد خالد توفيق بما معناه أنك أحياناً تريد أن تختبىء و تجعل الكبار يتصرفون..ثم فجأة تتذكر أنك أنت الكبار !

صار الأمر معى على هذا النهج..و قد كان عبئاَ معنويا ً كبيراً لو تعلمين..اعلم ان هذا معناه أن ثقة كبيرة يفترضها من هم أكبر فيك بتوكيلك بإتخاذ القرارت نيابة عنهم..ربما يعنى ذلك أنهم وجدوا فىّ حكمة أو نضج من نوع ما..ربما.. أعلم أنه شىء جميل..و لكن ليس بالضرورة أن  جمال شىء ما  ينفى عنه صفة الصعوبة أو ألا يتنافى جمال الشىء مع ما يُخّلفه من الشعور  بغصة ما  ..ذلك الإحساس القاسى و الذى يعلق فى روحك جرّاء هذا الشى الجميل..أليس كذلك؟ ..صدقينى يقترن الأمران..تقترن أعذب المعانى بأقساها و يتلازما


تعملين أيضاً أن  ذكرى لهذه النقاط لا يعنى بالضرورة استيائى مما حدث..أليس كذلك؟ أوتعلمين أن هذا الأمر أزعجنى كثيراً مؤخراً ..أقصد لماذا يعتبر الناس شكوتك من شىء ما نقمة على ما تواجهين ..ألا يعلمون أن مجرد الكلام..الفضفضة..مريحة للغاية..فقط لذلك أتحدث..أنا لا أشتكى..لا أنقم على ما أجابه..حاشا لله أساساً أن أعترض على أمر قد قدره الله ..و لكن أوليس الكلام ..الحاجة للكلام..طبيعة إنسانية؟!

.يزعجنى من يفاجئك بضرورة أن ترددى الحمد لله..أحمده فى كل لحظة و حين.. ليس هذا ما أنتظر سماعه..ربما لم أكن انتظر سماع أى شىء أصلا ً..ربما كل ما كنت أحتاجه مجرد دعم معنوى..فقط دعم معنوى ..استماع صادق لا أكثر ..بعيداً عن كل ذلك الكلام المستهلك و الجمل التى صارت فى حكم الكلاشيهات من فرط ما يتم إستخدامها ...ربما لهذا كنت أصمت تحاشياً لسماع ذلك الإبتذال.


و لأصدق القول..ربما كنت أصمت أحياناً إختصاراً للمسافات..كنت أعلم مقدماً ما سيقال فكنت أختصر الحكى و الردود المتوقعة فى الصمت.. كان يحتل رأسى فى هذه الأوقات ذلك المشهد من مسلسل خاص جداً على ما أعتقد..تعرفينه أليس كذلك..حينما كانت يسرا تردد على نفسها " جرى إيه هو انتى الكلام اللى بتقوليه للناس مش هتعرفى تقوليه لنفسك و اللا ايه " ..ربما كنت أتوقع الردود من فرط ما قدمتها لغيرى ..ربما .

ربما لا أعرف أساساً ما المغزى مما تسطره يدى الآن ..و لكننى أعرف أن هذا الأسلوب يجدى نفعاً معى.. أن آتى بى و أجلسنى و أحدثنى وصولاً للإتفاق معى على أمر ما..يبدو أمر جنونى و لكن لا تهم درجة منطقيته طالما أنه يجدى نفعا ً..ربما أجد فى يوم ما فى علم النفس شرح لهذا الأمر فيرتاح ذهنى قليلاً و أتأكد أننى لست مجنونة .


و ربما أردت أن أخبرك..أخبرنى بصوت عال بأننى وصولاً لهذه النقطة..لهذه اللحظة ..برغم كل تقصير ..إلا أننى استطعت ع الأقل أن أخرج بنفسى سالمة من كل هذه العثرات طيلة العام..كنت قاسية جداً على نفسى ..كنت أحملها فوق ما تعانيه مرارة جلد الذات ..مرارة العتاب ..إلى أن توقفت..حاولت انتشال نفسى من تلك الدائرة المفرغة التى لا تؤدى إلى أى مكان ..ألا ترددين طوال الوقت أن لا بأس ببعض الضعف ..هى طبيعة إنسانية و أنت إنسانة...إذن لا بأس..لا بأس ..اضعفى ..تنفسى ..اضعفى ..لا بأس ..صدقينى لا بأس..
ربما فى إيمانك بضعفك قوة التصالح مع النفس..لا بأس ..لا بأس ..لا بأس 


أما الآن..تحتل رأسى كلمات جاهين..هتنتهى و لا بد راح تنتهى..مش انتهت أحزان كتير من قبلها ..لا بأس :)


الخميس، 7 نوفمبر 2013

بين الأرق و النوم

" ما انت عارف نفسك مش محتاج تحليل شخصية "


أذكر أن تلك الجملة تسللت إلى أذنى فى إحدى ليالى الأرق الطويلة ..كنت وقتها أضع سماعات الرأس ..استمع إلى الراديو عبر هاتفى المحمول..أقّلب فى الصور..فى قائمة الهاتف..تعبث أصابعى بمحتوياتها بلا هدف محدد سوى قتل الوقت..لم أكن حتى مدركة ماذا أسمع..و لكننى انتبهت تحديداً عند تلك الجملة من الأغنية التى لا أذكر اسمها و لا اسم صاحبها حتى..التصقت برأسى لسبب لم أعرفه وقتها..دونتها فى تلك المسودة على هاتفى..وكنت أحسب الأمر انتهى عند هذا الحد..مجرد جملة أعجبتنى فدونتها و أنتهى الأمر.


كنت أحسب القصة كذلك.



تتسلل الجملة إلى رأسى مرة أخرى بعد شهور طويلة أنهكنى الأرق فيها..تتسلل إلى فى كل مرة أحاول فيها تفسير لماذا انقلب الأمر..وكل شىء..حتى ليالى الأرق المرهقة..تحولت إلى نوم ..ثم نوم..ثم شىء من مواصلة الروتين..ثم نوم !


هل تعرف تلك الأوقات التى تشعر فيها بأنك فى غيبوبة ما فى حين أنك مستيقظ..ألا تكون مدركاً لأى أمر تقوم به كما لو كنت روبوت مبرمج ..عندما تذوب نكهة الأشياء و تفقد إحساسك بمعنى أى شىء و كل شىء؟


 هل تعرف ذلك الإحساس بأن تستيقظ و كل ما تفكر فيه  تماماً عند اللحظة التى تفتح فيها عيناك متى ستعود لذلك الفراش مرة أخرى..متى سينتهى ذلك اليوم؟ ..أن ينطبق ذلك على كل يوم..أن تستسلم فى نهاية يومك للنوم بسهولة تامة و لساعات طويلة ،بعدما كنت تدرج النوم  المتواصل فى قائمة عجائب الدنيا السبع كعنصر خيالى ثامن.. أن يكون خيارك الأول الذى يأتيك بلا أدنى تفكيرهو  النوم..أن ياتيك النوم بسهولة تامة بعدما كان يعصيك..أن تواصل النوم لساعات قد تمتد لأكثر من نصف النوم بعدما كانت ثلاث ساعات متقطعة هى القاعدة لا الاستثناء ! 


ماذا إذن عن نوم متصل لساعات طويلة تواصل بعده يومك و أنت لا تحتاج إلا مزيداً من النوم..و  أنت تشعر أنك إذا جلست صامتاً لمدة خمس دقائق فقط فستقع رغماً عنك تحت تأثير النوم..حتى فى ساعات صحوك تشعر أنك لا تشعر.. حينما تفقد القدرة على الانتماء لأى حالة بشكل واضح..هل عاهدت ذلك الإحساس من قبل..حينما تكون تائهاً ؟


  ألم يحصر الطب  حالة ما يقوى صاحبها على الخروج و العمل و التحدث إلى الناس و هو يشعر أنه غير مستيقظ..غير حاضر...ألا يقولون أن بعض الحالات الطبية التى تعافت من غيبوبة ما  شعرت وكأنها تمارس حياتها الطبيعية  فى حين أنها كانت فعلياً فى غيبوبة.. ..يحتمل الأمر إذن العكس  أن تمارس حياتك الطبيعية و أنت تشعر أنك فى غيبوبة ..فى حين أنك فعلياً هنا ..متواجد..و لكنك هناك..فى عالم أخر..حتى أنت غير قادر على تحديده..كل ما تدركه جيداً انك لست هنا !


إرهاق ؟
تبدو إجابة مثلى للتخلص من كل تطفل ..أو تذمر من نومك المتواصل .. تبدو إجابة مقنعة حينما تعجز عن الشرح.


هل هو إرهاق حقاً؟
تبدو كذبة عظيمة إذا حاولت تصديق ذلك.." ما أنت عارف نفسك مش محتاج تحليل شخصية " 



كل ما يحيرنى فقط ..أيهما أقسى ..نوم يغيب عنك لوجع ما..أم وجع ما يُغّيب عنك حياتك بفعل النوم ؟!

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

عودة

و لنعيد الأشياء سيرتها الأولى..يوم أن كانت نظرتنا نحو كل بسيط مغلفة بالرضا..يوم لم نتطلع إلى كل هذا الزخرف الخادع..يوم كنا فى طرق مختلفة، فلم يضنينا البحث عن طريق واحد..يوم كنا تائهين فى عالم  رحب واسع ،قبل التيه فى عالمنا الضيق الخانق.. يوم كنا قادرين على العيش مع واقع ليس جميلاً و لكنه كان قادر على إستيعابنا..


ولنعيد الاشياء سيرتها الأولى..قبل قدرتنا على الحلم..قبل تطلعنا لما ما لسنا فيه وغير قادرين على إمتلاكه..قبل أن نكتشف خيبة عدم القدرة على الوصول بالحلم لحيز الملموس،،قبل إكتشاف ألم الخذلان و مرارة الوجع.. 


ولنعيد الأشياء سيرتها الأولى..يوم لم يهز أعماقنا شىء..يوم كنا أعتى و أشرس مع الحياة..قبل إكتشاف حقيقة هشاشتنا..وعمق ضعفنا..يوم كان الاستمرار شعارنا تحت أى ظرف..يوم كان الوقوع استثناء الاستثناءات فى لحظات لا تدوم طويلاً..


و لنعيد الأشياء سيرتها الأولى..قبل أن كنا نشعر..يوم كنا قادرين على التحكم فى أنفسنا وكل شىء حولنا..قبل صخب القلب ..يوم سكونه و سكوننا و سكون عالمنا..يوم كنا نختار ألا ندخل فى تلك الدائرة المفرغة ..يوم كنا مرتضيين بأن نظل على حدود الدائرة دون المساس حتى بأطرافها..و إلا الإنجراف..كمثلث برمودا..يلتهمك داخله فى لحظة فتذوب و كأنك لم تكن..دون أن تتاح لك حتى فرصة العودة  ليعرف أحد  عن مآساتك يوماً..إذن فلننج بأنفسنا من هذا..و نعيد فحسب الأشياء سيرتها الأولى قبل أن يكون مصيرنا الذوبان فى منطقة لا تؤدى لأى مكان .


و لإعادة الأشياء سيرتها الأولى..فقط دعنا ننتهى من كل هذا الشىء الملتبس..نعود أدراجنا الأولى .. ربما دوائرنا بلغة الحساب.. لا يجوز لها  التكامل و لا الإتحاد !

الأحد، 29 سبتمبر 2013

بهجة اللامنطق :)

صباح جميل..


فى الواقع لم يتغير شىء من الأمس إلى اليوم..لم تحدث معجزة تخلص روحى من آثار الليلة الماضية التى قضيت فيها ساعات لا بأس بها فى نوبة بكاء هستيرية..


لم أبك من وقت طويل جدا ً..حتى البكاء عجزت عنه لدرجة أكدت لى أننى فى مرحلة تجاوزت الطبيعى ..مرحلة من الحزن الشديد المصحوبة بمحاولة "استهبال" كبيرة..جعلتنى غير قادرة على الإنتماء لأى حالة بشكل واضح..فلا أنا  قادرة على أن أترك الحزن يتجلى..و لا أنا قادرة على ترك  مجالاً للاستهبال ليعبر عن نفسه كما ينبغى ويخدرنى عن مجابهة ذلك الواقع الذى لم أعد قادرة على معايشته بنفس الطريقة .


تخترق رأسى عبارات درويش: يحاصرنى واقع لا أجيد قراءته / فى البيت أجلس لا سعيداً ..لا حزينا ً..بين بين .


المهم ..صباح جميل

ألا يقولون أن معنى الأشياء ينبع من إحساسنا الذى نضفيه عليها..ربما لا تكون فى حقيقتها جميلة على النحو الذى نرسمه فى مخيلتنا و لكننا نستشعرها كذلك..فيستقر فى يقيننا بالفعل أنها جميلة.. إذن ربما لا يكون صباحى جميل ..لم يتغير بالفعل أى شىء فى تلك الساعات التى ذاب فيها ظلام الليل و ظلمة البكاء فى ساعات النور.. و لكننى أشعر ببعض النور .


هل أنا أصلا ً فى حاجة لأن أفسر لما أشعر ببهجة غير منطقية ..هل ثمة ما يُفسد أى بهجة أساساً سوى محاولة مَنطقِة إحساسك و إخضاعه  للتحليل  و السماح لعقلك بممارسة فنون القتال مع ما يسرى فى روحك من إحساس . . ربما أحياناً يكون الغرض..كل الغرض من  إحساس  ما يستودعه الله قلبك هو فقط أن تعيشه..تستمتع به على سجيته و إرتباكه و غموضه ، قبل أن تحوله لأكواد ترسلها لعقلك فتبدأ بهجتك اللامنطقية فى التلاشى مقابل علو صوت العقل  الذى يقارب على دغدغة أنسجة رأسك.


نعم من العقل التحلى ببعض العقل..و لكن فليذهب العقل و المنطق إلى الجحيم الآن ..الآن تحديدا ً أريد أن " أخطف من الزمان لحظة غير منطقية " ..فهل لى ذلك ؟



إذن صباح جميل
قررت أن يكون صباحى اليوم جميلاً،و على نحو غير ما آلفته سابقاً..اليوم سأؤجل بعض الأعمال التى كان ينبغى الإنتهاء منها..بالقطع ليس هذا الجزء غير المألوف..ما أعنيه هنا أننى سأجعل الأمور تسير بشكل عكسى ..ربما  أنا الآن أثور بشكل غير منطقى على كل ما هو منطقى..
 كان المنطقى فى نظرى للأمس فقط أن أنهى أعمالى أولاً و لذا كنت أؤجل فى المقابل أِشياء كثيرة..مواعيد..لقاءات، ماذا إذن لو أجلت تلك الأعمال الهامة لحساب تلك الأشياء الكثيرة..و المواعيد ..و اللقاءات..غير منطقى أليس كذلك؟..إذن فهو المطلوب !



كانت صديقتى تلك قد هاتفتنى منذ عدة أيام.. لم أرها  ربما منذ سنتين ..طلبت منى أن نلتقى..وكعادة كل مكالمتنا ظل المعاد معلقا ً ليوم ما..


استيقظت اليوم و هاتفتها : " النهاردة الساعة 4 ..نتقابل و نشوف هنروح فين ".
تعجبنى دائماً اللقاءات غير المرتبة بدقة..لصدفة غير مفهومة استمتع بها دائما ً أكثر من أى شىء أعده " بحنتفة" ..


الحنتفة أمر ليس مرهقاً فحسب .. بل بائس أيضاً، ربما من فرط رغبتك فى أن يسير كل شىء على النحو الذى تصورته فى رأسك ،تتمكن  بعض التفاصيل التافهة  من تعكير مزاجك.. لا لأنها تستدعى إنتزاع و تعكير المزاج حقاً ، و لكن لأنها فقط خرجت عن السيناريو المحنتف الذى ابتدعته رأسك..ربما لذللك يقولون إذا أردت أن تحيا سعيدا ً فتوقع قليلاً..


إذن سأدع الحنتفة جانباً ..فقط سأقابلها، و إلى حيث ستذهب بنا أقدامنا ..سنذهب..هو أمر أشبه بأن تفاجىء نفسك ..و أنا اليوم أشتهى من نفسى مفاجأة الخروج عن المألوف ..تنتابنى حماسة شديدة..و بعض البهجة الحمقاء غير المبررة..أشعر أننى فى موعد مع نفسى لأفاجئنى بمفاجأة قررت أن يكون موعدها اليوم و لكننى لا أعرف تحديداً ماهى، وفى الواقع ..يروقنى ذلك كثيراً  . 

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

عدت الأيام عليا


كلفتنى مديرة التحرير التى وضعتنى تحت الإختبار   بإعداد تقييم  review  لألبوم عمرو دياب الأخير ،، و بعد محاولة من جانبى باءت بالفشل لإقناعها بأننى لست مؤهلة للقيام بتلك المهمة ، أمسكت ورقة و بدأت أكتب :


عزيزى القارىء..استمعت مؤخرا ً لألبوم عمرو دياب " الليلة " لأننى كنت صريعة حالة من الاكتئاب السياسى الإنسانى الأخلاقى ،دفعتنى للهروب للموسيقى، صدقنى أنا عادة لا تعجبنى ألبومات عمرو فور الاستماع إليها..و لا أعرف سبب منطقى وراء ذلك، و لكننى عادة أستغرق فترة إلى أن تعجبنى أغنياته..ربما لأن حالة من الإعجاب المبالغ فيه من كل معجبيه تفرض نفسها على الموقف بمجرد صدور ألبومه تنعكس على ّ بشى من المقاومة فى البداية إلى أن أبدأ فى تذوق الأغنيات..لكن تلك الحالة لم تنتابنى فى هذا الألبوم..أعجبتنى أغنياته دون أى سبب وجيه.. فقط أعجبتنى.


هل يعجبك هذا التقييم عزيزى القارىء؟  أليس كل تقييم مخلوط ببعض الذاتية المنعكسة من شخصية من يحاول التقييم .. هذا هو تقييمى إذن ..أعجبنى الألبوم.. لذا فلست بصدد أن أسترسل ساردة كلام مستهلك حول الكلمات و الأغانى و شكل عمرو الذى بدا صغيرا ً فى البوستر.. دعنا عزيزى القارىء ننتقل من هذا الاستهلاك و االإبتذال لمدرسة جديدة فى التقييم نبتدعها الآن أنا و أنت ...ماذا لو تناول كلا منا أغنية ما من الألبوم و حاول سرد تجربة من حياته فى ضوئها ..أليست لعبة جميلة ستدفعك للاستماع لكل أغنية فى الشريط بدقة متناهية لإختيار الأغنية الأقرب لتجربة حياتية لديك ..سأبدأ بنفسى ..ربما لا أريد أن أبدو كئيبة و أتناول أغنية " سبت فراغ كبير " رغم أنها أول ما طرأ على ذهنى ..و لا أبدو محملة بقدر كبير من الشجن إذا ما تحدثت عن أغنية " و أهى ذكريات " ، و لا أريد أيضا ً أن أبدو كمن يصارع الإنتظار إذا ما بدأت بأغنية " فوق م اللى أنت فيه "..ممم ..إذن ربما سأختار " عدت الأيام عليا " ..نعم...إنه أختيار مثالى لأشاركك عزيزى القارىء ..كيف عدت الأيام المنقضية عليا :


كانت الأيام المنقضية قاسية بعض الشىء..ربما كانت قاسية جدا ً
كانت فرصة لأن أجلس طويلا ً مع نفسى..صرت مدمنة لذلك الضوء الأصفر الخافت المنبعث من إنعكاسات أنوار خارجية..أغلق شباك الغرفة إلا قليلا ً بما يكفى لدخول ذلك الخط من الضوء الأصفر ..كنت أشعر أن القصة بأكملها ملخصة فى ذلك المشهد: هدوء فى الغرفة لا فى نفسى.. ظلام حالك فى الغرفة و فى نفسى..شعاع خافت من النور مسلط من الخارج على ّ
ربما كان ذلك الإختلاف الوحيد..شعاع خافت من النور منبعث من داخلى متمردا ً على كل ذلك الظلام داخلى و حولى ..ربما تبدو كذلك القصة أكثر دقة.



كانت الأيام المنقضية مبشرة ..مبشرة بعض الشىء
صرت أكثر إنصاتا ً لنفسى..أكثر قدرة على التحديد بين ما أشتهيه و بين المفرووض.. عاهدت نفسى على التحلى بشجاعة القدرة على التنفيذ..على إتخاذ خطوات فعلية لمغادرة حدود الحلم وصولاً لحيز تحقيقه..على تحفيز نفسى وتحفيزها و تحفيزها و تحفيزها..على مواجهة خوفى و قتله فى كل مرة يتجسد لى فى صورة عقبة ما..عاهدت نفسى على أن أنفض غبار الخذلان من فوق روحى..و معه أكسر كل تلك السلاسل لأترك لروحى المجال قليلاً لأن تستمتع بالعالم على سجية..سجية ما أشتهيه فعلا ً..دون تحفظات سخيفة ..أو خوف جبان.


كانت الأيام المنقضية صادمة..صادمة للغاية
تكسرت أمام عينى ثوابت ..أو بالأحرى ما كنت أحسبه ثوابت..تكسر معها جزء منى .. استغرقت وقت للفهم..و لتجاوز الأمر ..أو ربما لمحاولة المرور فوق ما حدث..يختلف الوضع عن محاولة تجاوز أمر ما..أن تتجاوزه يعنى أنك نجحت فى المرور من ذلك النفق الضيق ..من تلك المرحلة السخيفة..تجاوزتها بكل ما فيها من ألم، اما ان تمر فوق ما حدث فتعنى أنك يجب أن تسير..تواصل ..تستكمل بكل ما فيك من ألم ..تستكمل لأن يجب على التروس أن تدور و إلا طالها الصدأ.



كانت الأيام المنقضية موحشة..موحشة جدا ً
كنت بعيدة تماما ً عن روتين حياتى المعتاد.. عشت لحظات قاسية من خواء مفزع أفتقدت فيه كل ما ألفته سابقا ً من أشخاص و أحاديث و ...الخ ،، كانت فرصة جيدة لأدرك أن على المرء أن يحيا كل لحظة و يعيشها للمنتهى..تلك العبارة المستهلكة صدمتنى حقيقتها .. كل لحظة تنقضى و كنت تتذمر منها ربما تفتقدها فى يوم ما و  تتمنى لو عاد بك الشريط تماما ً عندها..ربما على المرء أن يخلع عن نفسه عباءة إنتظار ألأفضل و يحاول الاستمتاع ما بين يديه ..هل ثمة ما هو أفضل من ذلك ؟!




تنويه لابد الإشارة إليه :  قامت مديرة التحرير بخصم جزء من راتبى بعد أن تسلمت ما كتبته ،، ربما لم يعجبها إختيارى لأغنية "عدت الأيام عليا "  و كانت تنتظر أن اتناول أغنية أخرى..يمكن !

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

على صعيد إنسانى

إنها تلك المساحة التى يُسمح لك فيها بالحديث إلى نفسك بصوت عالى ..بتوثيق كتابى يمكنك الرجوع إليه كشاهد على مرحلة ما من حياتك..


و انا اليوم أشتهى أن أحدثنى ..أن استمع إلى َ فى محاولة منى لفهمى !
و ليس لى إلا تلك المساحة لتحتوى ضجرى و ألمى و حنينى و إرتباكى ..وتحتوينى كلى ..و ليس لى من دون الكتابة وسيلة للتوثيق ..ولا سوى كل هذا الارتباك مادة مجدية للكتابة .
إذن من أين أبدأ ..


من ضجرى .. هو ضجر ممن أوصلنا جميعا لتلك المرحلة من الاعتراك لا السياسى ..فالوضع السياسى بات لا يعنينى فى شىء..ملعونة الكراسى و السلطة ..و لكنها حالة إعتراك إنسانى كفيلة بأن تسقطك صريع الاكتئاب حينما تدرك أنك كإنسان لا قيمة لك ..دمك لا يعنى شىء..عرضك لا يساوى شىء..انت يا من تمثل عظمة السر الإلهى.. على الأرض لا تساوى شىء.. و السخرية أن من قرر أنك لا شىء..هو أيضا ً إنسان،،و لكن بحسبة تبعد ألاف السنين الضوئية عن العقل و المنطق و لسبب غير مفهوم..انت انسان لا تساوى شىء..و غيرك إنسان يساوى كل شىء..و القضية نسبية..إنسانيتك تقاس بفكرة تعتنقها لا بروح بثها الله فيك.. إذن انت لست إنسان طوال وقت..ياللسخرية..انت إنسان نسبى حسب أفكارك!



من ألمى .. انا حقا ً موجوعة.. الوجع النفسى يمتد لينعكس على جسدى.. رغبة مفرطة فى ألا أغادر الفراش لأن لا نفسية تحتمل الإختلاط بالبشر و لا جسد قادر على أن يحملنى..و كيف له أن يحتمل وجع حقيقة أن  عالمك يعيد ترتيب أوراقه منك.. لأن فكرك لم يعد كفكر سكان هذا العالم.. بالقطع أقصد عالمى الصغير من المقربين.. فجأة أصبحنا نعانى إغتراب من نوع ما..لأن أفكارنا لم تعد على نفس الخط.. مازلنا نسكن نفس العالم..و لكنه بات أضيق من أن يحتوينا بكل هذه التصنيفات المتطرفة التى أصبحنا نلصقها ببعضنا البعض عبثاً..تقتلنى حقيقة أنه أصبح من العقل ألا تتناقش مع كل هؤلاء المقربون لقلبك حفاظا ً على ما بينكم.. حقيقة أنك ستكتشف ان علاقات كثيرة كنت تحسبها عميقة أصبحت هشة لدرجة مخيفة بفعل قضية لم تتكشف بعد حقيقتها..بينما كشفت لك حقيقة اننا جميعا ً تحولنا لكائنات شرهة..شراهتها ليست دفاعا ً عن معتقد فى المقام الأول بقدر ما هى شراهة لنسف من يخالف هذا المعتقد دون أن يتأكد لنا سلامته من الأساس و ما إن كان يستحق أن يحولنا لمسوخ بهذ الشكل.


من حنينى .. يا الله..إنه حنين جارف..قاتل لكل تلك الأيام التى لم يكن يعرف الوجع إليها طريقا ً..كان وجعها مقارنة بالأوجاع الحالية..ترهات ..مجرد ترهات ..و للسخرية فهذه حقيقة مبكية أيضا ً أن تكتشف ان المآسى تتطور لدرجة تجعل  مأساة مقارنة بمأساة اخرى ..لاشىء...هل ثمة مأساة أكبر من ذلك !.


من ارتباكى..ارتباكى الجميل الذى طحنته ظروف جعلتنى أشعر انه من الانانية ان أفكر فى نفسى متناسية كل ما نعيشه اليوم.. ارتباك جميل  توارى وسط كل هذا الضجر و الالم.. ثم استيقظ رغما ً عنى متحالفا ً مع الحنين ليثبت لى أنه أقوى من التجاهل و أننى أضعف من تلك القوة التى زعمتها فى نفسى ..انه ارتباك..مؤلم..موجع..قاس..جميل !


الاثنين، 29 يوليو 2013

بالعكس..بالعكس..بالعكس ♪

الحياة باتت متشابكة لدرجة تتطلب حياة كاملة فى الفهم..فى محاولة الفهم فقط.. فلم  يعد من الكافى  أن تحكم على شخص ما من خلال تصرفاته..الحياة أعقد من ذلك بكثير..ربما ستصادف أحيانا ً من تحكم عليه " بعكس " ما يفعل..يبدو الأمر جنونى للغاية و لكنها حقيقة 



 بدعوى الخوف أحيانا ً قد تفعل عكس ما ترغب .. تجنبا ً لسلك طريق طويل من " وجع الدماغ" لست فى قمة استعدادك لمواجهته  قد تفعل عكس ما تشتهى..ربما لا يكون خوف بالمعنى الحرفى للكلمة..و ربما هو أيضا ً ليس جبن و إن أحتمل التصنيف تحت كليهما..و لكن يمكن جدا ً جدا ً أن يكون هو الخيار الأسلم  لك خاصة انك فى النهاية مجرد إنسان طبيعى يسعى فى الإتجاه الذى يجعله يأمن نفسه و حياته..حتى و إن لم يكن هو الطريق الذى ترغبه..و لكن قد تختاره لمجرد انه " الأسلم " ! 



 بدعوى الحب أحيانا ً..قد تظهر عكس ما تخفى ، يحتمل الأمر ان تكون واحدا ً من هؤلاء ممن يخشوا على القوة التى عهدوها فى أنفسهم بفعل  ذلك الإرتباك الجميل..فيتصور بالخطأ أن ضعفه حينما يحب ينتقص شيئا ً منه..يتداخل الخوف مع الموقف فلا تجد مناص إلا أن تقول عكس ما تود..أن تصمت مقابل رغبة حقيقية فى الكلام..أو أن تفعل عكس ما تتمنى  محاولا ً بذلك أن تدرأ عن نفسك ما تحسبه شبهة ..فى حين أنك و ببعض التدقيق ستجد أنك تحرم نفسك من لحظات لا يمكن أبدا ً إستردادها .. و تضّيع على نفسك فرصة الإستمتاع بها لجمود فكرك .



 بدعوى عدم النضج أحيانا ً..قد يصدر عنك عكس ما تريد ..قد يكون إنفعال لحظى..أو تقييم خاطىء لموقف ،فتندفع للتصرف بشكل أهوج عكس ما تريد تماما ً.." حاول ان تتعامل مع هذه النقطة بشى ء من عدم القسوة على نفسك..لولا الخطأ لم تكن أبدا ً لتعرف الصواب" .
  



بدعوى الفهلوة أحيانا ً..قد تجد من يرتكب حماقة  بفعل عكس ما يتمنى فعله ..تماما ً كطريقة بعض البائعين فى أن يظهر لك أنه غير متمسك بالبيع لك  و أن ثمة الكثيرون من الزبائن يتهافتون على الشراء منه ..هو يعلم جيدا أنك ستعود..بل و يتمنى البيع لك أكثر ما تتمنى أنت الشراء..لكنه يعلم ..يعلم أنك ستعود..فيبدى لك " أنك مش فارق معاه" ..فى حين أنك " فارق جدا ً" ،نفس المنطق بالمناسبة يتبعه البعض كأسلوب لإدارة علاقاتهم الشخصية تحت شعار " التقل صنعة " ..هو أيضا ً نوع من الفهلوة التى لا أفضلها و إن كانت تنجح أحيانا ً..بل ربما أحيان كثيرة..لكنها ستدفعك بلا شك للإصطناع و التكلف بما يُفقد العلاقة طبيعتها..و عفويتها .

 



ما ستدركه مع الوقت أن المسألة أكثر تعقيدا ً من التحليل السطحى للأمور على النحو الذى تبدو عليه..و أن كثير من الأمور قد تتمكن من الحكم عليها إذا استطعت تفسير الكامن لا الظاهر فيها.. و أعمق ما ستدركه إذا تمكنت من فعل ذلك ..أنك ستدرك  أننا " مجانين " ..كلنا مجانين ..لا أستثنى أحدا ً !
 

الجمعة، 26 يوليو 2013

إختذال

لست فى مزاج جيد للكتابة

لست فى مزاج جيد للكتابة .. و كل ما أريده هو الكتابة

صدقنى فى السطرين السابقين تلخيص و إختذال للقصة بأكملها ..لا تسأل و اكتفى بقراءة متأنية لهذين السطرين ..التمس ما ورائهم  ..و إن فشلت فى الوصول لما أقصد..ربما سأقرضك حينها كلمات مفتاحية قد تساعدك : الأضداد تؤذينى ..و التضارب ينهكنى..و المشهد يأبى الإكتمال ..و أنا آبى التوقف  !

الخميس، 27 يونيو 2013

أحزان صغيرة كبيرة

 - ما هو التعريف الأمثل للحزن؟ 

- لماذا اصلا ً مهتمة بمعرفة تعريفه..هل سيمنعك ذلك  من الإحساس به؟


 - صمتت لحظات و بدا عليها بعض الإحباط ثم قالت :  أريد فقط تضييق التعريف .. ليس من المنطقى أن تصيبنى تلك  التفاصيل الصغيرة بالحزن..ربما لذلك أسأل ..هل تتملكك  أيضا ً تلك النوبة من الوجع  لمجرد تفاصيل صغيرة تجاوزها غيرك دون ملاحظتها أم أننى إعانى إنحراف ما فى إحساسى  ..ألا يعد ذلك سطحية ..ألا تَعتبر ذلك سذاجة ؟ 


-  السذاجة أن تحاولى تفسير إحساس غمرك..تماما ً كما فى الحب ..يقولون أنه يسمى الوقوع فى الحب لأنه يأتيك عكس كل توقعاتك ، حتى و إن كنت متصالحة مع خطأك فى الحب لا ينفى ذلك الإحساس بالحب،، و الحب و الحزن يا عزيزتى متشابهان ..متداخلان ،يقترن أحدهما بالأخر ، فالحزن أيضا ً إحساس لا يهم إن إصابك لكبيرة  أو لصغيرة..فى النهاية هو إحساس موجع للروح ، حتى و إن سفه السبب فلا ينفى ذلك الحزن..الإحساس بالحزن..ربما فقط  مع صغر السبب تمكنتِ من سرعة تجاوز الأمر.. و لكن لا ينفى ذلك أيضاً الإحساس فى حد ذاته.




 - أتعرف ..ربما لا يكون إحساسى بالوجع لصغائر الأمور حزن..ربما هو "خذلان" .. يقولون أنه فى مرحلة ما ..عند نقطة ما من الخوف  تتساوى كل المخاوف بعدها ..الأمر مماثل مع الحزن أيضا ً ،فعند مرحلة معينة من الحزن تتوقف..لا يمكنك عندها الحزن أكثر ..تستطيع بعدها التعايش و لكن بشعور خفى يلازمك دائماً ..شعور من فرط ملازمته لك يُهيأ لك أنه أختفى ، لكنه فى الحقيقة ذاب فقط بداخلك.. توحد معك للدرجة التى قد تخدعك أحيانا ً.. فى حين أنك فى الحقيقة تستيقظ من النوم و يستيقظ معك..تواصل يومك و هو داخلك..تتجه لفراشك أخر اليوم و أنت تجره معك لوسادتك..  كل ما فى الأمر فقط أنه يتحول مع الوقت من صورة حزن جلى يعيقك عن الاستمرار لخذلان خفى تحمله معك أينما كنت..وقتها لا تكون حزين..تكون شاحب ..مخذول !



هل تفهم ما أقصد بالخذلان..ذلك الإحساس بالشحوب ..بإنسحاب الروح من روحك..بإنتظار لم يتعد كونه إنتظارا ً ....بدعم لم تتلقاه.. و بتلقى ما لم تكن يوما تنتظره من الأيام..بحلم لم يكتمل ..بسيرك عكس المنطق لمجرد إحساس أحمق بداخلك..إحساس لا يكتمل أبدا ً..بإستيقاظك صباحا ً متصالحا ً مع ذلك الوضع المزرى لحياتك و مرتضيه ..الخذلان هو أن "تصاحب" حزنك ..أن يعيش معك و تعيش معه متقبلاً إياه..ألا تعد تنتفض لإحساسك  بالحزن..أن تعتاده تماما ً و تألفه.. ربما تصبح هنا الحياة أسهل بعض الشىء..و لكنها بلا شك تتحول لحياة باهتة ..منطفئة البريق..تصبح حينها الحياة بلا حياة .


 

- تجمد لحظات توحى بإستماع عميق  و أجابها ..ربما لم أكن لأعطيك جوابا  ً أعمق من هذا ..هذا ليس خذلان يا عزيزتى..ربما هذه هى أقصى.. و أقسى درجات الحزن !  

الأحد، 23 يونيو 2013

إيام فى الإشارة

أعود اليوم بتدوينتى تلك للهدف الأساسى الذى ُأبتكرت لأجله المدونات : توثيق الحياة الشخصية .


ربما يعانى الخيال عندى  قصورا ً ما يحول دون كتابة جيدة  .. أو ربما.. ربما أعانى حالة إحباط وطنى مهما جاهدت نفسى و أصطنعت تجاهلها يسيطر على ّ فى النهاية شعور بالقلق أو عدم الإرتياح أو ربما الخوف .. أيام لا تسير بسلاسة ..ثمة ما يعيق إنسيابية الأحداث  و كأن كل الأيام تقف فى إشارة مرور أكثر سخافة من إشارة روكسى ..أبواق سيارات مزعجة..زحام يجعلك تضيق بكل من حولك..تماما ً تماماً ينطبق الوضع على الأيام..فقط  إستبدل الأبواق بأفكارك المزعجة و لا تندهش إذا لم تعرف سببا ً واضحا ً لزحام حياتك ..ألم أقل أن الأمر يتشابه لحد كبير مع الزحام المرورى ..لكن المبشر فى النهاية أنه سواء تم التوصل لسبب الزحام من عدمه.." بتمشى ف الأخر"!



أحداث متشابكة و متداخلة ..تجعلك تشعر بالضآلة أمامها ..تعجر فى معظم الأحيان عن التفسير وفك طلاسمها ..أو ربما ترتضى عدم الفهم لأنه يكون أقل وجعا ً من الفهم..أيام تستفزك فيها و تقلقك وقد تبكيك هما ً أو سخرية ً كل تلك الدوائر المتشابكة من الهزيان ..هزيان على كل المستويات..هى حالة أشبه بفترة إنتقالية شخصية تتشابك فى فترة إنتقالية وطنية ..و المحصلة  أيام ثقيلة على القلب !



و لأن كل الطرق تؤدى إلى روما ..أعود لنفس النقطة..لنفس الحالة..يهرب منى الخيال..أحاول أيضا ً أن أهرب..أقرأ..أقرأ كثيرا ً ..أستمع لكل تلك الأغانى ..أستسلم للعمل بشراهة ..لا أتخيل يوما ً مثلا ً أننى سأواصل ثمانى ساعات  من العمل المنهك للدرجة التى تجعل زملائى يجبروننى على مغادرة مكان العمل بعد أن بدا الإجهاد على ملامح وجهى..وقتها و لحظيا ً أستغربت مقاومتى لفكرة ترك المكان و تمسكى بمواصلة العمل ..لا أتذكر شىء سوى أننى فجأة وجدت الجميع يأمرنى بالمغادرة قبل أن أسقط من حمى العمل ..هنا تماماً وافقتهم بإستسلام تام..فى اللحظة التى وجدتنى فيها أجادل لأواصل..توقفت ..لملمت أغراضى و رحلت.. كان ينبغى وقتها أن أرحل ..أن أكف عن الهروب ..أن أختلى بنفسى فى محاولة لمعرفة من أى شىء أهرب..


أحاول من جديد أن أندمج فى حياتى بطبيعية ..أجاهد للإندماج..فأجدنى أهرب من  جديد..أهرب بالقراءة و الأغانى و الإستسلام للعمل..  يلتصق فى مخيلتى مشهد مايسترو التايتنك حينما أصر على مواصلة العزف وقت غرق السفينة ..تتجسد صورته أمامى فى كل مرة من مرات الهرب ..إما أن ما يفعله كان قمة القوة ..أو قمة الضعف .. تنتهى كل محاولات الإلهاء بعد نجاح نسبى ..و لكنها تنتهى..ينتهى مفعول الموسيقى و القراءة و العمل و لا يبقى إلا الإنهاك منه، ينتهى الأمر بأن تجد نفسك وسط تلك الدائرة المفرغة مرة اخرى..تلك الدائرة التتى تمتزج فيها الآمك الشخصية بآلام الوطن .



أواصل الهرب ..صرت عبقرية فى ذلك ..يضيق صدرى ..أستشعرها خيانة لحظية أن أغمض عيناى متظاهرة بعدم الرؤية..أتجه للكتابة ..أستشعره عدم نبل من نوع ما أن  أكتب عن أى شىء أخر..أهربى هروب نسبى ..يبدو ذلك حلا ً مقبولاً ..أهربى للكتابة و أكتبى عما تهربين منه..يبدو حلا ً مثاليا ً للغاية..أجد فى النهاية أننى لم أهرب..يا الله ..أنا أسيرة تماما ً و لم أهرب كما كنت أتصور..هو منطق أشبه بأن تقرر ألا تفكر فى أمر ما..تعاهد نفسك كل لحظة ألا تفكر فيه..تردد على نفسك : لن أفكر ..لن أفكر ..لن أفكر ..فتكتشف فى النهاية أن كل ما تفعله هو أنك تفكر فيما تظن أنك نجحت فى تجاوز التفكير فيه .
 

الخميس، 13 يونيو 2013

عن بنت اسمها شيرين

ربما هى أصدق ما أملك.. عليك ِ أن تعرفى أننى حينما أقرر الكتابة أكون فى حالة يعجز لسانى فيها عن التعبير ، فتنصفنى يدى بالكلمات

فإذا كانوا يقولون عن الصورة أنها وسيلة أسر لحظة لتخليدها..فصدقينى أن الكلمة هى وسيلتى لأسر حالة شعورية لتوثيقها ..و صدقينى أنها أصدق ما أملك..بلا زيف ..و بلا مجاملات ..و بلا عائد على ّ إلا الصدق أكتب..أكتب لأنها وسيلتى المنزهة عن أى شائبة تشوه ما أستشعره ..وسيلتى المنزهة عن كل شىء و أى شىء إلا الصدق.

و أكتب أيضا ً لك بلا مناسبة ..سوى الصدق..و للحق أيضا ً لأنها قناعة لدى بأنه إذا لم يصل لمن تحب أنك تحبه..و إلى من يحتل معزة فى قلبك أن له تلك المكانة المميزة بداخلك..تنقطع الإنسانيات..و تصبح الحياة إستمرار..فقط إستمرار بلا معنى .


أما السبب الأقوى ..فلأنك و بلا أدنى شك.. " تستحقين" الإحتفاء ..لذا دعينى أخبرك قليلا ً عن نفسك مما قد تجهلينه أنت ِ وصدقينى قد يجهل الإنسان ما هو عليه أحيانا ً و يحتاج للتذكرة..يحتاج لمن يردد عليه ماهيته التى قد تضل عنه أحيانا ً و تشوشها ظروف الحياة فى نظره  :

ش



أنتِ شجرة تنبت عطاء لكل من حولك دون أن تدرى بأنك تبذلين الكثير ..الكثير جدا ً للغير..هو نوع راق من الإيثار بالمناسبة.. و تتصورين بالخطأ أنك لا تفعلين ما هو مميز ليتذكرك غيرك به..لكن أوتعلمين  ربما تصورك هذا فى حد ذاته سرا ً لجاذبية قلبك.


ي


أنت يقينى بأن كل جميل فى الحياة لابد و أن يُحاط بهالة من ألم ما..من وجع ما ، ورغم أنك تتصورين أن تلك الهالة المحيطة بك من الأوجاع ترديك ضعيفة و تنهى بداخلك حقبة من الأحلام لم تمتلكينها يوما ً على النحو الذى يرضيك..إلا أننى أجزم لك أن قوة غير عادية تحيط بهالة أوجاعك تلك و تغّلفها بإحكام على النحو الذى يترك من أمامك فى حيرة من أمرك..هل هى ضعيفة أم قوية..لكن أوتعلمين ربما عدم إيمانك بأنك قوية بهذا القدر  يجعلك تبدين أقوى .


ر


أنتِ  رقة موزونة بقدرة عالية على إسترداد الحق ..رقيقة جدا ً للدرجة التى قد تجعل بعض الحمقى يتجاوزون فى حقك أحيانا ً ..و قادرة جدا ً على أن تستردين حقك ممن سلبك إياه بقوة قد لا يتصور هؤلاء الحمقى أنها قد تقترن بتلك الرقة أبدا  ً .. يبدو لك الأمر أحيانا ً على أنكِ متناقضة  و تكرهين ذلك فى نفسك بحجة أنه إدعاء على الغير ..لكن أو تعلمين ربما تلك هى المعادلة التى يفشل الكثيرون فى تحقيقها



أنت ِ رفيقة روحية لكل قلب يطلب عون..رفيقة بالتفكير ..و الدعم..و المحاولة لإسعاد ذلك القلب الذى يهرول لك ِ طالبا ً الإختباء فى رفقتك من ألم ما طاله..فى رفقتك مُسّكن بالغ الفعالية ..دون أن تدرى أنت ِ ..و لكن أوتعلمين ربما عدم درايتك بأن رفقتك لها ذلك التأثير أكسبها تأثيراً مضاعفاً.  
 

ي


أنت ِ يقينى بأن فرق السنوات بين القلوب المتآلفة ما هو إلا ترهات..لك تلك القدرة الرائعة على إذابة السنوات بينك و بين من تهتمين لأمره..ولكنك تؤنبين نفسك أحيانا ً بأن ذلك قد يفسح المجال  لبعض من يخطىء فى تقدير تلك المسافة التى قمت بإلغائها معه ، لكن أوتعلمين ربما إذابتك لتلك المسافات مع الغير ما هى إلا دليلاً على نقاء عميق..و قلب كبير. 


ن

  أنت ِ نفس تكسوها العذوبة ..تحيطها الطيبة ..يملؤها حب الحياة رغم أى ظروف.. تميزها القدرة على حب الغير بلا قيد أو شرط أو إنتظار مقابل .. تفوت على القلوب فى فترة صغيرة ..و أندهش كثيرا ً إذ لا تستشعرين كل ذلك فى نفسك..وهنا أجدنى أمام مفارقة أن البعض يجاهد بشتى الطرق أن يتجمل مستخدماً كافة أدوات التجميل الإجتماعية و لا يبدو برغم ذلك جميلا ً..و فى أنك و بلا أدنى قصد منك يظهر جمالك عفويا ً منزها ً عن أى تكلف..و مع ذلك لا تشعرين بحجم العذوبة داخلك.. لكن أوتعلمين ربما ذلك هو السر فيك..فى جمال روحك .


 
ملحوظة : حذفت اللقب السابق لاسمك..عملا ً بنصيحتك يوما ً بأن أحفظ البساطة حتى لا ينبنى جدارا ً سخيفا ً بيننا بفعل الرسميات  :)

الأربعاء، 12 يونيو 2013

منظور آخر


مشهد1: ( فى المنزل صباحا ً )


أيام متوالية من النوم المتقطع بعد ساعات طويلة أقضيها فى محاولة للنوم  يظهر تأثيرها المتراكم فجأة ، إستيقاظ مبكر تقتضيه ظروف العمل ، عظام متيبسة و بوادر صداع، مزاج متعكر إلى حد ما .


إفطار سريع أتناوله فى المطبخ دون إستطعام ما يدخل حلقى ..أتناول فقط ذلك الساندويتش الصغير خوفا ً من الهبوط الذى يداهمنى فى الصيف دائماً ، خاصة مع ذلك اليوم الطويل المُسجى الذى على ّ مواجهته.


دقيقة و يغلى الماء..أنتظر فى المطبخ و أنا أحملق فى اللا شىء..أسكب النسكافيه فى المج و من فوقه الماء و بعض اللبن ، أبدأ فى التقليب ،ثم أنتظر ثوانى فى محاولة لإستجماع ذهنى ..هل وضعت السكر ؟  


ألتقط المج بعد أن أسكب بعضا ً منه سهوا ً ، ثم أتجه من جديد لفراشى.. أصبحت عادة أن أرتشف  مج النسكافيه الصباحى و أنا متكئة على فراشى و الأنوار مُطفأة..و بالمناسبة يزعجنى جدا ً إذا بادرنى أحدهم بإضاءة الأنوار قبل أن أستعد لذلك..بالطبع يتطلب الأمر إستعداد..كثيراً ما أتخيل أن تلك الدقائق التى تنقضى فى تناول إفطارى هى إمتداد لساعات نومى القليلة..أشعر فيها أننى مازلت نائمة و بالقطع يزعجنى أن أنام فى الضوء..فقط عند تلك اللحظة التى أنتهى فيها من إحتساء النسكافية أصبح فيها مستعدة لمواجهة النور..و مواجهة اليوم ، و ليس للنسكافيه شأن فى ذلك..يمكن إعتباره أمر نفسى .

مشهد 2: ( فى المواصلات )


تعكر المزاج ما زال يفرض نفسه لا على ملامح وجهى..و إنما على منظورى لكل الأشياء طوال الطريق..أشعر مع ذلك السائق الذى يسير عكسيا ً بينما يتعارك بوقاحة مع سائق الميكروباص الذى يسير هو الآخر عكسياً بينما يهاجم كلاً منهمإ الآخر لجرم السير عكسيا ً، و مع ذلك الميكرباص الذى يقف خلفه شارعا ً بأكمله إلى أن ينتهى من تبادل السجائر مع سائق الميكروباص المجاور أن العالم ملىء بالأوغاد.. حتى مجموعة الفتيات تلك اللاتى  تجلسن خلفى وتتبادلن مجموعة من القصص المراهقة ينقلن لى الإحساس بالإبتذال ..


أؤنب ضميرى طوال الطريق أننى لم أستقل تاكسى اليوم..حالة مثل تلك تتطلب عدم الإختلاط بالبشر لأقصى درجة ممكنة..أو ربما تتطلب الوجود وسط ناس لأننى لست فى أقصى درجات وعيى التى يتطلبها ركوب تاكسى فى مثل هذه المرحلة..لست قادرة على التحديد.


يشفع لى فقط وضوحى مع نفسى..ليس السائق الأول و لا الثانى و لا مجموعة الفتيات هم المشكلة..هى أشياء من فرط تكرارها تصل لمرحلة الإعتياد عليها..المشكلة فى تعكر مزاجى..فى منظورى أنا للأشياء و أنا فى تلك الحالة .

يتطور الأمر قليلا ً مع تلك الأغنية الشعبية التى يسمعها السائق و يفرض على الجميع الإستماع إليها عبرتشغيلها بدرجة صوت توحى لك بأنه أصم ، أو شرير ينوى إيذاء جميع الركاب " و العكننة عليهم ع الصبح " ، أو ربما هش المشاعر يحتاج دعما ً و مشاركة معنوية ، يتبادر إلى ذهنى ستاتس صديقتى التى كتبتها يوما ً على الفيس بوك : " ليه كل سواقين الميكروباصات مجروحين عاطفياً ؟! " – يتطور الأمر بأن تنقلب تلك المأساة الموسيقية لنوبة ضحك عارمة أصارعها لكيلا أنفجر أمام الجميع فأبدو كالبلهاء..و ربما أبدو على قدر أكبر من البلاهة و أنا أجاهد الضحكة  فأبدو كاللمبى حينما حاول كتم دخان السجائر حتى لا يتسلل من رأسه ..لا أذكر اسم الفيلم بالمناسبة.


تتسلل بهجة من نوع ما إلى قلبى..لا بفعل الأغانى الشعبية و إنما بتخيل مؤدوها وقت التسجيل ..تزداد البهجة و أنا أحملق فى السائق " اللى واخد الأغنية على قلبه "  ..ابتسم و أتابع النظر فى الطريق .


مشهد 3 : ( فى العمل )

أبادر زملاء العمل بالضحك المبالغ فيه ، بالتطرق لأحاديث مختلفة ، بالإستسلام للعمل بشراهة ، أتصور أن ذلك يحمينى من الإستفسار عن حالى ، أنا حقا ً بحال جيدة  ...إلا قليلا ً ..أو كثيرا ً ..أو قد لا أكون بحال جيدة.. ربما أنا مشوشة  و بعيدة عن الصفاء الذهنى ..إذن فالضحك المبالغ فيه وكثرة الأحاديث لا بأس بها..هى حل مقبول بدلا  ً من عناء الشرح.. أحسبنى نجحت فى "الغلوشة" ..إلى أن يسألنى أحدهم : " مرهقة ؟  شكلك تعبان " ..يفاجئنى السؤال و يدور فى ذهنى " و بالنسبة لكل التمثيل دة منفعش " ..أبتسم و أكتفى بقول " ما بنامش كويس " .

مشهد 4 : ( العودة للمنزل )



أعود بعد يوم مُسجى حقا ً ..حالة أشبه بالهزيان تنتابنى من قلة النوم و الإجهاد..الجديد نوبات من فقدان التوازن للحظات ثم أعود بعدها لطبيعتى .. جائعة و لا أقوى على تجهيز طعام لنفسى..أستقر على أن آخذ قسط سريع من الراحة و بعدها أتناول الطعام ..أجدنى أقم بتشغيل اللاب التوب.. أتصفح حسابى على الفيس بوك و أنا فى شبه غيبوبة ..لا أقوى حتى معها الضغط على زر الــ " لايك".



تعود حالة فقدان التوازن اللحظى من جديد..أرى أسماء أصدقائى تتداخل .. أرى ذلك الصديق الثورى ينشرمشاركات عن قائمة الأغانى الأجنبية الأفضل خلال الأسبوع ، و تلك الصديقة التى يغلب على ما تنشره ما يهم ربات البيوت قد باتت تتحدث  بفلسفة عميقة ، أدقق النظر فإذا بذلك البروفايل الوقور جدا ً يطل صاحبه و هو يضع بروفايل بيكتشر له أيام المراهقة ..معالجة ببرنامج عقيم بحيث تظهر بعض القلوب حول صورته ..


 أغلق شاشة اللاب توب ..

أستند بظهرى إلى الحائط أغمض عيناى لدقائق طويلة..غيبوبة تسمع معها كل الأصوات حولك بدقة..

أعيد فتح عيناى و شاشة اللاب توب..أعيد النظر فى صفحتى الرئيسية على الفيس بوك..فأجد صديقى الثورى يواصل ثوريته ..و صديقتى تطل على ّ بنصائح حول أفضل طرق تلميع الأسطح الخشبية ، أما الوقور فلا أجده قد نشر على صفحته شيئا ً منذ مدة ..كان أخر ما كتبه منذ أسبوع " لا يوجد ما يستحق التعليق  ."
أشعر بإرتياح إلى حد ما..ربما كان ما رأيته منذ قليل مجرد إرهاق أضفى على الأشياء  منظور آخر .


 مشهد 5 : ( على الفراش إستعدادا ً للنوم )



   إستيقاظ تـــــــــــــــــــام !